
مشاركة:
رحلة آذان الفجر … أُعطيَ لها الإذن بالعبور نحو الملكوت … والمفتاح حي على الصلاة ..
قام السيد وافترش مصلاه .. وكعادتها العائلة لبت دعوة المنادي
.. راحوا كباراً وصغاراً .. فتية وفتيات ، كل واحد منهم يحضر سجدة وقرآن .. وكتاب الدعاء .. حتى الرضيعة قامت .. شرعت بصلاتها بلغة لا يفهمها سوى الرحمن ، فقُبلت منها وإنضمت الى القافلة صفاء .. وتقدم ركب صاحب العمامة السوداء .. رافعاً تكبيرة الإحرام .. الله اكبر.. فكان دويها اقوى من حمم صبت فوق رأس العائلة وما منعتها صورايخ حقدهم من إكمال فريضة الصلاة فصلوا جماعة وكان وضوؤهم خضاب الدماء
كان فجر الثالث عشر من تموز الألفين ستة على موعد مع أولى المجازر الصهيونية التي إرتكبها العدو في جنوب لبنان حاصدة أجساد عائلة بأكملها مؤلفة من إثني عشر شخصاً بينهم سبعة أطفال في بلدة الدوير
إنها المجزرة التي روعت الإنسانية بمشاهدها المفجعة فأشلاء أطفال عالم الدين السيد عادل عكاش وعائلته كانت موزعة بين أنقاض المنزل السكني الذي غطت حجارته المتناثرة مئات الأمتاربعد إصابته بعدد من صواريخ الطائرات الحربية ليسجل الإرهاب الإسرائيلي أولى إنجازاته في عدوانه على لبنان
قرابة الرابعة إلا ربعاً من فجر الثالث عشر من تموز رمت المقاتلات المعادية منزل السيد عادل عكاش المؤلف من ثلاث طبقات بصاروخين أديا إلى محوه كلياً عن وجه الأرض.
وسوي البيت وأهله بالأرض ، فاستشهد السيد عكاش وزوجته وأولادهما العشرة جميعاً، وبينهم الطفلة صفاء التي كانت في شهرها السادس. و تناثرت أجساد العائلة أشلاءً.
وقضى في الغارة كل من : السيد عادل محمد عكاش (41 سنة) وزوجته رباب ياسين (39 سنة) واولادهما: محمد باقر (18 سنة)، زينب (13سنة)، علي الرضا (12 سنة)، غدير (10 سنوات)، فاطمة الزهراء (7 سنوات)، محمد حسين (6 سنوات)، سارة (5 سنوات)، بتول (4 سنوات)، نور الهدى (سنتان) وصفاء (6 أشهر)
جرّب والد سماحة السيد الاتصال به للاطمئنان عليه عند صلاة الصبح، فكان المجيب الآلي هو الرد الوحيد، استبد به القلق الذي هدأه باحتمال أن تكون شحنة الهاتف الخلوي فارغة، أو ربما السيد قد أطفأ هاتفه، وضع أكثر من احتمال وقد هيأ نفسه وزوجته على عجل وتوجها إلى منزل ولدهما.
من بعيد وقفا.. لم يكن ثمة منزل.. الناس تحاول جمع الاشلاء الطاهرة.. لم يكن هناك ناجون. السيد وزوجته وأولادهما العشرة، لم يبق سوى عمامة سوداء وحبة، وشهادة ما جستير للسيد في الفلسفة الإسلامية من جامعة آزاد في إيران.. وذكريات لا يمكن لأحد أن ينساها في بلدة الدوير.
أربع سنوات وتعود الذكرى مع فجرها المشؤوم الأنقاض على حالها وشموع أضاءت مكان الأجساد المبعثرة وما تبقى هنا بعض من صورالطفولة والبراءة فهذه سارة وبتول وهذه فاطمة وهذا علي الرضا وبقية الأخوة في أحضان الأم الشهيدة وحدها عمامة السيد وعباءته التي شهدت آخر خطبة له في مسجد البلدة قبل ساعات كانت تزين المكان
في الذكرى الرابعة على المجزرة الإسرائيلية أحيا حزب الله وعوائل الشهداء المناسبة بإقامة مجلس عزاء وتلاوة الفاتحة في مكان حصولها وكان الفجر عنوان الإحياء لتشرق بعده شمساً سجلت تاريخ إنتصار التضحيات على حديد الغدر الصهيوني .