
مشاركة:
شُغلت إسرائيل أمس بالتعليق على حادث إطلاق الصواريخ من لبنان، محمّلة حكومة تصريف الأعمال المسؤولية المعنوية ومجموعة فتح الإسلام المسؤولية عن العملية.
وأشارت إلى أن فتح الإسلام تنتظر فراغاً سياسياً كالذي يشهده لبنان اليوم لتنشر الفوضى. فراغ أكّدت مواقف القوى السياسية المتناقضة، أمس، أنّه لن يجد حلّاً قريباً.
حذّر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أمس، لبنان من تكرار حادثة إطلاق صواريخ على شمال إسرائيل، مشيراً إلى أن الدولة العبرية «تعدّ حكومة بيروت هي المسؤولة عن أي اعتداء ينطلق من أراضيها، وأنها لن تقبل بأي إرهاب موجّه نحو مواطنيها». وقال في مستهل جلسة الحكومة الإسرائيلية أمس، إن «إسرائيل تنظر بخطورة بالغة إلى إطلاق صاروخي كاتيوشا باتجاه الجليل الغربي أول من أمس، وإنها لن تتغاضى عن ذلك».
وأضاف نتنياهو «إن إطلاق هذين الصاروخين من المنطقة الواقعة إلى الجنوب من نهر الليطاني يمثّل انتهاكاً للقرار 1701، ونحن نرى أن الحكومة اللبنانية هي مسؤولة عن الخروق انطلاقاً من أراضيها، وسنستمر في الدفاع عن أنفسنا، سواء من الناحية الأمنية أو في المحافل الدولية».
وفي السياق نفسه، أشار وزير السياحة الإسرائيلي، ستاس مسيغنيكوف، إلى أن «أحد الأسباب التي أدت إلى نشوب حرب لبنان الثانية، هو فقدان إسرائيل لقوة ردعها حيال حزب الله»، موضحاً أنه «لا ينفع الكلام بعد الآن، بل يجب العمل». وتوقّع مسيغنيكوف أن «تشهد المنطقة جولة ثانية من الحرب مع لبنان، أما إذا قامت سوريا وإيران بالدفع نحو الحرب فستكونان مسؤولتين عنها، وعليهما أن تدركا أن استمرار إطلاق الصواريخ على إسرائيل، سيسبّب رداً إسرائيلياً شديداً موجهاً ضدهما».
من جهته، قال نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني أيالون، إن «الحكومة اللبنانية ذات السيادة لا تنفذ القرار 1701، وهي الجهة التي تتحمل مسؤولية سقوط صواريخ على إسرائيل انطلاقاً من أراضيها»، مشيراً إلى أنه «إذا استمر خرق الهدوء شمالاً، فإن إسرائيل تعلم كيف ترد كي تعيد الوضع إلى هدوئه». ورجّح أيالون أن يستمر الهدوء شمالاً، إذ «لا مصلحة لأي من الأطراف بتدهور الوضع الأمني على الحدود».
وكانت مصادر عسكرية إسرائيلية قد أشارت إلى أن التقديرات في إسرائيل ترى وقوف منظمة «فتح الإسلام» وراء عملية إطلاق الصواريخ على شمال إسرائيل. ونقلت صحيفة معاريف، أمس، عن مصادر في الجيش الإسرائيلي قولها «بعدما اعتذر (النائب سعد) الحريري عن عدم تأليف الحكومة، هناك حافزية مرتفعة لدى منظمات كهذه لإيجاد حال من الفوضى». وشددت المصادر الإسرائيلية نفسها على أن «الجيش الإسرائيلي لن يضبط نفسه وسيرد فوراً على كل حادث».
إلى ذلك، قال جنود إسرائيليون يخدمون على الحدود مع لبنان إنهم يسمعون في الأيام الأخيرة أصوات انفجارات ناجمة عن حرائق تندلع بين الحين والآخر في أراض لبنانية محاذية للحدود. ونقلت «معاريف» عن أحد هؤلاء الجنود قوله إن «قادتنا يقولون إن الأمر مرتبط بأفراد من حزب الله يشعلون الحقول من أجل تفجير الألغام الإسرائيلية فيها».
وفي سياق متّصل، رأى زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، أمس، أنّ «بإمكان لبنان اللجوء إلى إيران للحصول على الأسلحة التي يحتاج إليها لحماية نفسه من أعدائه». وحذّر جنبلاط في حديث إلى «برس تي في» من «عدوان إسرائيلي جديد ضد لبنان»، بدليل أن الإسرائيليين «لا يخفون ذلك، بل يقولون إننا سنهاجم أو سنأتي يوماً ما إلى لبنان مجدداً».
وأشار إلى أنّ واشنطن «ترفض تزويد لبنان بالسلاح الفعّال خشية أن تستخدم الأسلحة ضد حليفتها إسرائيل»، جازماً بأن لبنان يحتاج إلى أسلحة مضادة للدبابات والطائرات، ومعرباً عن اعتقاده بأنه «يمكن العثور على مثل هذه الأسلحة في إيران أو في روسيا أو في الصين».
■ الحكومة تنتظر الاستشارات
وفي الموضوع الحكومي، يبدو واضحاً أن استشارات رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، الذي عاد أمس من قصر الرئاسة في بيت الدين إلى بعبدا، ستنتهي إلى تكليف سعد الحريري مجدداً تأليف الحكومة، إلا إذا حصل تطور إقليمي مفاجئ. وقد لمّحت مصادر حزب الكتائب والقوات اللبنانية إلى ربطهم تسمية الحريري بتحقيق تطلعاتهم على صعيد عدد الحقائب الوزارية ونوعيتها، فيما أشارت مصادر اللقاء الديموقراطي إلى ربط النائب وليد جنبلاط موضوع تسمية الحريري بالتزامه المسبق تأليف حكومة وفق صيغة 15 ـــــ 10 ـــــ 5.
وكان لافتاً أمس تلميح النائب سعد الحريري إلى أنه سيعامل من لا يسمّيه يوم الثلاثاء المقبل بالمثل أثناء تأليفه للحكومة، إذ قال خلال إفطار في قريطم، أمس، إنه سيتعامل بعد تسميته لتأليف الحكومة مع من لم يسمِّه بالمثل، داعياً «المناورين» إذا أرادوا فعلاً تأليف حكومة وحدة وطنية أن يكونوا واضحين في كلامهم خلال الاستشارات.
وتذكّر الحريري لمناسبة «الشهر الفضيل» غزة وفلسطين. وأشار إلى أن حق العودة لا يعني عدم معاملة الفلسطينيين في لبنان بطريقة جيدة، رافضاً «الكلام العنصري الذي يقوله البعض في بعض التيارات السياسية».
وكان وزير الدولة في حكومة تصريف الأعمال خالد قباني قد دعا الحريري إلى تأليف حكومة تكنوقراط من شخصيات مشهود لها بالكفاءة وغير تابعة للقوى السياسية، فيما أكّد رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع أن قوى 14 آذار لا تريد الانقلاب على صيغة 15 ـــــ 10 ـــــ 5. وأشار جعجع إلى «أن رئيس تكتّل «لبنان أولاً» سعد الحريري كان جدّياً، لكن الفريق الآخر أثبت أنه لا يرغب في تأليف حكومة». ورأى «أن الشروط التي يضعها التيار الوطني الحر أكبر من أن يتحمّلها أي فريق».
في المقابل، رأى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أن المقاومة لا تسعى إلى الحكم ولا إلى السلطة في هذا البلد، ولكنّ وجود المقاومة في الحكومة بات يمثّل ضمانة ومبعث طمأنينة حتى للذين يؤلّفون الحكومة. وأشار رعد إلى أن حزب الله سيشارك في الحكومة أياً يكن الرئيس المكلّف. ورأى أن «حكومة اللون الواحد هي من نفثات الشيطان في هذه الفترة، ومن أحابيل المتآمرين المتواطئين على مصلحة لبنان».
بدوره، رأى وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل أن «لبنان لن تكون فيه حكومة إلا حكومة وحدة وطنية، محفوظ فيها حق كل فريق». وأكد أن لا أحد سيمسّ حقوق المسيحيين أو يتعدّى على صلاحياتهم، مشيراً إلى افتخاره بإسقاط التجربة التشكيلية الأولى، آملاً أن تكون «التجربة التشكيلية الحريرية الثانية أنجح وأوعى لكي لا نذهب إلى التجربة الحريرية الثالثة، وهكذا دواليك».