
مشاركة:
عون يتمسّك بالداخلية … و«كتلة المستقبل» تدعو إلى «حكومة ائتلاف وطني»
خطا رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، أمس، خطوتين جديدتين، أولهما باتجاه حليفه القديم النائب وليد جنبلاط، سعياً إلى صياغة تفاهم سياسي محكم حول طريقة تصويت وزرائه في الحكومة المنوي تشكيلها، لكنه لم يحصل على الجواب الشافي، خاصة أن جنبلاط وضع نفسه في القضايا الأساسية الكبرى في خانة الإجماع الوطني وليس الانحياز لفريق دون آخر.
أما الخطوة الثانية، فكانت باتجاه المعارضة، حيث طلب رسميا منها عبر المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل، الذي التقاه امس، وعبر وزير الاتصالات جبران باسيل، الانتقال إلى المربع الثالث للتأليف، أي تسمية وزراء المعارضة العشرة، بدل الاستمرار في حالة المراوحة في موضوع الحقائب.
وكان رد المعارضة الذي تبلغه الحريري من خليل مباشرة ومن باسيل عبر مدير مكتبه نادر الحريري أن المعارضة «توافقت على آلية موحدة لتأليف الحكومة، مفادها الصيغة أولاً، الحقائب ثانياً، الأسماء ثالثاً، مرسوم الوزارة رابعاً والبيان الوزاري خامساً، وأنه لن يتم الدخول في موضوع الأسماء قبل حسم موضوع الحقائب».. ويعني ذلك، أن أي خرق لم يحصل حتى الآن في جدار التأليف المفتوح منذ خمسة وأربعين يوماً..
وفي التفاصيل، عقد في «بيت الوسط» لقاء بين «الرئيس المكلف» والنائب وليد جنبلاط، هو الأول منذ إعلان الأخير «تمايزه القاطع» عن «14 آذار» في الثاني من آب الجاري. وحضر اللقاء الوزيران غازي العريضي ووائل أبو فاعور والنائب مروان حمادة ونادر الحريري.
وقال جنبلاط بعد اللقاء انه أكد للحريري دعمه الكامل لتشكيل الحكومة وفق الصيغة التي وضعها واحتراما لقرار الناخبين كما أكد له «أننا كنا بغنى عن التحليلات التي سمعناها خاصة»، لافتا الانتباه إلى أن البعض اعتبر أن «مؤتمر البوريفاج» (الجمعية العمومية للحزب التقدمي) «كان أهم من النووي الإيراني»، مشيرا إلى أن كل الفرقاء يؤكدون دعمهم الرئيس المكلف بتشكيل حكومة الوفاق الوطني مع احترام ما ورد في الدستور في ما يتعلق بالبنود الرئيسية الـ14 في الدستور والتي تتطلب في حال جرى أي خلاف، تصويتا لا أكثر ولا اقل.
وفيما لم تبد على جنبلاط علامات الارتياح قبل اللقاء وبعده، وصف رئيس الحكومة المكلّف لقاءه بجنبلاط بالـ«ممتاز»، وأشار في دردشة مع الصحافيين إلى أن هناك حلحلة في الشأن الحكومي، مشدداً على أنّه مستعد لتخطي كل العراقيل والصعوبات.
وامتنع الحريري عن الرد على أسئلة الصحافيين مكتفياً بالقول «أنا أبو الهول».
وعندما قيل للحريري «يبدو انك أنت من يعطل تأليف الحكومة»، قال: «إذا شايفين هيك… منيح».
وعلمت «السفير» أنه تم تبادل رسائل بين جنبلاط والحريري، حيث كان الأول حاسماً في رفضه ما اقترحه الرئيس المكلف بأن يكون أول لقاء بينهما في إطار لقاء موسع لقوى 14 آذار، وأصرّ على أن يكون ثنائيا، نائيا بنفسه عن إمكان المشاركة في أي اجتماع موسع لقوى الأكثرية كما يريد ذلك الحريري، بعدما كان توافق على هذه المسألة خلال خلوة مطولة عقدت بينه وبين رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع على متن اليخت في جنوب فرنسا.
وكشفت مصادر مطلعة لـ«السفير» إن الحريري سعى للحصول على إجابات من جنبلاط حول مجموعة أسئلة أبرزها: أين موقع جنبلاط في هذه المرحلة، وأين هو من ثوابت «14 آذار»، وما الذي حمله على الإقدام على هذه الخطوة في هذا التوقيت، وأين هو موقع نواب «اللقاء الديموقراطي» في المجلس النيابي وأين سيكون موقع وزراء «اللقاء» (تصويتهم) في مجلس الوزراء؟
وأشارت المصادر إلى أن جنبلاط كان صريحاً في إعادة تأكيد وقوفه إلى جانب الرئيس المكلف، مكررا ما سبق وأعلنه في القصر الجمهوري غداة لقائه وزير الملف اللبناني في السعودية عبد العزيز خوجة.
وتعني الأجوبة الجنبلاطية عمليا أن وزراء «اللقاء الديموقراطي» الثلاثة سيصوتون في مجلس الوزراء إلى جانب الرئيس المكلف في كل القرارات التي تحتاج إلى النصف + واحد، فيما يشكلون جزءاً من الإجماع في حال طرح أمور تحتاج إلى الثلثين (البنود الـ14)، وهو جواب يتضمن رسالة سياسية إلى الحريري، مفادها أنه هو من كرس هذا الواقع من خلال تفاهمه السياسـي مع «حزب الله» والرئيس نبيه بري برعاية رئيس الجمهورية!
وكانت كتلة تيار المستقبل قد انعقدت بالأمس، على وقع أزمة انعدام الثقة «الجنبلاطية ـ الحريرية»، وشكلت نقطة البحث المحورية، على قاعدة امتصاص ارتداداتها وتجاوز سلبيات انقلاب جنبلاط على 14 آذار. ولفت في بيان الكتلة توصيفها «حكومة الائتلاف الوطني»، وهو أمر قرأه مرجع سياسي بأنه «إقرار غير مباشر بعدم وجود اكثريات أو أقليات، بل فرقاء سياسيون يكملون بعضهم بعضاً».
وأكدت مصادر في كتلة المستقبل لـ«السفير» أن اجتماع الكتلة يعكس بوضوح قرار تيار المستقبل بتجاوز أزمة جنبلاط، بما في ذلك ذهاب الكتلة إلى تسمية الحكومة المقبلة بالائتلافية.
ودعت المصادر إلى القراءة المتأنية للفقرة المتصلة باستنكار الكتلة للتهديدات الإسرائيلية المثيرة للهواجس ومضمونها وتكرارها ومحاولتها للتدخل في تشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة، وأكدت رفضها لها.
وأشارت المصادر إلى نقاش جرى حول ما يمكن أن يقدم عليه الرئيس المكلف فيما لو تعرقلت جهوده لتأليف الحكومة، وقالت إن المجتمعين «اجمعوا على رفض فكرة اعتذار الرئيس المكلف، ومن هنا كان التأكيد عليه أن يبقى على ثباته وتصميمه. ولذلك لا بد من إعطاء الرئيس المكلف الوقت اللازم والجدي في سبيل إخراج الصيغة بعدما تنضج الأمور «من دون تسرّع».
وأثنت كتلة المستقبل في بيانها الرسمي على «تصميم الرئيس المكلف وجهده المتواصل لتشكيل حكومة ائتلاف وطني بسرعة ودون تسرع، وصولاً إلى حكومة تكون قادرة على العمل على مواجهة الأخطار والصعاب وفق برامج جدية، وتكون قادرة على الاهتمام بقضايا المواطنين الحياتية والمعيشية والأمنية ومعالجتها»، وتمنت الكتلة على الرئيس المكلف أن يبقى على ثباته وتصميمه.
وعلى خط مواز، برزت زيارة «التقدير» التي قام بها وفد قيادة «حزب الله»، مساء أمس، للنائب جنبلاط في دارته في كليمنصو، برئاسة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد يرافقه النائبان علي عمار ونواف الموسوي.
وحضر اللقاء إلى جانب جنبلاط كل من نجله الأكبر تيمور، نائب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي دريد ياغي والوزيران غازي العريضي ووائل أبو فاعور والنائبان أكرم شهيب وعلاء ترو والمسؤول الإعلامي رامي الريس.
وأكدت مصادر المجتمعين الأجواء الايجابية التي سادت اللقاء وهو الثاني على غرار اللقاء الأول على هذا المستوى في دارة الوزير طلال ارسلان في خلدة، مشيرة إلى أن وفد «حزب الله» وجه إلى جنبلاط دعوة لحضور «مهرجان الانتصار» الذي يقيمه «حزب الله» في الضاحية الجنوبية بعد غد الجمعة. ولم تستبعد المصادر احتمال أن يحضر جنبلاط شخصياً المهرجان.
وقالت المصادر إن وفد «حزب الله» حمل إلى جنبلاط رسالة تقدير وتقييم ايجابي لمواقفه التي تعزز السير في اتجاه إحياء المواقف التي تستحضر فلسطين وتعيد هذه القضية إلى الوجدان، كما تستحضر العروبة وتؤكد على العلاقات العربية ـ العربية.
وأشارت إلى أن الطرفين استعرضا مسار العلاقة بينهما، وقيّما الانجازات التي حققاها على صعيد إنهاء ذيول أحداث أيار، وتم التأكيد بينهما على استمرار تنقية الأجواء ومعالجة ما زال عالقا ومواصلة اللقاءات على كل المستويات القيادية والنيابية والنقابية والجامعية والشعبية.
وفي الجانب السياسي الداخلي، عكست المصادر تأكيد الطرفين على أهمية الإسراع وضرورته في تشكيل الحكومة، لان هذا الإسراع من شأنه أيضا أن يعزز فرص التلاقي السوري السعودي.
إلى ذلك، وفيما رجحت مصادر رئاسية استقبال رئيس الجمهورية ميشال سليمان للرئيس المكلف اليوم، لم يؤكد الحريري ولم ينف إمكان زيارته إلى بعبدا اليوم حيث قال ردا على سؤال حول الزيارة مساء أمس: «يمكن إي.. يمكن لأ». في حين نفت مصادر الرئيس نبيه بري حصول أي اتصال بينه وبين الرئيس المكلف منذ عودة الأخير من فرنسا.
ورفض بري الخوض في أي أمر متصل بالشأن الحكومي والجهود الرامية إلى التأليف، وأكدت مصادره انه مستمر في صيامه على أساس انه أدى قسطه للعلى وسبق وقام بما قام به من جهود منذ ما بعد تكليف الرئيس الحريري وصولا إلى 29 تموز الماضي، حينما تم توليد الصيغة التي ستقوم عليها الحكومة وكانت الأمور منجزة والحكومة على شفير الولادة. ثم توقف كل شيء.
وسألت «السفير» الرئيس بري، الذي من المقرر أن يزور بعبدا اليوم، عما يوجب استمراره في الصيام، فرد بسؤال: «وهل حصل في البلد ما يوجب أن أفطر… انتم ترون بأعينكم، لم يحصل شيء».
وقال المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي النائب علي حسن خليل لـ«السفير» إن صيام الرئيس بري عن الكلام، هو نوع من الحث للأطراف على التعجيل بالتشكيل، لأن لا مشكلات أساسية تستوجب عدم انجاز الحكومة والمباشرة بملامسة احتياجات الناس ومعالجة المشكلات.
وأشار خليل إلى أن اللقاء الثلاثي في الرابية والذي شارك فيه خليل والمعاون السياسي للامين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل ووزير الاتصالات جبران باسيل، بحث في المبادئ التي وضعتها قوى المعارضة حيال موضوع تشكيل الحكومة، وعكس تمسك المعارضة بصيغة الـ15/10/5. وقال إن هذه الصيغة، هي نتاج جهد وتوافق إقليمي، ونتاج نقاش داخلي عميق، ولا يمكن التفريط بها.
وفيما تكتمت مصادر الرابية على موضوع الاتصالات مع الرئيس المكلف، سربت أوساط الحريري أن معاونه نادر الحريري التقى، صباح أمس وزير الاتصالات جبران باسيل في مكتبه في وزارة الاتصالات.
وعلمت «السفير» أن اللقاء بين نادر الحريري والوزير باسيل، تضمن توضيحات من الأول، حول الحملة الإعلامية التي يتعرض لها «التيار الوطني الحر» في إعلام «المستقبل»، فيما تبين أن الحريري لم يحمل عرضاً محدداً حول الحقائب، وفي المقابل، ظلّ «التيار» متمسكا بحصوله على خمس حقائب، بينها حقيبة سيادية وتحديدا وزارة الداخلية، معتبرا أن هذا الأمر ليس عبارة عن مناورة أو محاولة لرفع السقف بقدر ما هو تأكيد على مطلب محق..
يذكر ان العماد عون أمضى سهرته ليل امس برفقة باسيل وافراد العائلة في مدينة جبيل حيث شاركوا في حضور مسرحية «صيف 840».