
مشاركة:
في الثامن من آذار / مارس عام 1985 ارتكبت يد الإرهاب مجزرة مروّعة في منطقة بئر العبد في الضاحية الجنوبية، راح ضحيتها أكثر من ثمانين شهيداً من الرجال والنساء والأطفال والأجنّة.
وفي التفاصيل، فخّخت المخابرات الأميركية و”الإسرائيلية” بتمويل سعودي من خلال عملائها سيارة في شارع بئر العبد بهدف اغتيال سماحة العلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله خلال خروجه من المسجد وذلك بحجة تشكيله خطراً على المصالح الأميركية في المنطقة.
توجّه الإرهابي حسن يوسف سلمان نحو مبنى المهنية اللبنانية حاملاً جهاز التفجير في جيبه، فصعد إلى سطح مبنى مؤلف من عشر طبقات وجلس في الزاوية الشمالية الغربية من السطح المطلة على تقاطع الصنوبرة، حيث أوقفت الشاحنة المفخخة المطلة أيضاً على مختلف الطرق التي يسلكها موكب السيد عادة أثناء عودته من المسجد إلى المنزل، جلس ينتظر وصول الموكب إلى النقطة المستهدفة.
وبحسب اعترافات المرتكبين آنذاك، ظهر “رانج روفر” قادماً من ناحية مفرق المسجد وتوقف أمام منزل السيد قليلاً ثم ظهرت سيارة مرسيدس سوداء من ناحية المشرفية، فانتظر الإرهابيون وصولها إلى تقاطع الصنوبرة عند الساعة الخامسة إلا خمس دقائق ظناً منهم أن السيد فضل الله في الموكب، إلا أن السيد كان ما زال موجوداً في المسجد لأن امرأة تدعى زينب الشامي استوقفته لاستشارته في أمور شرعية، وحينها وقع الانفجار.
أربعة وثلاثون عاماً مضت والمجزرة قابعة في ذاكرة اللبنانيين دون أن يمحوها ما رُفع من شعاراتٍ أميركية في محاربة الإرهاب، فالإدارة الأميركية التي أُثقل سجلها الحافل بالجرائم في لبنان وفلسطين والعراق لا تزال هيَ هيَ دون أن تتوانى عن دعم الإرهاب بيدٍ وادعاء محاربته بيدٍ أخرى، متلطية خلف شعاراتٍ واهية، وبين الأمس واليوم لم تتبدل الإدارات الأميركية المتعاقبة في سياسة إغراق المنطقة في فوضى الحروب والفتن خدمة لمصالحها في المنطقة ودرءًا للمخاطر عن ربيبتها “إسرائيل”، وما مجزرة بئر العبد منذ أربعة وثلاثين عاماً وتقديم الدعم اللوجستي للإرهاب اليوم إلا النموذج الحيّ لتلك الممارسات الإجرامية.