نصر الله: «تل أبيب مقابل الضاحية الجنوبية» … والحرب ستغيّر خريطة المنطقة بأسرها

مشاركة:

بري لـ«السفير»: الأسبوع الحالي هو الفيصل … وفقرة المقاومة في البيان الوزاري «ستكون أمتن»

مع انقضاء الشهر

الأول على تكليف رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري تشكيل الحكومة، يبدو أن كوة صغيرة قد فتحت في جدار المراوحة الذي كانت تصطدم به مساعي التأليف، بحسب المعطيات المتقاطعة لدى أوساط سياسية في الموالاة والمعارضة.

وللمرة الأولى منذ أربعة أسابيع، بدا أن الطرفين صارا على أهبة الانتقال إلى المرحلة الثانية، من مراحل التأليف، والمتصلة بالحقائب والأسماء، بعدما تم التوافق على آلية تتصل بصيغة مشاركة كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان والأكثرية والمعارضة في الحكومة الجديدة.

وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ «السفير» انه في خلال الأيام الماضية، تم كسر الجمود وأصبحنا على عتبة تحقيق خرق جدي، في الأيام القليلة المقبلة، رافضة الخوض في التفاصيل.

وعلم أنه في ضوء لقاء الأربعاء الأخير بين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، تم التوافق على صيغة معينة، بعدما وضع الرئيس سليمان سقفا لا يتنازل عنه لجهة عدم قبول «الوزراء الودائع»، وبينهم أسماء اقترحها عليه الرئيس بري نفسه.

وتم تثبيت الاتفاق في اللقاء الذي جمع لاحقا رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، بحيث تنازل الأخير للمرة الأولى، عن صيغة 16+10+4، لمصلحة صيغة 15+10+5، بحيث يكون لرئيس الجمهورية أن يسمي ضمن حصته الخماسية، وزيرا شيعيا يجب أن توافق عليه المعارضة وتحديدا «حزب الله». كما يسمي رئيس الجمهورية وزيرا سنيا في حصته يجب أن يوافق على اسمه الرئيس المكلف.

وتعني هذه الصيغة عمليا، العودة إلى صيغة «الوزير الملك» الذي يشكل بموافقة المعارضة عليه، نوعا من ضمانة «الثلث الضامن» في القرارات الأساسية التي تحتاج إلى الثلثين في مجلس الوزراء، وحيث سيصار إلى تحديد ذلك بموجب اتفاق خطي يكون ملزمــا للطرفين.

ووفق الصيغة نفسها، تحصل الأكثرية على النصف زائدا واحدا في مجلس الوزراء، على أن تكون عملية تسمية الوزير السادس عشر، رهن تفاهمها المسبق مع رئيس الجمهورية، الذي أراد بهذه المعادلة كسر صيغة «الودائع» وفي الوقت نفسه، أن يسجل على المعارضة والأكثرية أنه هو الذي يشكل ضمانة للطرفين، ولو حصل ذلك بالتفاهم الضمني بينه وبينهم!

وبحسب المعلومات، فان اللقاء الأخير بين رئيس الحكومة المكلف والمعاون السياسي للأمين العام لـ «حزب الله» الحاج حسين خليل، لم يخض في التفاصيل، بل ظلّ متمحورا حول العناوين العامة، لكن وسط مؤشرات حول إمكان كسر الجمود الذي شاب التأليف على مدى شهر.

وبحسب الآلية التي تم التفاهم عليها، يفترض أن يعد رئيس الجمهورية لائحة اســمية بعدد من الوزراء الشيعة، ويطرحهم على الرئيس بري أو وفد من «حزب الله» عندما تصبح اللائحة جاهزة، باعتبار أن الوزير الشيعي السادس هو عمليا من حصة «حزب الله» وليس الرئيس بري الذي قرر عدم التخلي عن حقه بتسمية حصته من الوزراء الشيعة الثلاثة الذين حسم تسمية اثنين منهم حتى الآن وهم من غير النواب، وعلى قاعدة فصل الوزارة عن النيابة.

بري: أسبوع الفصل

وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ «السفير» إن الأسبوع الحالي سيكون الأسبوع – الفيصل، لجهة تحديد المسار الذي ستتخذه عملية تشكيل الحكومة، وأشار إلى انه ما زال يحتفظ بتفاؤله على الرغم من اقتراب الشهر الحالي من نهايته، لافتا الانتباه إلى أن الأيام القليلة التي تفصلنا عن آخر الشهر قد تشهد تطورات إيجابية في اتجاه وضع عربة تأليف الحكومة على السكة الصحيحة، لا سيما انه يُفترض أن يكون الاتفاق على صيغة تشكيل الحكومة قد قطع شوطا كبيرا منذ الأربعاء الماضي،» وعلى قاعدة تجاوز الاصطفاف التقليدي بين 8 و14آذار كما سبق أن أعلنت «، متسائلا في الوقت عينه «على من ستحسبون وزراء «اللقاء الديموقراطي» في الحكومة المقبلة»؟

ورأى بري انه إذا كان للحكومة المقبلة بعد إقليمي يحتاج الى مزيد من البلورة، فإنه يمكننا حتى ذلك الحين قطع المسافة المتعلقة بالابعاد اللبنانية للتأليف، بدلا من الاكتفاء بانتظار العامل الاقليمي.

واعتبر انه في حال التفاهم على قواعد تشكيل الحكومة فإن توزيع الحقائب والأسماء لن يكون مشكلة كبيرة، كما انه توقع عدم بروز عقبات أساسية أمام البيان الوزاري المقبل، كاشفا عن انه سيعمل على تمتين فقرة المقاومة فيه، لتصبح أفضل مما هي عليه في البيان الوزاري الحالي.

وأعرب بري عن ارتياحه لأداء الرئيس المكلف سعد الحريري الذي أبدى استعداده، أكثر من مرة، لزيارة سوريا، وأكد أن لا مشكلة مع العماد ميشال عون الذي يحق له في مرحلة التفاوض أن يطلب ما يرتئيه من الحقائب الوزارية، تماما كما يحق لغيره أن يفعل ذلك.

وإذ توقعت أوساط سياسية واسعة الاطلاع، ألا تطول إجازة الملك السعودي في أغادير، بما يعيد الحرارة قريبا إلى خط الحوار السوري – السعودي، أشارت إلى أن الحوار لم ينقطع بين الجانبين، وربما نشهد تطورا مفاجئا، ربطا بتطورات الملف اللبناني في الأيام المقبلة.

المعارضة: الخروج من الحلقة المفرغة

إلى ذلك، قالت مصادر معارضة لـ «السفير» إن منسوب الجدية في تشكيل الحكومة ارتفع خلال الأيام القليلة الماضية، بحيث ان الرؤية لم تعد غائمة وغامضة كما كانت في السابق.

وأشارت المصادر إلى انه للمرة الأولى منذ مباشرة الرئيس المكلف سعد الحريري مساعيه لتأليف الحكومة، تُسجل محاولة فعلية لكسر الحلقة المفرغة التي تدور فيها المشاورات منذ أربعة أسابيع، متوقعة أن تتبلور الصورة خلال الأيام القليلة المقبلة.

وإذ أوضحت المصادر أن هناك نقاشا جديا يدور حول وضعية الوزير الشيعي السادس وموقعه في التشكيلة الوزارية، لفتت الانتباه إلى أن هذه ليست هي النقطة الوحيدة العالقة، وإنما هناك بحث يدور أيضا في خط مواز حول الإطار السياسي الذي سيحكم عمل الحكومة في المرحلة المقبلة وما يحتاج إليه من ضوابط.

وكشفت المصادر في هذا الإطار عن أن المعارضة تركز على ضرورة الالتزام بمبدأ التفاهم والتوافق حول القرارات الأساسية في الحكومة وعدم اللجوء إلى التصويت لتمرير مسائل خلافية، كالمحاولة التي جرت في الحكومة الحالية عند طرح مسألة التعيينات على طاولة مجلس الوزراء.

وأكدت المصادر أن المطالب المتصلة بالحقائب والأسماء ليست عقدة عصية على الحل، مشددة على أن المعارضة متجانسة ومتناغمة في طروحاتها. وخلصت المصادر إلى القول إن الأمور باتت تبدو، عموما، قابلة للحلحلة وهي تتجه نحو مسارب قد تقود إلى معالجة التعقيدات المحلية التي تؤخر تشكيل الحكومة.

ولم تستبعد المصادر أن يشمل الموضوع كيفية إيجاد ضوابط تتعلق بعدم استقالة وزراء المعارضة ووزراء الأكثرية.

نصر الله: معادلة «تل أبيب مقابل الضاحية»

من جهة ثانية، أطلق الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله معادلة استراتيجية جديدة، في إطار «الحرب الافتراضية» بين المقاومة والجيش الإسرائيلي، مفادها أن المعادلة التي أطلقتها المقاومة، إبان «حرب تموز» 2006 بعنوان «تل ابيب مقابل بيروت»، قد سقطت وهناك معادلة جديدة على الإسرائيلي أن يدركها منذ الآن، ومفادها «تل أبيب مقابل الضاحية الجنوبية لبيروت»… وفي حال استهداف بيروت ستكون هناك معادلة مختلفة وأكثر إيلاما للإسرائيليين.

أضاف السيد نصر الله خلال لقاء مغلق مع حشد من المغتربين اللبنانيين، أن هذه المعادلة لا يراد منها تخويف اللبنانيين أو الجنوبيين، خاصة أننا أمام موسم سياحي واعد جدا، لكن العالم كله يدرك أن إسرائيل منذ اللحظة الأولى لبدء قرار وقف العمليات الحربية وليس وقف النار في 14 آب 2006، وهي تعد العدة لشن حرب جديدة على لبنان لن تكون معها بحاجة إلى ذرائع جديدة.

وعرض السيد نصر الله الأسباب التي تنفي احتمال الحرب أو تؤكده، وقال ان الإسرائيليين راهنوا على مفصلية استحقاق الانتخابات النيابية لمعرفة مدى احتضان البيئة الجماهيرية، وخاصة الشيعية، للمقاومة وقد جاءهم الجواب من خلال الاستفتاء لمصلحة خيار المقاومة ومرشحيها، وهذه من العوامل التي قد ترجئ احتمال الحرب، فضلا عن أهمية تشكيل حكومة وحدة وطنية لمواجهة الاستحقاقات المقبلة.

وقال نصر الله ان الاسرائيليين هددونا بخمس فرق عسكرية سابقا وأنا وعدت بتدميرها. وأنا أقول الآن، إن أي حرب من جانب اسرائيل ضد لبنان ستغير وجه المنطقة بأسرها بطريقة جذرية لصالح خيار قوى المقاومة في المنطقة، ويعني ذلك أن الجيش الاسرائيلي لن يكون مهددا بتدمير فرق عسكرية وحسب، بل حتى بأن تلحق به أفدح هزيمة في تاريخه… وفي كل الأحوال، فإن المقاومة مستعدة لأي مغامرة إسرائيلية، وفي أي لحظة.

وعن موقف النائب وليد جنبلاط، اشاد نصر الله بانفتاحه ومواقفه، وقال ان جنبلاط قرر الوقوف على التل أو في الوسط أو في «مكان ما»، كما يردد هو شخصيا، وفي كل الأحوال، هذا الأمر مفيد وايجابي للمرحلة المقبلة.

وفي موضوع المحكمة الدولية وتقرير «دير شبيغل» قال نصر الله ان هذا الأمر لا يخيف الحزب نهائيا، «ويا جبل ما يهزك ريح. وهم يعرفون أنهم لن يطالونا بشيء، وما دام احد اركان الموالاة قال ان المحكمة صارت لعبة امم، فسيكون حساب من يلعب هذه اللعبة على جنبه».

فرنجية في بكفيا

على صعيد آخر، وبعد فترة قصيرة على زيارة النائب سامي الجميل إلى بنشعي، زار أمس رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية ترافقه زوجته ونجله طوني، الرئيس أمين الجميل في دارته في بكفيا. وأكد الجانبان في بيان صدر بعد اجتماعهما أنهما سيسعيان إلى تثبيت الوجود المسيحي الحر في لبنان والشرق، وتظهير دور المسيحيين في الدولة اللبنانية من خلال المشاركة في القرارات، لا سيما المصيرية منها، فتنتهي مرحلة الإحباط والتهميش والتبعية. وشددا على ضرورة دعم مشروع بناء الدولة الراعية للوحدة الوطنية، والتعددية المجتمعية، والعاملة على تطوير علاقات لبنان بمحيطه العربي.

وأكد الجانبان حرصهما على رئاسة الجمهورية واستنهاض دورها وصلاحياتها من وحي تجربة تطبيق اتفاق الطائف.

كما اتفقا على العمل معاً لمنع التوطين الفلسطيني، وأكدا طي صفحة الحرب نهائياً.

ونوه الجميل بأداء فرنجية الانفتاحي وباعتدال مواقفه، وتمنى أن يشمل هذا المسار أطرافاً مسيحية أخرى لأن الهدف من الاجتماعين بين الكتائب والمردة ليس الوصول إلى مصالحة ثنائية، وإنما الحرص على تجميع مواقف القوى المسيحية، من دون أن يعني ذلك ذوبان أي فريق في الآخر. وفي المقابل، تمنى النائب فرنجية على الجميل أن يكمل في مساره الانفتاحي باتجاه العماد ميشال عون، فرد محدثه بأن العلاقات بين الكتائب و«التيار الحر» ليست مقطوعة وهي رهن أوقاتها. كما بلغ الحديث بين الفريقين «عتبة» البطريركية المارونية، فأكد فرنجية أنه يعترف بمرجعية بكركي ولا يغرد خارج الصف المسيحي، مشيرا إلى أن سوء التفاهم الذي حصل هو مجرد غيمة صيف انتهت.

وقالت مصادر قيادية في المردة لـ «السفير» إن أهمية اللقاء مع الكتائب تكمن في تنظيم الخلاف حول النقاط التي لا نلتقي عليها كالعلاقة مع سوريا وملف المقاومة، وتعزيز القواسم المشتركة التي يمكن التعاون بصددها والمتعلقة بتقوية الدور المسيحي في الدولة وملف اللامركزية وغيرهما. وتم تشكيل لجنة مشتركة لهذه الغاية.