
مشاركة:
إنها ‘العدالة الدولية’ أو ‘لعبة الأمم’ تجد نفسها مرة أخرى ‘تحت الاختبار’..
فالوضع "المشتعل" حديثاً في الجنوب اللبناني يعيد إلى الأذهان محطات كثيرة أثبتت فيها هذه العدالة الدولية "تحيّزها" وهي التي "عجزت" عن إدانة أفظع الجرائم والمجازر التي ترتكبها القوات الاسرائيليين بحق المدنيين الأبرياء و"سارعت" لادانة "إطلاق الصواريخ" أو "أسر الجنود" حين يصدر عن الجانب الآخر..
إنها "العدالة الدولية" إياها التي تطالب المقاومة هنا وهناك بإطلاق سراح غير مشروط لأسرى إسرائيليين وتسكت على مئات لا بل آلاف الأسرى في السجون الاسرائيلية..
إنها "العدالة الدولية" التي "تتفهّم" شنّ إسرائيل لحرب مدمّرة بهدف معلن هو "تحرير أسير" وتسكت عن الجرائم التي ترتكتب في سبيل تحقيق هذا الهدف..
اليوم، تعود "العدالة الدولية" مرة أخرى إلى "قلب الميزان" عبر القرار 1701 الذي يتعرض لـ"هزة" تبدو الأولى من نوعها منذ انتهاء الحرب الاسرائيلية ضدّ لبنان في شهر تموز من العام ألفين وستة..
فإسرائيل، التي لا يمرّ يوم عليها دون أن تمارس هوايتها المفضّلة بـ"انتهاك" السيادة اللبنانية براً وبحراً وجواً دون أي حسيب أو رقيب، يحق لها أن تمارس دور "الضحية" فـ"تشكو" لبنان بكل بساطة متهمة إياه بـ"خرق" القرار الدولي الذي لا تشعر أنها ملزَمة بـ"الالتزام" به..
إسرائيل هذه، التي لا تزال طائراتها "تسرح" و"تمرح" في المجال الجوي اللبناني وسط صمت دولي "مريب" والأخطر "شبه صمت" لبناني، يحق لها أن تذهب إلى الأمم المتحدة لتطلب "النجدة" لأنّ لبنان "يهدّد أمنها" على ما يبدو لا بل أكثر من ذلك، "لا يحترم" القرارات الدولية..
وإذا كانت "الشكوى" الاسرائيلية "اليتيمة" ضدّ لبنان لافتاً بتوقيتها ومضمونها، فإنّ "العدالة الدولية" تخضع للاختبار مرة جديدة وهي التي لم "تحرّك ساكناً" إزاء الخروقات الاسرائيلية اليومية ازاء السيادة اللبنانية، حتى تلك التي أقرّت قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب "اليونيفيل" بحصولها..
على أنّ الوضع "المشتعل" جنوباً، والذي "تستغلّه" إسرائيل في أيامنا هذه لتحقيق "أحلامها" وما أكثرها، "قطع" على ما يبدو "قطوعاً" صعباً كاد ينذر بالأسوأ بين أهل الجنوب و"ضيوفهم" جنود "اليونيفيل" إثر الحادث المؤسف بعيد إقدام بعض الجنود على "اقتحام" بيت آمن في البلدة دون "التنسيق" المفترض مع قيادة الجيش اللبناني.. وفيما كان لافتاً "العلاج الحكيم" للأزمة، برز قيام نواب "حزب الله" بتذكير "اليونيفيل" بـ"حدود" مهمتها في لبنان مع تشديدهم على أنّ الجنوب لم ولن يكون تحت "الانتداب الدولي"..
صدّق أو لا تصدّق: إسرائيل "تشكو" لبنان للأمم المتحدة.. وتتهمه بـ"خرق" الـ1701
إذاً، وفي خطوة "لافتة" ولا تخلو من "الدلالات"، قدمت اسرائيل الليلة الماضية شكوى الى الامم المتحدة حول الحادثين الامنيين اللذين وقعا في منطقة جنوب لبنان قبل عدة ايام وضد اللجنة الاممية التي تتقصى حقائق عملية "الرصاص المتدفّق" في قطاع غزة.
وقالت مندوبة اسرائيل الدائمة لدى الامم المتحدة غابرئيلا شيلو في رسالتها الى الامين العام للمنظمة الدولية بان كي مون ان قوات "اليونيفيل" الدولية لم تحاول منع 11 مواطنا لبنانيا من اجتياز الحدود الى داخل اسرائيل وهم يرفعون اعلام لبنان و"حزب الله".
واعتبرت شيلو حادث انفجار مستودع الذخيرة في خربة سلم بجنوب لبنان خرقا "سافرا" لقرار مجلس الامن 1701 واشارت الى ان مواطنين لبنانيين اعتدوا على المراقبين الدوليين الذين وصلوا الى المكان للتحقيق في ظروف الحادث مما ادى الى اصابة عدد من المراقبين بجروح.
واحتجت المندوبة الاسرائيلية ايضا على قيام اللجنة الاممية برئاسة القاضي غولدستون بلقاء ممثلين عن حكومة حماس في غزة مما يشكل انتهاكا صريحا لشروط اللجنة الرباعية الدولية.
الحريري يرفض التلاعب الاسرائيلي بالـ1701.. و"حزب الله" يدعو "اليونيفيل" لاحترام خصوصية أهل الجنوب
في هذه الأثناء، بقي الجنوب اللبناني في دائرة الضوء في ظل ما يحكى عن "سعي" إسرائيلي لـ"استصدار" قرار بتعديل قواعد الاشتباك لقوات "اليونيفيل"، وهو ما كان مدار بحث بين رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري وممثل الامين العام للامم المتحدة في لبنان مايكل ويليامز.
وقد أكد الحريري "التزام لبنان الكامل بالقرار 1701"، داعياً الى "تطبيقه تطبيقاً كاملاً بكافة بنوده ورفض الدعوات الاسرائيلية لتعديله بأي شكل من الاشكال"، مشدداً على اعتبار قوات الطوارئ الدولية "قوات صديقة تتولى مهمات اساسية في ضمان سيادة لبنان وتطبيق القرار 1701"، مجدداً الدعوة الى "وجوب التنسيق المستمر بين القوات الدولية والجيش اللبناني في ما يعني تطبيق القرار وحماية المدنيين اللبنانيين".
الحريري اعتبر الدعوات الاسرائيلية الى تعديل القرار 1701 "محاولة جديدة للهروب الى الامام وحجب الانظار عن الخروق الحقيقية لهذا القرار سواء من خلال الخرق اليومي للاجواء والمياه اللبنانية او من خلال الاحتلال القائم لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا"، ونبه المجتمع الدولي من "مخاطر الانزلاق نحو أي شكل من اشكال التلاعب بالقرار 1701"، داعياً الى "التمسك بالمهام المنوطة في اطاره بالقوات الدولية وتوفير مقومات الحماية لدورها ومسؤوليتها في حماية الحدود اللبنانية من أي عدوان اسرائيلي".
من جهته دعا ويليامز "كل الافرقاء إلى تجديد التزامها (بالقرار 1701) وأن تمارس ضبط النفس"، ودعا اسرائيل الى وقف خرقها القرار الدولي.
أما "حزب الله" فتولى نوابه التعليق على "المواجهة" بين أهالي خربة سلم و"اليونيفيل" داعين الأخيرة لـ"احترام" خصوصيات المنطقة.
وفي هذا السياق، دعا عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب علي فياض القوات الدولية للالتزام بـ"حدود" دورها، موضحا خلال حفل اقامه في دارته في بلدة الطيبة الحدودية تكريما للاعلاميين العاملين في منطقتي مرجعيون-حاصبيا أن "دور اليونيفيل من الناحية التنفيذية في هذه المناطق انما يرتبط بمساعدة القوات الشرعية اللبنانية". وشدّد فياض على ضرورة ان تحترم "اليونيفيل" خصوصيات القرى وحرمات المنازل وان يقتصر دور ها على حماية السيادة اللبنانية ومساعدة السلطات اللبنانية على حماية السيادة، وهذا يعني ان دور اليونيفل اساسا يجب ان ينصب لمواجهة الاعتداءات والخروقات والانتهاكات الاسرائيلية وفقا لمضمون القرار1701". ورأى فياض أن "التطورات اثبتت يوما بعد يوم أن الضمانات الدولية عاجزة عن ان تحمي السيادة اللبنانية او ان تعين السلطات اللبنانية على استرداد الارض المحتلة او حماية السيادة من الانتهاكات الاسرائيلية اليومية".
من جهته، أكد زميل فياض في الكتلة، النائب نواف الموسوي، أنّها ليست المرة الأولى التي يحاول فيها الاسرائيليون تعديل قواعد الاشتباك في الجنوب اللبناني من خلال تحويل قوات اليونيفل ذراعا ميدانية تنفيذية لما يقررونه. وشدّد، في حديث لـ"النشرة"، على رفض اللبنانيين مجتمعين لتغيير مهمة قوات الطوارئ المنصوص عنها في القرار الدولي 1701 الذي حدّد أن السيادة في جنوبي نهر الليبطاني هي للدولة اللبنانية وحدها والتي تمارس سيادتها عبر قواها الذاتية وفي طليعتها الجيش اللبناني وقال: "مهمة اليونيفل محصورة في مؤازرة الجيش حين يطلب هو ذلك وليس التحرّك وفق ما يطلب الجانب الاسرائيلي فالسلطة هي واحدة للجيش والقوى الأمنية ولا سيادة للأمم المتحدة في منطقة الجنوب لأن المنطقة ليست تحت الانتداب الدولي". وتساءل الموسوي عن دور القوات الدولية في وقف الخروقات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية وخصوصاً للأجواء لا سيما أن معدّلها وبحسب اليونيفل 10 مرات يوميا أي حوالي الـ10000 خرق منذ آب 2006.
السيد نصرالله: لن نسمح للفتنة أن تدخل ساحتنا.. وإسرائيل ليست أكثر من "أداة أميركية"
في غضون ذلك، أطلّ الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله للمرة الثانية في أقل من أسبوع وذلك في كلمة خلال احتفال تأبيني لرئيس "جبهة العمل الاسلامي" الراحل الشيخ فتحي يكن كان لافتاً تغييبه فيها لأي تعليق على ما يحصل في الجنوب ولا سيما العلاقة مع "اليونيفيل".
ونوّه السيد نصرالله، في كلمته، بجهود الراحل فتحي يكن وفضله على الحركة الاسلامية عموماً وفي لبنان خصوصا، موضحا أنه "لا يخفى على احد وبالتحديد في لبنان أنه لا يمكن الحديث عن عمل اسلامي وعن مقاومة اسلامية دون ان نذكر ونستحضر يكن كاحد المؤسسين والقادة والدعاة الكبار وكاحد الاباء المربين الذي تربت على ايديهم وعلى هدي ارشاداتهم وتوجيهات اجيال واجيال من المثقفين والمجاهدين"، مشيرا الى أن "المرحلة التي نعيشها ونواجهها بلبنان بشكل خاص صعبة ومعقدة وخطيرة بحاجة الى مثل شجاعة واخلاص والتزام يكن، وأن الايام والسنوات الماضية التي عشناها كانت من اصعب الايام".
وكشف السيد نصرالله أن السنوات الماضية كانت برأه وبرأي الكثيرين "ذروة وقمة التواطؤ على وجود المقاومة الفيزيائي والخارجي والمادي والبشري وعلى ثقافتها وفكرها والمس بثقافة المقاومة والاستهزاء بالشهادة والشهداء الذين يدافعون عن اقدس قضية، الى اتهام ثقافة المقاومة بانها ثقافة موت وظلام وضياع مقابل ثقافة سموها ثقافة الحياة والقبول بالاستسلام والذل والفتات الذي يقدمه اعداؤنا"، وقال الحملة كانت على المقاومة في كل اماكن وجودها وليس على السلاح فقط، بل ايضا عبر اغتيال قادة المقاومة كعماد مغنية وصولا الى الاغتيال المعنوي عبر الاتهام بالعمل لمصلحة مشاريع خارجية بعيدا عن المصالح الوطنية والقومية وصولا الى الحروب التي شنت كما حصل في حربي تموز وغزة"، وأكد أن كل ما يستطيع ان يفعله اعداؤنا ضد المقاومة فعلوه وفشلوا لان الله يحميها".
وإذ اعتبر السيد نصرالله ان "اسرائيل هي مجرد اداة اميركية وهي تابع اميركي"، جدد التأكيد ان الانقسام بعد حرب تموز هو انقسام سياسي رغم ان البعض كان يروج على انه خلاف طائفي وكان مروجوه يخططون لهذا"، مشيرا الى أن "هذا البعض ما زال يعيش على هذه الامال وما زال يحلم ان تندفع الامور مجددا باتجاه فتنة طائفية ومذهبية"، مشددا على أن "كل من يراهن على فتنة طائفية في لبنان لن نسمح لهم ان ينالو من ساحتنا الوطنية".
سليمان يرى أن "الأمور تسير بالاتجاه الصحيح".. وجنبلاط يستغرب "الضجيج المفتعل"
حكومياً، وإذ استمرت الاتصالات والمشاورات لاختراق العقد وتذليل العقبات أمام التشكيلة العتيدة، رأى رئيس الجمهورية ميشال سليمان "أن الامور تسير في الاتجاه الصحيح"، وأشار الى "أن اللبنانيين منذ اتفاق الدوحة وإعادة إحياء السلطات والمؤسسات بدأوا يأخذون أمورهم بأيديهم وهذا يفسر استغراق بعض الوقت الذي يمكن تقبله إذا بقي ضمن منطق المقبول لإنجاز بعض الملفات واجتياز بعض المحطات خصوصاً على المستوى السياسي العام".
توازياً، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة دعمه رئيس الحكومة المكلّف في مهمته، واعتبر أن "تأليف الحكومة الجديدة لا بد أن يأخذ وقته، ولا بد أن نكون دائمًا الى جانب الرئيس سعد الحريري في عملية التأليف"، وقال "على الرغم من أنّه ما زالت هناك مصاعب وعقبات تكتنف هذه العملية، لكن يجب ألا نيأس وألا نفقد الأمل"، مؤكداً "العمل على مبدأ اعادة الاعتبار الى الدولة اللبنانية وتأكيد العيش المشترك للبنانيين وعلى أن لبنان لا يمكن أن ينهض الا بتضامن جميع ابنائه".
في غضون ذلك، استغرب رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط ما أسماه "هذا الضجيج المفتعل حول كل كلمة وتصريح وموقف وآخرها ما كان أثير من عاصفة تعليقات حول ما سمي "التجمع الاسلامي"، ولفت الى أن "الهدف منه لم يكن سوى السعي الجدي الى تنقية أجواء الساحة الاسلامية بعد ما مرت به من خلافات عميقة وصلت الى مستوى خطير كاد يجر البلاد الى الحرب الاهلية مجددا"، ورأى أن "المطلوب هو التوصل الى تفاهمات سياسية تجنب العودة الى نفق التوتر المذهبي والطائفي وليس المطلوب بناء تحالفات طائفية في مواجهة طوائف أخرى".