
مشاركة:
الحريـري ينتظـر من الرياض موعـد زيارته لدمشـق
«صارت صياغة مشاركة المعارضة في حكومة الوحدة الوطنية،
خلف ظهر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، بل يمكن القول إن الصيغة أكثر سهولة من الصياغة السياسية للحكومة الجديدة، وخاصة مقاربتها للعلاقات اللبنانية ـ السورية»…
في هذا السياق، اتجهت الأنظار الى الرياض ودمشق. ففي الأولى، تجري محاولة صياغة أول توجه سعودي لمستقبل العلاقات مع دمشق في المرحلة المقبلة، استكمالا لخطاب الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة الكويت، على أن يكون موضوع تولي الحريري رئاسة الحكومة وعلاقته بدمشق، جزءا لا يتجزأ منها… أما الثانية، فلم تغير عادة الصبر، في انتظار، ما يحمله اليها «عبدا العزيز» ابن عبد الله وابن خوجة، من أجوبة ، ستتحول عمليا الى ضمانات وآليات لكل مسار التأليف الحكومي.
وقالت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع إن خوجة وصل أمس إلى دمشق ولكنها لم تشر إلى وصول عبد العزيز بن عبد الله أو إلى عدم وصوله.
وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية ان الملك السعودي سيلتقي الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق يوم الاثنين المقبل. ونقلت عن مصادر دبلوماسية عربية قولها، «انه من المتوقع أن تبدأ زيارة العاهل السعودي إلى دمشق يوم الاثنين المقبل لإجراء مباحثات مع الرئيس السوري بشار الأسد تتعلق ببحث العلاقات العربية -العربية والقضايا الإقليمية الراهنة وعلى رأسها الوضع على الساحة اللبنانية التي تشهد قرب تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة زعيم الغالبية سـعد الحريري».
وعلمت «السفير» استنادا الى مصادر واسعة الاطلاع، أن الرئيس المكلف سعد الحريري سيزور دمشق، قبل انجاز التأليف، بمعزل عن صيغة الزيارة التي يجري ترتيبها حاليا، سواء قبل بنصيحة السعوديين، بالتوجه الى العاصمة السورية، قبل الملك عبد الله، أو أن يلتحق بالعاهل السعودي بعد وصوله الى العاصمة السورية، وفي كلتا الحالتين، فإن المضمون يبقى واحدا.
جنبلاط لـ «السفير»: الجيش قدوة للمؤسسات
وفيما بدأ بعض فريق الأكثرية، وخاصة قائد «القوات» سمير جعجع وبعض مسيحيي 14 آذار، باطلاق النار سياسيا على زيارة الحريري المحتملة الى دمشق، سارع رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط للرد على هؤلاء، داعيا الى استعادة مناخ الثقة بين البلدين من خلال التركيز على ملف العلاقات الثنائية «وتأجيل ما عدا ذلك، من عناوين سواء أكانت خلافية، أم لم تكن كذلك، الى مراحل لاحقة».
وقال جنبلاط لـ «السفير» ان رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري يستطيع أن يحكم، لكن ليس ضد سوريا ولا بالأحقاد أو النكايات. أضاف أن الحريري «يحكم بالتوافق السوري السعودي الذي نريده مدخلا لتوافق سعودي ايراني، وذلك من أجل درء خطر الفتنة المذهبية، خاصة في لبنان».
اضاف جنبلاط «علينا أن نعود الى التاريخ، فكلما كانت تختل التسوية العربية العربية كان لبنان هو من يدفع الثمن، لذلك نريده اليوم أن يربح من خلال التسوية السورية السعودية، ومن ثم السعودية الايرانية، بدلا من الرهانات الخاطئة والغبية على فك سوريا عن ايران».
ونصح جنبلاط النائب الحريري بأن يكثف لقاءاته مع الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وقال ان مرحلة جديدة بدأناها بعد الانتخابات، ولا بد من الاقتداء بعملية الحوار والتقارب والمصالحة التي تجري بين «حزب الله» والحزب التقدمي الاشتراكي، بحيث لا تكون المصالحات فوقية بل أن تنزل الى القواعد وهذه مسؤولية سعد الحريري وكذلك «حزب الله» و«امل» في بيروت والضواحي القريبة منها.
ورفض جنبلاط الانتقادات الموجهة الى الجيش، خاصة في ما يخص أحداث عائشة بكار، وقال «حبذا لو أن ربع المؤسسات الأمنية في البلد يقتدي بمؤسسة الجيش، لكنا وفرنا على انفسنا الكثير من العناء والمشاكل ووجع الرأس».
وقال جنبلاط: «كما تعاملنا في الأمس القريب مع قضية الزيادين والشهيد لطفي زين الدين، علينا أن نتعامل مع قضية الشهيدة زينة الميري… وبالتالي أكرر اليوم ما قلته، بالأمس، بأن الدولة وحدها هي التي تحمي الجميع، وأدعو الجميع للاقتداء بالمؤسسة العسكرية، التي نحمّلها مسؤوليات أكبر من طاقاتها».
يذكر أن جنبلاط زار، أمس، منطقة عائشة بكار معزيا بالشهيدة الميري، وتبعه الرئيس الحريري الذي دعا عائلة زينة الميري الى الثقة بالدولة وأجهزتها من جيش وقوى أمن «لأنه لا بديل لأحد عن الدولة ومؤسساتها».
«العقدة المسيحية» من يحلها… وكيف؟
ومن المتوقع أن تشكل مسألة التمثيل المسيحي في الحكومة المقبلة العقدة الأبرز أمام الرئيس المكلف، بعد أن تصبح طريق بيروت ـ دمشق معبدة أمامه قريبا، وذلك بسبب عدم التوازن بين العرض والطلب، نتيجة كثرة الطامحين في الموالاة والمعارضة ومحدودية المقاعد الوزارية التي لا يتجاوز عددها الـ 15مقعدا للمسيحيين في حكومة من ثلاثين وزيرا.
زد على ذلك، أن رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، الذي «تساهل» (على حد تعبير مقربين منه) في موضوع حصته في الحكومة الأولى لعهده، لن يتنازل هذه المرة عن السقف الذي حدده، لجهة اختيار سبعة وزراء، بينهم خمسة مسيحيين على الأقل واثنان من المسلمين (سني وشيعي).
ونقل زوار الرئيس سليمان عنه قوله انه لن يوقع مرسوما لا يعطيه مثل هذه النسبة، مبديا عتبه الشديد على فريق 14 آذار، الذي لطالما ردد خلال الانتخابات وقبلها أنه مستعد لاعطاء «الثلث الضامن» لرئيس الجمهورية، وعندما انتهت الانتخابات، باتت المعارضة متساهلة مع حصة الرئيس أكثر من الأكثرية، مبديا تفهمه في الوقت نفسه، لروحية ما يطرحه العماد ميشال عون، حول وجوب أن تكون حصة رئيس الجمهورية، جزءا من نص دستوري.
ووفق حساب بسيط، فإن هناك زحمة مستوزرين مسيحيين، تعكسه الشهية المفتوحة لدى كل الاطراف، التي يرغب كل منها في تعزيز مواقعه داخل الحكومة، سعيا الى تلميع صورته في «شارعه» أولا، وبما يمنحه القدرة على التأثير في مجريات عمل السلطة التنفيذية والاستفادة من مغانمها ثانيا.
ويمكن «تسييل» رغبات المعنيين بالحصة المسيحية في حكومة سعد الحريري الأولى الثلاثينية، كالآتي:
رئيس الجمهورية: (5 وزراء مسيحيين من أصل 7 يطالب بهم، وهو أبلغ هذا الموقف صراحة للرئيس المكلف)، «التيار الوطني الحر» (6 وزراء مسيحيين من أصل 7 طالب بهم)، على أن يكون الوزير السابع هو طلال ارسلان بالاتفاق مع النائب وليد جنبلاط.
وكان لافتا للانتباه، أن النائب جنبلاط، قرر «التواضع» في موضوع حصته المسيحية، وهو أدرك «مبكرا» حجم الاحراجات التي تنتظر الرئيس المكلف، فقرر «التنازل» عنها، وهو عبر عن ذلك صراحة خلال لقائه الحريري، في مجلس النواب برفقة نواب «اللقاء الديموقراطي» الذين اصيبوا بالدهشة، بينما كان «رئيسهم» يتبرع بمقاعدهم المحتملة لصالح المستوزرين «الكتائبيين» و«القواتيين» و«المستقلين».
وتطالب «القوات اللبنانية» بمقعدين مسيحيين (ماروني وأرثوذكسي)، كما هي حال حزب الكتائب الذي يطالب بمقعدين، أحدهما ماروني والثاني تبعا للمعطيات السياسية، من دون اغفال حقيقة وجود عدد لا يقل عن عدد أصابع اليد الواحدة من المسيحيين «الموعودين» من تيار المستقبل بالتوزير، عدا عن «مستقلي» 14آذار(…)، وأبرزهم النائبان نقولا فتوش وبطرس حرب، وبذلك يكون مجموع الطامحين للتوزير مسيحيا يتجاوز العشرين، ما يعني ان هناك فائضا يساوي 5 مرشحين يجب «التضحية» بهم لتستقيم المعادلة الحسابية.
وإذا جرى الافتراض ان المطالب المعلنة للاطراف المشار اليها أعلاه إنما تندرج في إطار تحسين الشروط التفاوضية ليس إلا، وبالتالي لا بد من إعادة تكييفها مع متطلبات الواقعية السياسية والتفاهمات المحتملة، فإن الارقام يمكن ان تتعدل لتصبح كالآتي:
رئيس الجمهورية (3)، «تكتل التغيير والاصلاح» بما في ذلك حصة النائب سليمان فرنجية و«الطاشناق» (5)، «القوات اللبنانية» (2)، حزب الكتائب (2)، «تيار المستقبل» و«المستقلون» في 14 آذار (3).
هذا التدافع الافتراضي لتكبير الاحجام الحكومية، يجعل من يُعرفون بالمستقلين في 14 آذار يخشون أن تأتي التسوية مرة أخرى على حسابهم ولو أنهم صاروا أقلية الأقلية في الأكثرية.
والى جانب الخلاف المتوقع على العدد، تبرز أيضا مشكلة توزيع الحقائب داخل الصف المسيحي، ومن بين معالمها على سبيل المثال تمسك «القوات» بحقيبة العدل التي يشغلها حاليا الوزير ابراهيم نجار، فيما تفيد بعض المعلومات ان الرئيس ميشال سليمان يتطلع الى ان تضم حصته وزارات العدل والدفاع والداخلية، باعتبارها وزارات سيادية حساسة، يجب إخراجها من الاصطفافات الحادة لتكون تحت مظلة رئيس الجمهورية الذي يشكل بدوره التوافقي والحيادي الضمانة للجميع، خاصة في ضوء تجربة وزير الداخلية زياد بارود الناجحة.
وقال النائب ميشال فرعون لـ «السفير» انه يصر على توزيره في الحكومة الجديدة لاعتبارين: الاول، يتصل بضرورة تصحيح الخطأ الذي تم ارتكابه في حكومة ما بعد اتفاق الدوحة والعودة الى تمثيل كتلة مسيحيي بيروت كما درجت العادة منذ الاستقلال، والثاني يتعلق «بالحيثية الكاثوليكية التي منحنتني إياها الانتخابات»، مؤكدا انه يطلب المشاركة في الحكومة على أساس هذين المعيارين «وليس بصفتي محسوبا على تيار المستقبل لانني لا أنتمي اليه تنظيميا».
واعتبر فرعون انه ليس ضروريا ان ينال العماد ميشال عون ما يطالب به، مشيرا الى ان حصة عون الوزارية يجب ان يتفق عليها مع حلفائه في المعارضة من ضمن العدد الذي سيحصلون عليه وهو 10 وزراء، ولا يجوز ان يرمي الكرة الى ملعب الآخرين.
واكد رئيس كتلة «زحلة بالقلب» النائب نقولا فتوش ان كتلته من اكبر الكتل السياسية، ومن حقها ان تنال حقوقها، وقال «نحن لا نطلب التمثيل منة من احد ولا نطلب وزارات هامشية، بل وزارات أساسية، نحن نؤمن بالحقوق وعندما يبحث التوزيع الوزاري وفقا لعدد المقاعد الوزارية، هذا الأمر يقرره الرئيس سعد الحريري والرئيس العماد ميشال سليمان».
وفد علمائي من «حزب الله» في الجبل غداً
من جهة ثانية، علمت «السفير» أنه في اطار الاجتماعات التي عقدت مؤخرا بين وفدين قياديين من الحزب التقدمي الاشتراكي و«حزب الله»، برئاسة النائب أكرم شهيب ووفيق صفا، من المقرر أن يقوم وفد علمائي من «حزب الله» غدا، بجولة على المرجعيات الدينية الدرزية في بيصور وعرمون وبعقلين والباروك، على أن تلي ذلك في المستقبل القريب خطوات على مستوى القواعد والقطاعات المهنية «بما يعيد الأمور الى نصابها، خاصة أن هناك تاريخا مشتركا بين الجانبين لا يمكن التفريط به» على حد تعبير مصدر متابع.