جنبلاط لا يلبي دعوة واشنطن: أنا ضمـن الأكثرية وخارج 14 آذار!

مشاركة:

لقاء الحريري ـ عون: بداية الكلام الجدي في تفاصيل الحكومة

اكتملت التحضيرات في دمشق استعداداً لاستقبال العاهل السعودي الملك عبدالله

 بن عبد العزيز خلال الساعات المقبلة، لترتسم بعد ذلك صورة جديدة للعلاقات السورية السعودية، من شأنها أن تزيل كل التباسات السنوات الماضية بين هذين البلدين الشقيقين، خاصة بعد زلزال اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في شباط 2005، وما أعقبه من تداعيات على صعيد العلاقة اللبنانية ـ السورية.

سياسياً اكتملت صورة عناوين المحادثات التي ستجري بين قيادتي البلدين، وتتمحور حول عنوانين لا ثالث لهما، أولهما ملف العلاقات الثنائية، أخذاً في الاعتبار أنه تم تعيين سفير سعودي جديد في دمشق هو عبدالله بن عبد العزيز العيفان الذي بدأ بممارسة مهامه في الأسابيع الأخيرة، وهو التقى، أمس، نائب الرئيس السوري فاروق الشرع في إطار التحضير للزيارة الملكية، فيما يستعد السفير السوري الجديد لدى الرياض وزير الإعلام السوري السابق مهدي دخل الله للتوجه إلى المملكة في غضون الأيام المقبلة، بعدما أعلن رسمياً عن قبول أوراق اعتماده.

ومن المتوقع أن يتفرع ملف العلاقات الثنائية، من السياسة إلى الأمن وما بينهما من عناوين اقتصادية، خاصة في ظل تحديات مشتركة للبلدين، أبرزها تحدي مواجهة الإرهاب.

ومن العلاقات الثنائية، إلى ملف الوضع العربي، بدءاً بالموضوع الفلسطيني، في ظل فشل المبادرة الأميركية في تجميد الاستيطان لمدة محددة، مروراً بالوضع الفلسطيني الداخلي، خاصة في ظل استمرار الاستعدادات لإنجاز المصالحة الفلسطينية في الثاني والعشرين من الجاري، وصولاً إلى ملف المبادرة العربية للسلام التي أطلقها الملك عبدالله من بيروت قبل سبع سنوات، وطرح تحديد سقف زمني لتركها على طاولة المفاوضات خلال قمة الكويت.

وسيكون ملف العراق بنداً ثانياً في ظل التحديات المشتركة في هذا البلد الذي عانى الأمرين في ظل الاحتلال الأميركي، ومن ثم تتفرّع الملفات، وحتماً سيكون لبنان أحد مندرجاتها الطبيعية، في ضوء ما آلت إليه الأمور بعد الانتخابات النيابية الأخيرة وتكليف النائب سعد الحريري بتشكيل حكومة جديدة.

وما لم تنتظره القمة، هو ملف تنقية العلاقات العربية ـ العربية، وربما قد حققت الرياض خطوة ما على الخط السوري ـ المصري ستظهر نتائجه قريباً، علماً أن أوساطاً دبلوماسية في بيروت، رجحت أن يكون قد حصل اتصال في الساعات الأخيرة بين العاهل السعودي والرئيس المصري حسني مبارك، في اطار التنسيق المستمر بين الجانبين في الملفات الثنائية والعربية.

في الشكل، صدر الإعلان الرسمي عن الزيارة من دمشق والرياض، واكتفت وكالة الأنباء السورية بالقول إن العاهل السعودي «سيقوم بزيارة رسمية إلى سورية خلال الأسبوع الجاري يبحث خلالها مع الرئيس بشار الأسد العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين والأوضاع على الساحتين العربية والدولية».

أما وكالة الأنباء السعودية، فقد عمّمت نص البيان الرسمي الصادر عن الديوان الملكي، وفيه أن الملك عبدالله سيقوم «خلال الأيام القادمة بزيارة رسمية إلى الجمهورية العربية السورية الشقيقة تلبية للدعوة التي تلقاها من أخيه الرئيس السوري بشار الأسد».

ولم يشر لا البيان السوري ولا البيان السعودي إلى موعد الزيارة الدقيق، كما لم يفصّلا جدول أعمالها، فيما بقيت الترجيحات في كل من الرياض ودمشق أن الملك عبدالله سيصل ظهر يوم غد الأربعاء إلى دمشق.

وقال مراسل «السفير» في العاصمة السورية زياد حيدر إن الزيارة ستستمر ليومين وتقتصر على دمشق.

ورجح متابعون أن يكون قد حصل تعديل على البرنامج، خاصة أن التحضيرات كانت قد بدأت تظهر إلى العلن في حلب واللاذقية، ولكن لم يقدم أي تفسير رسمي للتعديل المتعلق باختصار المدة من ثلاثة أيام إلى يومين.

ووفقاً لمصادر إعلامية عربية، يرافق العاهل السعودي في زيارته كل من وزير الاستخبارات الأمير مقرن بن عبد العزيز ووزير الإعلام والثقافة عبد العزيز خوجة (سفير المملكة السابق في بيروت) ووزير العمل غازي القصيبي والمستشار الملكي الأمير عبد العزيز بن عبدالله.

وفيما كانت «المفارز الملكية الأمنية السبّاقة»، قد بدأت بالوصول منذ صباح الأحد إلى دمشق وصار معظمها يقيم في فندق «فور سيزون»، فان المعنيين بالمراسم الملكية وصلوا أيضاً إلى العاصمة السورية ولحق بهم ليل أمس وفد إعلامي سعودي كبير يمثل معظم وسائل الإعلام السعودية.

وبدت واضحة في الأيام الأخيرة رغبة الجانب السوري في الابتعاد عن التكهنات في ما يخص جدول الأعمال، وثمة قناعة معلنة أن العلاقات بين البلدين «هي فوق تفاصيل وتعقيدات ملف الأزمة السياسية في لبنان، ذلك أنها ستمتد لتشمل أفقاً أوسع، على الصعيدين الإقليمي والعربي»، فيما جددت مصادر متابعة منذ لقاء جدة وعشية قمة دمشق، القول إن الجانبين اتفقا على الفصل بين مسار تطور العلاقات السعودية السورية وبين مسار العلاقة اللبنانية السورية.

وكان الجانبان عقدا أكثر من جلسة «أفق سياسي» في السابق منذ المصالحة الشهيرة التي جرت في قمة الكويت، إلا أن دفع العلاقات الثنائية إلى المستوى الذي كانت عليه سابقاً ظل ينتظر مبادرات وظروفاً مناسبة.

كيف يتعامل لبنان مع القمة المنتظرة؟

في القصر الجمهوري، هناك شعور بالارتياح لدى رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وهو يأمل من القمة أن تترك مناخا يعكس نفسه تلقائيا على الصعيد الداخلي، وهو يؤكد أنه على تواصل شبه يومي مع نظيره السوري بشار الأسد، كما أن التواصل مع قيادة المملكة قائم، ويشدد على أنه يحاول أن يقوم بما تمليه عليه مسؤولياته الوطنية والدستورية وصولاً إلى انجاز التأليف الحكومي وحتى يصار إلى اطلاق ورشة اصلاحات في شتى المجالات.

في عين التينة، ينتظر الرئيس نبيه بري ما ستؤول إليه الاتصالات الداخلية الجارية، ولا سيما بين الرئيس المكلف والنائب ميشال عون… وهو، استناداً الى زواره، ما زال على رهان «السين السين»، متوقعاً أن يكون الملف اللبناني أهم بنود القمة بين الملك عبدالله والرئيس الأسد، وهو يعتبر أن كل البنود الأخرى هي بنود ثانوية.

ويسود في عين التينة ارتياح من اللغة الهادئة، فالجو جيد، ولكن «ما تقول فول تيصير بالمكيول»… والعبرة هي في ترجمة الإيجابيات إلى وقائع ملموسة في القريب العاجل، «وفي كل الأحوال دعونا ننتظر ما ستبلوره القمة السورية السعودية».

في «بيت الوسط» وفي معظم أوساط رئيس الحكومة المكلف، ثمة انتظار لشيء ما قد يحصل في الأيام المقبلة، وعندما تسأل عن المنتظر، لا تجد جواباً شافياً، واذا دققّت في سؤال من نوع هل هناك رعاية سعودية لاحتمال أن يتوجه الرئيس المكلف الى دمشق للوقوف الى جانب الملك عبدالله والرئيس بشار الأسد، يأتي الجواب بالنفي المطلق.

واللافت للانتباه، أنه بعد لقاء الرئيس المكلف والعماد ميشال عون، أمس، وهو السادس بينهما منذ التكليف الأول حتى الآن، بدا الجواب مشتركاً من الجانبين بالتأكيد أن أهم نقطة توافقا عليها هي التزام عدم تسريب محضر الاجتماع وأجوائه.

يعني ذلك للمتابعين لكل اللقاءات السابقة، سواء من جهة الموالاة أم المعارضة، أن الأمور دخلت «في مرحلة الجد» وأن النقاش بين الرجلين، «تجاوز العموميات وخاض في التفاصيل المتعلقة بتأليف الحكومة»، وأن «تقدماً حصل في مواضيع كثيرة»، وبالتالي، يمكن القول إن «الأجواء ايجابية جداً، ولكن الأمور تحتاج الى استكمال بحثها في لقاء سابع يتقرر موعده خلال يومين»، وتكون عندها «قد انجلت صورة القمة السعودية السورية في دمشق وهي نقطة يبدو أن الرئيس المكلف يعوّل عليها لبنانياً».

أكثر من ذلك، لم يخض أي طرف في التفاصيل، لكن يستشفُّ من التكتم، خاصة من جانب ميشال عون، أن البحث خاض في الحقائب والأسماء للمرة الأولى، ولوحظ أن عدداً كبيراً من وزراء ونواب «التيار» قد رفضوا الرد على اتصالات المستفسرين عن نتائج اللقاء السادس.

وبعد اللقاء الذي دام ساعتين وتخلله غداء عمل، اشار العماد عون الى وجود نوع من التقدم في المحادثات بشأن تشكيل الحكومة بقوله «اتفقنا على نقاط وبقيت نقاط اخرى للبحث في لقاء لاحق»، مشيراً أيضاً الى «ان العمل جارٍ لتشكيل حكومة قوية متجانسة من كل القوى السياسية، فتكون كل الحكومة وراء رئيسها بموضوع معين، حينها يقف وراءها كل الشعب اللبناني».

وفي كليمنصو، ظل رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، على رهانه على اللقاء السعودي ـ السوري، وأبلغ زواره أنه لن يزور دمشق الا بعد أن يزورها النائب الحريري، مؤكداً تمسكه بمعادلة «السين سين»، وقال انه رد على سؤال السفيرة الأميركية في اللقاء الأخير بينهما حول ما يمكن أن تقدمه بلادها للبنان حالياً: «نريد منكم فقط أن تدعموا التفاهم السعودي ـ السوري».

وتردد أن جنبلاط اعتذر عن تلبية دعوة وجهتها اليه السفيرة الأميركية لزيارة واشنطن، وذلك في اطار برنامج سيشمل معظم قيادات فريق 14 آذار من أجل التعرف على الادارة الأميركية الجديدة، وقال جنبلاط مخاطباً سيسون:

«أنا لم أعد جزءاً من فريق 14 آذار… أنا ضمن فريق الأكثرية النيابية بزعامة سعد الحريري»!

يذكر أن جنبلاط استذكر، أمس، وللمرة الأولى منذ سنوات ذكرى حرب تشرين وتزامنها مع زيارة الملك عبدالله، متمنياً في حديثه الأسبوعي لـ «الأنباء» «أن تشكل القمة السعودية ـ السورية مناسبة لدفع العلاقات بين الشعبين اللبناني والسوري الى سابق عهدها والى انتظام العلاقات السياسية بين البلدين على قاعدة اتفاق الطائف». واشاد بتضحيات الجيش العربي السوري.