
مشاركة:
ها هو أيلول/ سبتمبر يلفظ آخر أيامه وقد ابتل وسطه وذيله
و .. آلامه قد بللت عيون الفقراء والمساكين بدموع الحاجة. فان كابوس
هذا الشهر على لطافة جوه الا انه يرافق ارباب العائلات وخاصة في البقاع والمناطق الباردة الاخرى ومناطق العوز والحرمان. اذ ان كل دائرة تعني لهؤلاء الناس ميما وكل ميم تعني حلقة ومضيقا من امر ضروري ومهم لا يمكن الغاضي عنه وبنفس الوقت لا يمكن مواجهته الا بديون وقروض يصعب سدادها.
فميم المدارس، تسجيل واقساط وكتب وقرطاسية وثياب ونقل و..و..و. فالتسجيل كما الاقساط ترتفع تلقائيا والكتب والقرطاسية والثياب تلحق بارتفاع اسعار البترول كما النقل. وعليه نجد ان كثيرين من الاهالي حتى الان لم يتمكنوا من تامين مقعد لاولادهم حتى في المدرسة الرسمية واهم من هذا وذاك تلك الانانية والفساد في ضمائر كثيرين من مدراء المدارس حين يغيرون كتبهم في كل عام فلا يمكن للاهالي الافادة من كتب الاخوة لاخوتهم او ببيعها ولو بجزء من ثمنها . وذلك لارضاء نهمه تجاه الربح السريع.
اما ميم المؤنة، فهي مضيقة الوقت ولدى البقاعيين حاجة لا بد منها لضيق موارد الاسترزاق في منطقة باردة شتاء وزراعية، لذا قد اعتاد اهل هذه المنطقة على ادخار مؤنة الشتاء، وخاصة تلك التي تساعد على دفع برد البقاع القارس (كالكشك)، وهو ما يصنع من خليط البرغل "كسر القمح" المزوج مع اللبن او اللبنة او الحليب بعد عملية معقدة، حيث يجفف ثم يطحن ناعما باليدين عبر المنخل او عبر المنخل الالي. وكذلك تدخر الحبوب على انواعها من حمص وعدس وفاصولياء وغيرها فضلا عن القرنيات، والخضار المجففة مثل البامياء واللوبياء والباذنجان وغيرها، ناهيك عن المخلللات حيث لايطيب البرغل والمجدرة بدونها. ولا يمكن ان نتجاوز عن "القاورما" وهي لحمة مقددة على النار، وتحفظ لترافق الكشك في رحلة غليانه الشتوي، كما ترافق مقلاة البيض البلدي. وهذه الامور تتطلب ميزانية مهمة لانجازها، وان كان قد تخلى عنها اوعن جزء منها بعض البقاعيين قهرا بسبب الضائقة الاقتصادية.
الى ميم المدفاة والمازوت، وما ادراك ما المازوت هو مادة الدفء الذي يشعل جيوب البقاعيين، كما يشعل قلوب الفقراء لعدم القدرة على شرائه، وخاصة وبدون كثير شرح كما هو معلوم كيف تنطلق الاسعار بشكل جنوني لهذه المادة، وقد ارتفعت بعد انخفاض منذ خلال ثلاثة اشهر سبعة الاف ليرة والحبل على الجرار، والبديل كان قطع الحطب من الاحراج او ابتياعه، وكان السعر معقولا الا ان انحسار الثروة الحرجية، وازدياد الطلب جعل هذه المادة اكثر اشتعالا، الا ان البعض ما زال يفضلها بسبب نوعية البرد الذي يضرب البقاع والذي لا يواجه الا بالحطب.
الى ميم الملابس، فميم المرض، وتكثر تلك الميمات لو اكثرناها ولو باحرف اخرى، الا ان هذه المصائب ان لم تجد حلولا رسمية لها فان ميم الموت هو ما يتمناه الفقراء والمعوزين من اهل البقاع، فضلا عن المناطق الريفية الاخرى التي لا تنال من الدولة الا الفواتير والضرائب.
قدوم الامطار باكرا بشر بشتاء قاس اقفل الصدور على القلوب قبل ان يجبر الناس على قفل ابوابهم من امام برده الذي لا يرحم.