مشاركة:
إنه وليد جنبلاط مجدداً.. ‘مايسترو’ السياسة اللبنانية!
ففيما لا يزال ‘الركود
يسيطر على الساحة السياسية مع استمرار "التجاذب" حول "مقعد بالزائد" وآخر "بالناقص" في حكومة يفترض أن تكون "حكومة شراكة" كما يقولون، وفيما يكثّف رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مشاوراته لتشكيل هذه الحكومة "متسلحاً" بـ"تفاؤل" رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي "غامر" فأعطى موعداً لـ"الولادة الحكومية" نهاية الشهر الجاري، كان رئيس "اللقاء الديمقراطي" وليد جنبلاط يشكّل الحدث مرة أخرى..
فبعد ساعات على بدء تسريب معلومات صحافية عن لقاء قريب بينه وبين "خصمه اللدود" في المعارضة رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون وذلك بعد أن باتت لقاءاته مع "بقية" المعارضة ولا سيما "حزب الله" وحركة "أمل" في خانة "الدورية"، قرّر زعيم "المختارة" تكريس "انعطافته" الجديدة فلم يتردد بالدعوة علناً لـ"تجمّع قوي" كما قال يضمه وتيار "المستقبل" و"حزب الله" ورئيس المجلس النيابي نبيه بري في استعادة واضحة لـ"التحالف الرباعي"..
لكنّ رئيس "اللقاء الديمقراطي"، الذي أدرك في قرارة نفسه أنه ربما يغيّب بهذه الدعوة فئة أساسية من المجتمع اللبناني يمثلها المسيحيون سواء من "حلفائه" أو "خصومه"، قرّر "تطييب خواطر" هؤلاء وليته لم يفعل فناشدهم بكل بساطة لـ"عدم الانزعاج" لأنّ عليهم، وبكل بساطة، أن يدركوا أنّ الساحة الاسلامية هي "الأساس"..
إنه وليد جنبلاط مجددا.. "مايسترو" السياسة اللبنانية الذي يفاجئ في كل مرة "الحلفاء" قبل "الخصوم" قبل أن يواصل مسيرته وكأنّ شيئاً لم يكن..
هكذا، نام اللبنانيون على "البيك" يحلم باستعادة "أمجاد" التحالف الرباعي بدعوته الواضحة الصريحة لاعادة "إحيائه" قبل أن يستفيقوا على نفي "البيك" لهذه النية.. فمن دعا لانشاء "تجمّع قوي" يضمه ومختلف أطياف هذا التحالف لم يرغب أبداً بإحياء هذا التحالف، كما يقول، لكنه كان يقصد فقط معالجة التداعيات المذهبية للمرحلة السابقة "ونقطة على السطر"!
إنه وليد جنبلاط مجدداً.. يفاجئ "الحلفاء" الذين يقضي "الصمت" عليهم لفترة من الزمن ينهونها بالتأكيد على أنّ "وليد جنبلاط متمايز وهذا ليس سراً" قبل ان يردفوا أنه متفق وإياهم على "الثوابت الأساسية"، ثوابت يبدو أنها تتضمن "تغييب المسيحيين" عن القرار لأنهم، وبكل بساطة، ليسوا "الأساس"!
جنبلاط يدعو لاحياء التحالف الرباعي ثم يتراجع.. ويطالب المسيحيين بـ"عدم الانزعاج"
إذاً، وفي موقف لافت للانتباه، دعا رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط الى "انشاء تجمع قوي" يضمه وتيار "المستقبل" و"حزب الله" ورئيس مجلس النواب نبيه بري لأن الاساس، برأيه، هو "الساحة الاسلامية في بيروت والضواحي". ولذلك، فهو يطالب "الساحة المسيحية بعدم الانزعاج من ذلك، لأن عليها ان تفهم ان السياستين الاميركية المحافظة والاسرائيلية تعملان على فصل المسار الفلسطيني عن لب الصراع مع اسرائيل لتفتيت العالم العربي".
وفي حديث إلى صحيفة "أوان" الكويتية، أكد جنبلاط أنّ رئيس "اللقاء الديمقراطي" أن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري "سيزور دمشق بحضور الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز بعد أن يؤلف هذه الحكومة"، واصفا أجواء عملية التأليف بالـ"إيجابية"، من دون أن يحدد موعدا لولادة الحكومة.
وعلى غرار عادته منذ "انعطافته" الأخيرة، نبه "البيك" الى أن ما نشر في مجلة "دير شبيغل" الالمانية من اتهام لـ"حزب الله" بالتورط في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري هو فخ، "وهنا لعبة الامم" على حدّ تعبيره.
لكنّ جنبلاط "تنبّه" لكلامه وما يمكن أن ينطوي عليه من "دلالات" بعد أن وصلت "الرسالة" إلى من يجب أن تصل إليه فانتظر صباح اليوم التالي لتنشر صحيفة "السفير" توضيحه القائل بأنّ لا علاقة لكلامه حول "التجمع القوي" بإعادة احياء "الحلف الرباعي"، مؤكدا ان الغاية مما طرحه هي فقط معالجة التداعيات المذهبية للمرحلة السابقة في بيروت ومحيطها، ولا مبرر لأي تأويلات لا معنى ولا قيمة لها. وشدد على أهمية اللقاء الاسلامي العريض للوقاية من المشروع الاسرائيلي التفتيتي.
واستكمالا لهذا الموقف، أكدت أوساط جنبلاط لصحيفة "السفير" ان كلامه يندرج في إطار الدعوة الى مصارحة شفافة على المستوى الاسلامي لتدارك ومحو آثار 7 أيار حتى تكون الساحة الاسلامية بمنأى عن التداعيات المذهبية. واعتبرت ان لا داعي ليشعر المسيحيون بأي قلق من كلام جنبلاط لانه إذا كان رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" يسعى الى ازالة التوترات المذهبية فمن باب أولى ألا يطالب بتحالفات طائفية في مواجهة تحالفات أخرى.
من جهتها، نقلت صحيفة "النهار" عن مصادر مسؤولة في "الحزب التقدمي الاشتراكي" قولها ان جنبلاط قصد من كلامه الذي جاء في سياق حوار ان "ليس المطلوب اعادة انتاج أحلاف سابقة بقدر ما هو دعوة الى حصول مصارحة شاملة وواضحة على المستوى الاسلامي من القاعدة الى القمة للخروج من حالة التوتر المذهبي والطائفي ولتنقية الساحة الاسلامية من التشنجات التي كانت تولدت في المرحلة السابقة". ولفتت الى ان "مطالبة جنبلاط بحصول تنقية اسلامية لا تهدف الى بناء تحالف طائفي في مواجهة طوائف أخرى".
تحضيرات "هادئة" للقاء بين جنبلاط وعون.. وعون يرفض اجتماعاً "استعراضياً"
في هذه الأثناء، وفي اطار اللقاءات التنسيقية بين "حزب الله" و"الحزب التقدمي الاشتراكي"، عقد لقاء على صعيد اقليم الخروب والشوف ضم مسؤولين ميدانيين من الحزبين في حضور النائب أكرم شهيب والنائب علاء الدين ترو ورئيس لجنة الارتباط والتنسيق في "حزب الله" وفيق صفا. وأفاد بيان للمجتمعين انه "جرى وضع تصور للقاءات واتصالات ميدانية بينهما، كما جرى تقويم الخطوات والاتصالات السابقة في الجبل، وجرى الاتفاق على حركة تواصل أهلي بين القرى في الجبل والساحل".
إلى ذلك، ذكرت صحيفة "السفير" أنّ الاتصالات مستمرة بعيدا عن الاضواء لانضاج مقومات اللقاء بين العماد ميشال عون والنائب وليد جنبلاط. وفي حين يتولى أصدقاء مشتركون التحرك على خط الرابية – كليمنصو، قالت مصادر مطلعة في التيار الوطني الحر لـ"السفير" ان عون لا يريد ان يكون الاجتماع استعراضيا او لالتقاط الصورة فقط، بل يسعى الى جعله منتجا، لافتة الانتباه الى ان ملف استكمال عودة المهجرين يشكل إحدى العقد البارزة في العلاقة مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وعون يأمل في ان يحمل اجتماعه مع جنبلاط حلحلة لهذه العقدة، بما يعطي دفعا للعلاقة بين الجانبين ويساهم في طي ملف المهجرين.
وأبلغت مصادر اشتراكية الصحيفة عينها ان هناك استعدادا لدى الفريقين للتلاقي ولكن الامر ما زال عند حدود إعلان النوايا ولم يبلغ بعد مستوى الخطوات التنفيذية، مشيرة الى ان جنبلاط يريد ان يندرج هذا اللقاء في إطار مناخ التهدئة والحوار، لتحصين مناعة الساحة الداخلية، ومعتبرة ان استيلاد بعض الملفات يصبح شكلا من أشكال الشروط المسبقة، علما ان رئيس الحزب التقدمي مستعجل أكثر من غيره لطي ملف المهجرين ولكن الاجهزة الرسمية هي المعنية بمتابعة تفاصيله.