
مشاركة:
ليس عبثاً ما يقوم به النائب وليد جنبلاط من هجوم على بعض قوى 14 آذار.
وهو في هجومه المباشر يطال القوى
الأضعف في هذا التكتل، الذين خالوا للحظة أن جنبلاط أصبح حليفاً ودخل معهم في مشروع «لبنان أولاً»، قبل أن ينتفض في إعادة قراءة للواقع السياسي الإقليمي، ويستدير نحو العروبة وفلسطين، التي يصرّ هو على أنه لم يتخلّ عنها يوماً.
الهجوم على شعار لبنان أولاً يطال الحليف الأقرب لجنبلاط، أي سعد الحريري، لكنّ الرجل يتابع تحوّله المرتبط بما يجري في المنطقة، ويمكن سماعه يقول للبعض أن لا يراهنوا على تغيرات في إيران، وإن كان هو يرى في ما يحصل في إيران استعادة لصورة سقوط جدار برلين.
يحاول جنبلاط برأي بعض مَن في قوى 14 آذار الاستفادة من الهجوم على هذه القوى وشعاراتها للحصول على ممرّات سريعة نحو العاصمة السورية، وهو ما يصرّ جنبلاط على أنه لن يكون إلا بعد زيارة الحريري لدمشق. وهذا الموقف يسهم في تمتين ثقة بدأ جنبلاط إعادة بنائها مع حزب الله وأمينه العام، ورسم تشكيلة مختلفة من القوى خارج التناحر السائد بين 8 و14 آذار. إضافة إلى استعادة دور ما في الحكومة المقبلة يمكنه من خلاله طرح وجهة معادية للخصخصة ورؤية تستفيد مما حصل في العالم من انهيارات اقتصادية، لتخفيف وطأة ما يحصل عالمياً على لبنان.
أمس التقت الأمانة العامّة لفريق 14 آذار. حضر النائب مروان حمادة ممثلاً اللقاء الديموقراطي. حمادة ليس عضواً في الحزب الاشتراكي، بل هو صديق، كما يقول النائب وليد جنبلاط بلسانه. وجود حمادة عوضاً عن وجود أحد الحزبيين، كما كان يحصل في الماضي حين كان يحضر وائل أبو فاعور، هو دليل على أن شيئاً ما في العلاقة بين جنبلاط وحلفائه الآذاريين لا يسير كما يجب.
عضو الأمانة العامّة لـ14 آذار، النائب السابق مصطفى علّوش، ينفي هذا الكلام. يقول إن حمادة جلس إلى جانب ممثل حزب الكتائب، وكأن شيئاً لم يحصل. يُضيف قائلاً إنّ الاشتراكي يستعيد خطاباً يسارياً قديماً، لكن هذا لا يعني وجود خلاف مع 14 آذار. ويقول إنّ ما في الأمر هو نوع من الاختلاف بطرق التعبير.
يوافق النائب عن تيار المستقبل عمّار حوري على هذا الكلام، ويجزم بعدم وجود أي مشكلة، مضيفاً أن الشعارات التي طرحها النائب جنبلاط ليست من خارج سياق قوى 14 آذار، فلا أحد بين هذه القوى يؤيد التقوقع أو يعادي عروبة لبنان.
في المقابل، تؤكد مصادر كتائبيّة أن لا مشكلة مع جنبلاط عدا ما قاله لـ«الأخبار» منذ يومين. وتُضيف أن الكتائب فوجئت بما قاله جنبلاط. وتُشير إلى أن اجتماعاً ضم الرئيس أمين الجميّل والنائب سامي الجميّل والمسؤول الإعلامي في الحزب سيرج داغر، للتباحث في الردّ على جنبلاط. وتؤكّد هذه المصادر أن قرار عدم الرد ذاتي وخاص بالكتائب، وليس تحت تأثير طلب ما من الرئيس المكلّف سعد الحريري. والسبب وراء عدم الرد هو عدم الرغبة في فتح جبهة إعلاميّة مع جنبلاط.
لكنّ هذه المصادر لا تنفي أن يكون سعد الحريري يسعى إلى استيعاب أي حالات خلافيّة في فريقه أو حتى مع المعارضة، فكيف مع شخصية حليفة كرئيس الحزب الاشتراكي، وذلك لإنجاح الطبخة الحكوميّة والتمكن من الانطلاق في بداية عهده بقوة مستندة إلى تحالف 14 آذار المتماسك. وتتوقّع هذه المصادر أن يكون التفاوض في تأليف الحكومة هو أحد أسباب التصعيد الكلامي الجنبلاطي.
وترى مصادر في القوات اللبنانيّة أن هذا أسلوب وليد جنبلاط في التعبير. وإذ تنفي المصادر أي خلاف مع الرجل، تُشير إلى أن الموضوع لا يتجاوز، حتى الآن، الاختلاف بأسلوب الكلام.
إلا أن من يتمكّنون من اللقاء مع جنبلاط هذه الأيام يدركون أن المراجعة التي يجريها دورياً، والتي أجراها أخيراً، قد أعادته إلى خطاب يساري وعروبي مختلف عما ذهب إليه في الأعوام الأربعة الماضية، وتحديداً منذ مرحلة التحضير للقرار الدولي 1595، إذ بات رئيس الحزب الاشتراكي اليوم يتحدث باعتزاز وإسهاب عن مرحلة إسقاط اتفاق السابع عشر من أيار (1983)، وعن دوره في دعم المقاومة الوطنية اللبنانية، وعن مطالب الناس المباشرة، ومعالجة أزمات الدَّين العام الذي يتورط فيه البلد أكثر فأكثر.