عن أموال المفلسين في قضية عز الدين: الناس يحللون.. الناس يتفاعلون

مشاركة:

لا شك في أن قضية إفلاس رجل الأعمال اللبناني صلاح عزالدين ما زالت فصولها تتوالى وذيولها تتفرّع لتطال

شريحة كبيرة من اللبنانيين. ولا شك أيضاً في أن خبر الإفلاس أتى بمثابة زلزال بالنسبة إلى كثيرين.

لكن، من هم هؤلاء؟ للإجابة، يكفي أن تجول في شوارع الضاحية أو تشارك أحدهم سهرات ما بعد الإفطار، إذ أن أحداً لا يحبّذ الحديث عن الموضوع وهو صائم.

الزمان: قبيل حديث السيد حسن نصرالله المتلفز حيث عمل على دحض الشائعات التي تطال بعض قياديي حزب الله.

المكان: الضاحية الجنوبية.

المستهدفون (بالسؤال): عامة الناس، بشكل خاص أولئك الفقراء.

لا تحتاج إلى أي مساعدة لاستنباط حركات الوجه التي غالباً ما تبدأ بابتسامة لتنتهي بهزّة رأس خفيفة عقب السؤال الروتيني: «دخلك، مظبوط إنه فلان خسر كذا مليون دولار؟». أما الغريب هنا فأسلوب طرح السؤال، إذ يبدو وكأن سائله يعرف أو يتمنى ضمناً أن يكون الجواب: «إيه إيه. مظبوط. أنا سمعت هيك». وفي الحالات «الأجمل»: «لك له! أكتر من هيك يا زلمي!»… فترتخي عضلات الوجه وتعود الابتسامة.

من يطرح السؤال لا يشمت ـ والعياذ بالله ـ بفلان، مع الإشارة إلى أن فلاناً ليس من أولئك الميسورين جهراً. وللتوضيح، فلان ليس «مدنياً». ومكانته، أياً تكن، لا تخوّله جمع مبالغ طائلة.

وبقي السؤال مطروحاً منذ نشر خبر إفلاس عزالدين في الإعلام إلى ما قبل كلمة «السيّد» المتلفزة. حتى أن المرء راح يسأل عن عزالدين عوضاً عن السؤال حول آخر مستجدات الحكومة المعتزم تشكيلها ورئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري.

ويتغيّر السؤال. فتنخفض أسهم «هل ما قام به عزالدين احتيالياً أم أنه خطأ تقني؟» في بورصة عزالدين اليومية. وتتكثف بطريقة واضحة وجامعة الأسئلة الرامية حول هوية المودعين: «النائب الفلاني، من أين له هذا؟». ويتغيّر مضمون السؤال. لم يعد مطروحاً إن كان فلان مودعاً أم لا.

والتعليق: «العمى! لكنني علمت من علتان بأن المبلغ أكبر بكثير».

ويبقى السؤال في حين تبرز التمنيات الضمنية. لكن، ماذا عن انقطاع التيار الكهربائي؟ «عليك العوض!». فقد انضمت الهجمات العنيفة على وزارة الطاقة إلى لائحة التأليف الحكومي اليومية، ليستعاض عنهما بقضية عزالدين.

«هل تكون اسرائيل هي التي خططت للأمر؟ رصدت تحركاته (عزالدين) المالية و»بوووم!».

طرح بعضهم هذا السؤال، لكنه سرعان ما أسقط. لماذا؟ لأن ذيول القضية تبلورت من جهة ولأن الناس لم تعد لتكترث، في الزمن الأول للأزمة، لتساؤلات على مثال كيف ولماذا، بقدر ما كان «الرصد» مصوّباً بوجه المودعين «الخفافيش». تضامن الجمهور مع المودعين الصغار، لا بل حزنوا لأجهلم. لكن لماذا لم تحمل هذه المشاعر نفسها الى قلوب الآخرين، أي أولئك «الخفافيش؟».

هؤلاء الدراويش والبسطاء فرحوا لأنهم كانوا على يقين بأن فلاناً لا يستأهل البذخ والمال إذ هو ينسى من حوله. وضعه الاجتماعي يفرض عليه أن يكون متوسط الحال. كما أنه متعال. لكنه كان بسيطاً. الدنيا غيّرته. أما الآن، يا ليته يعود إلى سابق عهده.

غريبة كانت ردود الفعل التي سجّلت وبشكل خاص في الضاحية عقب خبر إفلاس عزالدين. فهناك حالة اجتماعية مغمورة استغلت زلزالاً مالياً لتثأر من المجهولين. فجّرت ما عندها وهي تحاول طمس حقيقة أن جوهرها طيّب.

وأطلّ الأمين العام لحزب الله في كلمته المتلفزة أمام الهيئات النسائية.

تحدث عن قضية عزالدين باقتضاب. حاول دحض الشائعات ولفت إلى أن «مسؤولي الحزب لم ولن يكون عندهم هذه الأموال الطائلة» التي يجري الحديث حولها. قال «السيّد» ما عنده فعدّل الناس بعض تساؤلاتهم. أما بورصة الحديث عن «فلان» فسجّلت انخفاضاً في بعض النقاط.

«كيف أفلس عزالدين؟». هذا السؤال، خصوصاً بعدما تم نقل الأخير الى النيابة العامة، سوف ترتفع أسهمه في بورصة رجل الأعمال اليومية عوضاً عن الأسئلة «الفلانية» التي قد تتلاشى نهائياً بعد فترة وجيزة عندما يصدر «حزب الله» بيانه التوضيحي حول القضية.