مشاركة:
العيون مشدودة، وكل الانظار تتجه خلال اليومين المقبلين الى ساحة النجمة بانتظار موعد انتخاب رئيس المجلس النيابي، والتجديد للرئيس نبيه بري لولاية خامسة
في وقت لم يرشح فيه اي جديد حول الطبخة الحكومية التي يعدها امهر طهاة المطبخ الدولي والاقليمي، لملء البطون اللبنانية الخاوية، فبدا وكأن مكونات الوصفة تحتاج لبهارات خليجية وملوحات مصرية واواني سورية حتى تكتمل، وهو ما لوحظ بالامس من خلال زيارة وزير الاعلام السعودي عبد العزيز خوجة الى دمشق، والمعلومات التي اخذت تسرب عن احتمال لقاء الرئيس بشّار الاسد والملك عبد الله من جهة، ومن محطة النائب سعد الحريري امس في القاهرة ولقائه اليوم الرئيس مبارك، ما يؤشر الى ان رئاسة الحكومة قد اصبحت شبه محسومة للنائب سعد الحريري بدمغة سعودية، انما بقي عليه اخذ رضى الطرف المصري لهذا الترشيح، وهو ما سيحاول فعله في لقائه الرئيس المصري اليوم خصوصا وان المصريين كانوا ولا يزالون يفضلون مجيء الرئيس فؤاد السنيورة على النائب الحريري، فاذا ما نجح في ذلك، يتم تجاوز العقدة الاولى في تشكيل الحكومة وهي رئاسة الحكومة من خلال الاستشارات الرئاسية الاقليمية شبه الملزمة قبيل الاستشارات النيابية الملزمة .
انتخابات رئاسة المجلس النيابي
إذا، يجتاز لبنان يوم الخميس المقبل الاختبار الاول في استحقاقات ما بعد الانتخابات النيابية، وهو اذ يخوض استحقاق انتخابات رئاسة المجلس النيابي فلا مفاجآت تذكر على هذا الصعيد، خصوصا وان هذا الاستحقاق يمكن وصفه بالاقل تعقيدا امام غيره من الاستحقاقات القادمة، لاسباب كثيرة اولها ضيق هامش المناورة امام فريق 14 اذار للمناداة بانتخاب غيره، ثانيها تحالفه الدائم والمستمر مع النائب وليد جنبلاط ما دفع بالاخير لتأييد الرئيس بري في معركته في وقت مبكر عن حلفائه، هذا فضلا عن عدم وجود مرشحين شيعة آخرين ذوي وزن رئاسي مستقلين او موالين لخوض الموالاة معركة في وجه الرئيس نبيه بري المعروف عنه حذاقته السياسية في تدوير الزوايا بين الاطراف كافة.
وفي هذا السياق، أعلن "رئيس السن" في المجلس النيابي النائب عبداللطيف الزين امس العاشرة والنصف من صباح يوم الخميس المقبل الواقع فيه 25 حزيران 2009 موعداً لجلسة انتخاب رئيس المجلس النيابي وهيئة مكتب المجلس.
من جهته، قال عضو كتلة التنمية والتحرير ياسين جابر في حديث الى صحيفة "الأنباء" الكويتية ان انتخاب رئيس المجلس النيابي المنتهية ولايته نبيه بري رئيسا لمجلس النواب الجديد بات أمرا منتهيا خصوصا انه ليس هناك مرشح آخر مطروح بجدية، لافتا الى ان بري سينتخب بغالبية نيابية كبيرة تلامس 90% من النواب.
وأضاف ردا على سؤال حيال المواقف المنتقدة لانتخاب بري أو التي تضع شروطا، خصوصا من داخل فريق الأكثرية، ان من يضع الشروط على انتخاب بري فسيعود ويصوت له، مؤكدا ان الكتل النيابية الكبرى التي تشكل منها مجلس النواب الجديد هي مع انتخاب بري، واعتبر ان بري هو رجل هذه المرحلة، لاسيما انه حافظ على العلاقات بين الأفرقاء في زمن الانقسام الحاد وأبقى على شعرة معاوية بين الفرقاء اللبنانيين، معربا عن اعتقاده ان لبري دورا كبيرا سيلعبه في المرحلة القادمة.
وقال جابر ان بري لا يخضع لأي ابتزاز وهو مرشح تحت ضوابط قانونية ودستورية يلتزم بها أي رئيس ينتخب سواء كان رئيس جمهورية أو رئيس حكومة أو أي وزير يعيّن.
بدورها، عقدت كتلة "الوفاء للمقاومة" امس أول اجتماع لها لهذه الدورة، معلنة أنها ستجدد انتخاب رئيس المجلس النيابي نبيه بري لولاية جديدة. وأكدت في بيان لها بعد الاجتماع، أن الانتخابات وما أسفرت عنه من نتائج أصبحت وراءنا وبات على اللبنانيين أن ينظروا في ما يصلح لبلدهم وشؤونهم.
من جهتها ، ذكرت صحيفة "النهار" ان اعادة انتخاب رئيس المجلس النيابي نبيه بري رئيسا للمجلس للمرة الخامسة والنائب فريد مكاري نائبا للرئيس للمرة الثانية صار في حكم المؤكد، إلا ان الاوساط المعترضة على اعادة انتخاب بري من دون شروط او التزامات مسبقة تسلط الضوء على نسبة "التصويت الأبيض" المحتملة في يوم الانتخاب، باعتبار ان كتلتي "الكتائب" و"القوات اللبنانية" ستصوتان بأوراق بيض، مع من يمكن ان ينضم الى نوابهما في هذا الموقف الاعتراضي.
واشارت الصحيفة الى ان الانظار تتجه ، في هذا السياق، الى لقاء سيعقده بري ورئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري، عقب عودة الاخير الى بيروت من زيارة للقاهرة التي وصل اليها امس، ذلك ان تصويت "كتلة المستقبل" سيحدد عدد الاصوات الذي سيناله بري والذي تقول اوساط المعارضة انه سيناهز المئة اذا ألزم الحريري كتلته بالتصويت له. لكن العدد قد ينخفض الى حدود ربما تبلغ الـ 90 صوتاً اذا ترك الحريري الحرية لكتلته في التصويت. وكشفت الصحيفة ايضا ان اتصالا في هذا السياق اجري قبل ثلاثة ايام بين بري والحريري خلال وجود الثاني في السعودية.
وفهم امس ان بري سيتوجه عقب انتخابه الى قصر بعبدا للقاء الرئيس ميشال سليمان وسيتمنى عليه بدء الاستشارات بسرعة ولو في اليوم التالي.
وفي المواقف، أمل أمين عام كتلة التنمية والتحرير النائب انور الخليل، تشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل كفريق عمل متجانس، آخذا على «اصوات نشاز تطلب من الرئيس نبيه بري شروطا وبرامج» إثارتها «هذا الخطاب المتجــدد في المناكفة».
وحول انتخاب بري رئيساً جديداً لمجلس النواب قال الخليل: لقد سمعنا خلال الأيام القليلة الماضية اصوات نشاز، تطلب منه شروطا وبرامج، وكنا نتمنى على هؤلاء أن لا يثيروا مثل هذا الخطاب المتجدد في المناكفة، ونحن نؤكد أن نبيه بري سيكون رئيساً لمجلس النواب وبعدها سيتم تشكيل الحكومة، التي نأمل ان تكون حكومة وحدة وطنية تجمع النــوايا الخيرة والأفكار المشتركة بين المضادات السياسية، وتعمل كفريق عمل متجانس.
الى ذلك ، نقلت ، صحيفة "الديار" عن اوساط مطلعة اشارتها الى ان رفض "الكتائب" و"القوات اللبنانية" لاعادة انتخاب نبيه بري رئيسا للمجلس النيابي تغريد خارج السرب الاكثري يتناقض معه، ويأتي على خلفية تسجيل موقف للموقف، واشارت الى انه اذا كان الطرفان الاقليان في الاكثرية يشترطان انتخاب بري على اساس برنامج مطلوب ان يضعه، فان هذا الشرط يندرج في خانة الاحلام المستحيلة، كون رئيس المجلس غير ملزم بأي برنامج دستوريا، وان عمله ادارة الجلسات النيابية والاشراف على عمل اللجان والمكتب التابع له وشرطة المجلس.
وشددت على انه اذا ما وافق بري على شرط "القوات والكتائب"، وهذا امر مستبعد وغير واقعي، فانه بذلك يخالف الدستور بطريقة لزوم ما لا يلزم، وان بري مطمئن وفق كافة المواقف والمعطيات بأنه سيفوز برئاسة المجلس بأصوات تتخطى المئة، اذا ما لجأ نواب كتلتي الجميّل وجعجع الى اسقاط اوراق بيضاء لا تتخطى العشرة اصوات.
ورأت الاوساط انه بقدر ما تبدو واضحة مسألة رئاسة المجلس، فان العقدة السياسية لانطلاق محرك السلطة تكمن في تكليف من سيشكل الحكومة العتيدة على الرغم من تسمية شبه جماعية للنائب سعد الحريري حيث تشير المعلومات ان هذه المسألة تخضع لمدى التفاهم على المسار السوري السعودي المتعلق بذلك وبانتظار نتائج زيارة وزير الاعلام السعودي عبد العزيز خوجه لسوريا ولقائه المسؤولين في دمشق.
وقالت: "يبدو وفق المعلومات ان دمشق ستترك لحلفائها في لبنان حل هذه القضية بالاطار الذي يناسبهم، اي ان سوريا ستمارس نفس الحيادية التي مارستها في الانتخابات النيابية الاخيرة".
تشكيل الحكومة المقبلة
وفي سياق الاستحقاقات المتتالية ، يبقى استحقاق تشكيل الحكومة المقبلة متصدرا كل العناوين الاخرى خصوصا في ضوء العقد والتناقضات الكثيرة ما بين اطيافها المنقسمين بين موالاة ومعارضة ، وفي هذا الصدد فقد نقلت صحيفة "القبس" الكويتية عن مصادر دبلوماسية في بيروت ان مسألة تشكيل الحكومة تحظى باهتمام مباشر وواسع من قبل قوى دولية وعربية بارزة لأن ما من جهة تريد للبنان ان يكرر الازمة التي عاشها بين عامي 2007 و2008.
ولاحظت الصحيفة ان الاوساط السياسية في بيروت تعتبر ان المدة التي امضاها رئيس تيار "المستقبل" النائب سعد الحريري في السعودية في مرحلة تعتبر دقيقة جدا على المستوى السياسي تشير الى ان جهودا تبذل هناك من اجل تأمين التوافق على الصيغة الحكومية بعيدا عن المعايير التي قضى بها اتفاق الدوحة والتي ادت الى اعطاء المعارضة الثلث المعطل (الثلث زائدا واحدا)، وان كان هناك من يعيد طول الفترة الى تردد في موضوع تسمية رئيس الحكومة.
وترفض مصادر تيار "المستقبل" تقديم اي اجابة حول ما اذا كان الحريري سيعود من الرياض ومعه التشكيلة الحكومية كاملة، مع الحديث عن ان الوضع اللبناني كان موضع بحث امس بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وامير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، فيما يجري الحديث عن مساع سرية لتذليل العقبات، اذ ان هناك اتفاقا على تمهيد الطريق امام الحريري الذي يفترض ألا يتعثر من الخطوات الاولى.
من جهتها ، نقلت صحيفة "السفير" عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري تاكيده ان الاولوية يجب ان تنصب على تأليف الحكومة في اسرع وقت، لافتا الى ان وضع البلد لا يحتمل أي تأخير، مشددا على ان كل يوم تأخير فيه كلفة باهظة على البلد، ولذلك يجب الا تطول ابدا فترة تصريف الاعمال.
وقال بري: البلد اليوم اشبه بوضع "البامور" لا يتقدم ولا يتأخر، والبلد واقف مكانه، وهذا امر سلبي بحد ذاته، ويفترض التعجيل في تشكيل حكومة. وكلما كان ذلك سريعا. كان احسن للبلد، وخصوصا في ظل وجود مهمات كبرى اقتصادية وغير اقتصادية تنتظر الحكومة المقبلة.
بدوره ، أشار الرئيس ميشال سليمان في حديث لصحيفة "النهار" الى ان الخطوة التالية بعد انتخاب رئيس المجلس الخميس المقبل ستكون اجراء الاستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة العتيد، مرجحا في هذا الاطار ان تعقد التسمية للنائب سعد الحريري بناء على معطيات عدة. ولم يخف أن "الظرف ملائم" لتولي الحريري رئاسة الحكومة في المرحلة المقبلة، ملمحا في هذا المجال الى أن امساك رئيس الجمهورية منذ وصوله بملف العلاقات مع سوريا يؤهله من حيث موقعه ودوره لبنانيا، فضلا عن صداقته مع الرئيس السوري بشار الاسد، للعمل على تسهيل الامور بين دمشق والحريري.أما عن الصيغة المحتملة للحكومة الجديدة فاكتفى الرئيس سليمان بالقول "ان الصيغة التي تؤمن الوحدة الوطنية هي المقبولة" .
الى ذلك ، وصل رئيس كتلة «المستقبل» النيابية النائب سعد الحريري امس الى القاهرة حيث من المقرر ان يستقبله الرئيس المصري حسني مبارك صباح اليوم ويعرض معه آخر المستجدات السياسية في المنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين. وكان النائب الحريري التقى مساء امس وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط وبحث معه التطورات الاقليمية والدولية.
في المقابل، تشهد المعارضة حراكا حواريا وورشة عمل داخلية على نطاق واسع في محاولة لبلورة موقف موحد من تشكيل الحكومة المقبلة ، وفي هذا الاطار وفيما ذكرت صحيفة "الديار" ان "العونيين" من كوادر وقيادات يرون ان النسبية مطلب محق واساسي في الحكومة المقبلة الا انها اشارت في مكان آخر نقلا عن مصادر في المعارضة اشارتها الى استمرار التواصل بين قياداتها في هذه المرحلة للتوصل الى موقف موحد من الاستحقاق الحكومي، وهي بانتظار عودة رئيس كتلة "المستقبل" النيابية سعد الحريري ليقدم ما في جعبته من عروض للمشاركة في الحكومة.
وعلى ضوء ذلك تجتمع المعارضة وتعلن قرارها مع الرغبة في تسهيل مهمة رئيس الحكومة القادم لكن بشرط عدم التنازل عن مبدأ الثلث الضامن لأن التخلي عن ذلك يحوّل وزراء المعارضة الى«كومبارس» أو شهود زور داخل الحكومة، أما ما سرّب عن درس صيغ جديدة تعوض للمعارضة الثلث الضامن عبر ضمانات فهذا الكلام غير دقيق.
