مشاركة:
آذار» ترى الإقـرار بالأخطاء خطوة نحـو طي الماضي
بينما استمرت الموازنة العامة والتعيينات الإدارية تدور في دوامة «الوقت الضائع» برغم الاجتماعات الرئاسية التي عقدت أمس لإعطائها قوة دفع تتيح إقرارها، استأثر حديث الرئيس السوري بشار الأسد الى «السفير»
باهتمام الأوساط السياسية والإعلامية لما تضمنه من مواقف جديدة يبدو أنها فتحت كوة في جدار «أزمة الثقة» بين بعض القوى اللبنانية ودمشق، ووجدت صداها ولو بنسب متفاوتة، لدى قوى 14آذار التي رحبت بالعديد من النقاط الواردة في الحديث وإن تكن قد اعترضت على أخرى، فيما كان لافتا للانتباه موقف النائب وليد جنبلاط الذي أبلغ «السفير» ان لهجة الأسد اختلفت قياسا الى الماضي، مؤكدا ان لبنان يجب ألا يكون ممرا او مستقرا لأي تنظيم معاد لسوريا، ومشددا على ثوابته ومن بينها «مساهمتي في إسقاط اتفاق 17ايار».
وغداة إعلان الأسد عن تقديره لموقع رئاسة الجمهورية وتأكيد دعمه للدور التوافقي الذي يؤديه الرئيس ميشال سليمان، عكست أوساط مقربة من رئيس الجمهورية ارتياحه الى مضمون كلام الاسد الذي تلقى أمس اتصالاً هاتفيا من سليمان، شكره فيه على تعيين سفير لسوريا لدى لبنان. وتم خلال الاتصال عرض علاقات التعاون القائمة بين البلدين، وتنفيذ مقررات القمة اللبنانية ـ السورية التي انعقدت في دمشق، والتنويه بوقوف سوريا الدائم الى جانب لبنان وخصوصاً خلال حرب تموز، ودعمها اتفاق الدوحة الذي أطلق بداية الحل في لبنان.
جنبلاط: العداء لسوريا ضد التاريخ والجغرافيا
وتعليقا على كلام الرئيس الاسد، قال جنبلاط لـ«السفير» ان اللهجة السياسية التي اعتمدها في حديثه الى «السفير» مختلفة قياسا الى الخطاب السوري السابق، مشيرا الى انه سيواصل استخدام اسلوبه الجديد في التعاطي مع الموضوع السوري، لان «لا قيمة ولا منفعة للتوتير، لكنني سأحتفظ في الوقت ذاته بثوابتي، علما أن من بين هذه الثوابت مساهمتي المتواضعة في إسقاط اتفاق 17أيار».
وإذ رأى جنبلاط ان الاسد «أجرى نوعا من المراجعة واعترف بأخطاء»، أكد انه «ومن أجل مصداقيتي، لا أستطيع ان أقفز من الاقصى الى الاقصى المضاد». وقال: بين موقفي السابق الداعي الى قلب النظام وبين التطبيع مع النظام، اخترت الحل الوسط المتمثل في اتفاق الطائف الذي ينظم العلاقات المميزة بين لبنان وسوريا، وهذا ما بدأت معالمه تتبلور من خلال المباشرة في إقامة العلاقات الدبلوماسية، على ان يتم لاحقا ترسيم الحدود او تحديدها.
وتابع: بغض النظر عن موقفي الشخصي، أنا أدرك ان لبنان كدولة لا يستطيع ان يكون على عداء مع سوريا لان ذلك هو ضد المنطق والتاريخ والجغرافيا، وبالتالي لا بد من إرساء العلاقات المميزة بين البلدين استنادا الى قاعدة اتفاق الطائف الذي ينص على الهدنة او حالة الحرب المجمدة مع إسرائيل، وعدم جعل لبنان ممرا او مستقرا لأي تنظيم عدائي ضد سوريا، وفي المقابل، المطلوب من دمشق عدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية.
وأضاف: الشعب السوري حر من جهته في ان يقرر ما يريد، وأنا لا أنوب عنه، ولكنني ما زلت أرى ان وثيقة ربيع دمشق لم تدع الى إسقاط النظام، بل طالبت بتحسين شروط النظام ورفع قانون الطوارئ من أجل سوريا افضل ومنفتحة.
14آذار: ترحيب.. وتحفظ
وأكدت الامانة العامة لقوى 14 آذار انها تابعت باهتمام كلام الأسد «لجهة الإقرار بمسؤولية سوريا في سوء العلاقة القائمة بينها وبين لبنان، وهو إقرار ضروري لطي صفحة الماضي والتأسيس لعلاقة جديدة بين البلدين».
إلا أنها سجلت في الوقت ذاته «تمسك الرئيس السوري بمواقفه السابقة من قضية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية وإصراره على التدخل في الشأن اللبناني من خلال الكلام على الإجماع اللبناني كشرط للتعامل مع الدولة اللبنانية».
وإذ اعتبر النائب مصطفى علوش، الذي تلا البيان، ان الرئيس السوري وبعض الأطراف المحلية يحاولون إرساء قاعدة جديدة تتمثل بإنهاء اتفاق الطائف وتأكيد أن اتفاق الدوحة هو البديل القائم، رأى النائب سمير فرنجية أن إقرار الأسد «للمرة الاولى بالأخطاء السورية التي ارتكبت في لبنان أمر إيجابي لتصحيح العلاقات بين البلدين، وهذا يدفع كل الأطراف الى إجراء فحص ضمير للمرحلة السابقة التي خلقت نفورا بين البلدين بهدف التأسيس لمرحلة جديدة».
الموازنة والتعيينات
على صعيد آخر، استقبل الرئيس سليمان رئيس مجلس النواب نبيه بري ثم رئيس الحكومة فؤاد السينورة، وناقش معهما التعقيدات التي ما زالت تحول دون التوافق على الموازنة، والتعيينات التي لن يبت بها مجلس الوزراء في جلسته الاسبوعية اليوم، سوى ما يتعلق منها بنواب حاكم مصرف لبنان شرط ألا يستجد ما قد يطيح التوافق المبدئي حول الاسماء الأربعة، علما ان مصادر وزارية أبدت خشيتها من ان تنعكس الخلافات المستمرة حول الموازنة وجزء من التعيينات إضافة الى الحماوة الانتخابية في بعض المناطق على طاولة مجلس الوزراء، في ظل التراشق السياسي والاعلامي الحاصل بين بعض الوزراء.
وفي حين قال بري بعد لقائه رئيس الجمهورية انه لا يعلم سبب التأخير في إقرار الموازنة بعد التفاهم الذي تم برعاية رئيس الجمهورية عندما حصل العشاء الرئاسي، داعيا الى ان تُسأل الحكومة عن السبب، أشار السنيورة الى ان الموازنة ما زالت موضع تداول بين وزارة المالية ومجلس الجنوب حول قضايا بحاجة الى ايضاحات، معتبرا انه تم خلال العشاء الرئاسي الاتفاق على المبادئ، وتبقى عملية الاخراج بين وزارة المالية ومجلس الجنوب، وكي تكون الامور واضحة في ما يخص مرجعية مجلس الجنوب، وكيفية اتخاذ القرارات داخله، فإن ثمة مبادئ يجب ان تحترم.
وبالنسبة الى موضوع التعيينات، قال ان التشاور مستمر، وكل خطوة نخطوها تمكننا من ان نكسب ثقة بعضنا البعض لكي نتمكن من الاقدام على خطوات لاحقة.
الى ذلك، قال وزير المال محمد شطح لـ«السفير» ان تقدما قد سجل في النقاش الذي جرى بينه وبين رئيس مجلس الجنوب ومديره العام بخصوص موازنة المجلس، مشيرا الى «ان جزءا كبيرا من العمل قد أنجزناه»، إلا انه لفت الانتباه الى ان مجلس الجنوب يخضع الى وصاية ومرجعية رئاسة الحكومة وإن تكن وزارة المال هي المكلفة بوضع الموازنة العامة.
في المقابل، أبلغت مصادر مقربة من مجلس الجنوب «السفير» ان أحدا لم يسبق له ان ناقش المجلس في مسألة المرجعية التي تكلم عنها السنيورة، مشيرة الى ان ما طرحه رئيس الحكومة على هذا الصعيد جديد من نوعه، مستغربة إثارة هذه النقطة، لانه لا جدال في أن المجلس يتبع لرئاسة الحكومة شأنه شأن باقي المجالس والصناديق. وأبدت المصادر خشيتها من ان تتراجع الامور الى مربع ما قبل العشاء الرئاسي في قصر بعبدا «بعدما عاد وزير المال الى الأسطوانة القديمة التي تدور حول فكرة إقفال مجلس الجنوب بعد ترتيب الحسابات المالية معه، بحيث تُدفع له المستحقات التي يطالب بها في إطار العمل على إقفاله».
ويتابع مجلس النواب اليوم جلسته التشريعية المخصصة لمتابعة البنود المتبقية من جدول الاعمال والتي كان بدأها الخميس الماضي، والباقي منها 36 بندا ابرزها: تحرير سعر صفيحة البنزين، ومطالب المعلمين وأساتذة الجامعة اللبنانية، ودفع فروقات سلسلة الرتب والرواتب ودفع الحد الادنى للاجور، واقتراح القانون المتعلق بالمجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى منح عفو عام عن الجرائم المقترفة قبل 27 نيسان 2005.
تشييع مدحت
على صعيد آخر، شيعت منظمة التحرير الفلسطينية وحركة «فتح» وباقي الفصائل، نائب ممثل السلطة الفلسطينية في لبنان اللواء كمال مدحت، واللواء أكرم ضاهر، والملازم خالد ضاهر، في بيروت، والعقيد حسني شحادة في صيدا، بعدما استشهدوا بانفجار سيارة مفخخة على طريق الميه وميه في الجنوب.
انطلق موكب التشييع في بيروت من أمام جامع الإمام علي الى مقبرة الشهداء حيث ووري الشهداء في الثرى، وألقى السفير عباس زكي كلمة خاطب فيها الشهيد مدحت بالقول: قتلوك لضرب مسيرة السلم الأهلي في لبنان وليفتحوا من جديد مسلسل الرعب، ولكن مضى الوقت على ذلك، وبوعينا، لبنانيين وفلسطينيين، سنرد الكيد في النحور.