
مشاركة:
يتجمع الطلاب المتفوقون في كواليس المسرح.
ينهمكون بوضع اللمسات الأخيرة على ثوب التخرج، فيما تجلس نور جمّول وحيدة في الصف الأول في
قاعة الرسالات»، حيث يقام مهرجان «المنار» الخامس لتكريم الطلاب الأوائل في كل فرع من فروع شهادة الثانوية العامة.
ومن هي نور؟
فتاة في السابعة عشرة من عمرها، متفوقة في دراستها، رغم إصابتها بشلل دماغي يعيق حركتها ويحرمها من التمتع بصباها كأترابها. ذكاء نور يواكب طموحاتها، حتى جعلها في خانة المتفوقين. تحلم، منذ الصغر، بأن تصبح محامية، لكن أهلها اضطروا إلى وضع حدّ لأحلامها تلك حين أخبروها عن عدم وجود جامعة تدرّس الحقوق لذوي الاحتياجات الخاصة. لم تشعر نور باليأس، تؤمن بإرادتها وبحبها للعلم، فراحت تسأل عن مؤسسة تستقبل من هم في وضعها الصحي، وها هي تختار اليوم الالتحاق بمعهد «الكفاءات» لذوي الاحتياجات الخاصة لتدرس إدارة الأعمال.
عودة الى أجواء المهرجان، أمس الأول، الذي نظّم هذا العام باسم القاضي الراحل، الرئيس منيف عويدات… يتوافد الأهالي قبل ساعة من موعد الحفل الذي نقل مباشرة على شاشة «المنار». يدخل منسق المهرجان الى الكواليس ويدعو إلى جهوزية الطلاب الخمسة والستين. هو مشهد واحد، إناث وذكور بلباس التخرج الذي سيفتح لهم الباب على المرحلة الأهم في الحياة التي تخوّلهم الدخول الى سوق العمل والانخراط في مختلف المجالات المهنية. يحضر الطلاب من المحافظات الست، ويقفون، على تنوع مجالاتهم وطموحاتهم وأحلامهم، في الطابور قبل انطلاق الموكب…
لا يصدّق ريشار أنه انتقل إلى المرحلة الجامعية، إذ لطالما رأى في نفسه ذاك الفتى الصغير، تلميذ المدرسة، في حين تتحمّس زميلته ميساء ناصر لـ«الضوء الأخضر» الذي يبشّر بمرحلة جديدة وجدّية، وتشيد بفكرة المهرجان الذي يعترف بجهود الطلاب، خصوصاً أنها تريد دراسة الطب لأنه مجال يبقيها بين الناس.
أما زياد جبور فسيتجه إلى دراسة العلاج الفيزيائي. هو يحب هذا المجال، رغم أنه كان يفضل دراسة الطب، إلا أن الظروف المادية لعائلته لم تسمح بتلبية رغبته. يستعرض ثوب التخرج الذي يرتديه ويقول: «شو حلو إنو الواحد حقق شي وهو بعده صغير».
تضحك مجموعة من الطلاب حين يعلن زميلهم، برنار نجيب، المجال الذي يريد إكمال دراسته فيه. يحاول برنار إقناعهم بأهمية جراحة التجميل في عصرنا، وأنها «أكثر شي ماشية هالأيام»، والأهم أنها مجال طبي محترم وفي الوقت نفسه لا تستلزم استدعاءه لحالات طارئة في منتصف الليل. أما ديما خليفة فتتمنى أن تصبح محامية. يذكرها ثوب التخرج الذي تلبسه بثوب المحاماة فتقول بمرح: «يللا، المرة الجاية بتنادوني «ماتر ديما»، لا سيما، كما تقول إنها وزملاءها لم يحققوا التفوق بالصدفة، «فمن طلب العلى سهر الليالي».
أجواء المهرجان
قدم مهرجان «المنار» للطلاب المتفوقين الزميل عمرو ناصف، بالتعاون مع الزميلة حوراء حوماني، بحضور لفيف من الشخصيات السياسية والتربوية والإعلامية. وأقيم على طريقة طاولة حوارية، إذ «استضاف» ناصف، في كل مرحلة، ضيفاً من الحضور للتعليق على المناسبة. بداية، عرض فيلم توثيقي، من إعداد حوماني، عن الراحل عويدات، ثم استهل الحفل بكلمة لمدير عام «المنار»، عبد الله قصير، الذي لفت إلى أن اختيار اسم القاضي عويدات لإطلاقه على الدورة الخامسة للمهرجان يعود إلى أنه «تفوّق في محيطه على المستوى القضائي والوطني»، ولأنه يمثل قدوة للطلاب كون شخصيته تجمع عدداً من المميزات «تحت عنوان التميّز ورمزية التفوق». ثم انضم الى ناصف، نجل القاضي الراحل، الرئيس غسان عويدات، متحدثاً عن سيرة والده الأخلاقية والعملية والأكاديمية المتميزة.
وأطل الزميل غسان بن جدو، قبيل إعلان أسماء الأوائل في الشهادة المتوسطة، ليقدم الدروع لهم ويخوض في حوار معهم ومع ناصف. كما كرم بن جدو الحالة الخاصة، نور أحمد جمول (من مدرسة السيدة ـ الكفاءات)، وتعهد بمتابعتها دراسياً، لتكرّم نور نفسها ممثلة مدرستها الأستاذة جوسلين بدران. وقدّم نقيب المهندسين السابق، المعمار عاصم سلام، الدروع للأوائل في فرع العلوم العامة ـ الشهادة العامة. وحلّ رجل الأعمال السوري، صائب النحاس، ضيفاً مُكرِّّماً لطلاب فرع الاجتماع والاقتصاد، تلاه وزير الشؤون الاجتماعية، ماريو عون، مكرِّماً الأوائل من فرع علوم الحياة، ثم قدّم المخرج المسرحي روجيه عساف، الدروع للمتفوقين من فرع الآداب والإنسانيات.
وقد ركّز ناصف، في حواراته مع الضيوف، على بداياتهم الأكاديمية، متناولاً مجالات عملهم ونجاحاتهم. وعُرضت في المهرجان تقارير خاصة بالفائزين بالمراتب الأولى في لبنان (من إعداد حوراء حوماني، جميلة قشمر، مريم فاضل بسام، ولبنى قانصو)، إضافة الى تقرير يختصر ردود أفعال الطلاب المتفوقين للمرة الثانية والذين سبق أن شاركوا في دورة سابقة للمهرجان.
وقد قدّم الأوائل في لبنان دروعاً خاصة لمدراء مدارسهم، وقد توزعوا على الشكل التالي: الأول في الشهادة المتوسطة، عبد الهادي يحيى مصطفى، ثانوية الفيحاء ـ طرابلس ممثلة بالأستاذ بلال بدوي. الأول في شهادة الثانوية العامة ـ فرع الاجتماع والاقتصاد، محمد عبد الحميد سقر، المدرسة الوطنية الأرثوذوكسية ممثلة بالأستاذ جورج رزق. الأول في فرع العلوم العامة، محمد نضال جمعة، ثانوية البيان ممثلة بالأستاذ علي عبد الساتر. الأوائل في فرع علوم الحياة: فاطمة الياس قانصو، ثانوية الشهيد بلال فحص ممثلة بالاستاذ علي عساف، وجان الياس يزبك، ثانوية الشويفات الدولية ممثلة بالأستاذة نبيلة معلوف. والأولى عن فرع الآداب والإنسانيات، إلسا جوزيف سركيس.
واختتم المهرجان بصورة تذكارية جمعت الضيوف والمتفوقين، ومدير عام «المنار»، ومدير المهرجان يوسف يونس، قبل أن يختم الطلاب على طريقتهم برمي قبعات التخرج في الهواء على وقع تصفيق الأهل والرفاق والمعلمين.
يذكر أن المهرجان كرّم 65 طالباً توزعوا على الشكل التالي: 14 طالباً في الشهادة المتوسطة، 14 طالباً في الثانوية العامة ـ فرع الاجتماع والاقتصاد، 13 طالباً في فرع العلوم العامة، 14 طالباً في فرع علوم الحياة، وعشرة طلاب في فرع الآداب والإنسانيات.