«القـوات» تحاول تمرير «عفـو» عـن انطوان لحـد و«جماعتـه» وغسـان تـوما و«رفاقـه»

مشاركة:

الدستور في مهب البازار الانتخابي: اقتراحات بالجملة لتعديله!

على وقع هدير التحضيرات للوائح والتحالفات الانتخابية، يعقد مجلس النواب اليوم جلسة عامة سيكون مشروع تخفيض سن الاقتراع الى 18 سنة، نجمها الأول،

في حال اكتمال نصابها، وهو الامتحان الأول الذي ستخضع له الجلسة، فإذا تجاوزته، سيكون على النواب مواجهة الامتحان الثاني المتعلق باختبار مصداقية أقوالهم التي التقت في معظمها، نظرياً، عند تأكيد دعم تخفيض سن الاقتراع.

غير أن ما قد يثير الشك في إمكان توافر النصاب، هو تحميل جلسة اليوم ما لا يمكن أن تتحمله جلسة نيابية ربما في كل تاريخ المجالس النيابية، لجهة وضع ثلاثة اقتراحات قوانين بتعديل الدستور، دفعة واحدة، على جدول الأعمال و«ملحقاته»، فضلاً عن بنود أخرى، أخطرها ما يتصل بمشروع قانون للعفو عن جرائم الحق العام التي تعود الى ما قبل 27 نيسان 2005 ما عدا تلك المحالة الى المجلس العدلي والقضاء الدولي الجزائي.

وسيكون أبرز المستفيدين من هذا القانون، أولاً العميل أنطوان لحد الذي لم يحل نهائياً في أية قضية الى المجلس العدلي، وثانياً، غسان توما، الرجل الثاني فعلياً في «القوات اللبنانية» الذي استفاد سابقاً من العفو الذي شمل سمير جعجع في القضايا المحالة أمام المجلس العدلي، وبقي أن يستفيد من تلك المحالة أمام القضاء العسكري (حكمان صادران بتاريخ 6 حزيران 2001 و19 اذار 2002)، ليصبح بمقدوره العودة من دولة متوسطية قريبة الى لبنان باسمه وليس بأسماء وهمية، وثالثاً، رموز أخرى من العملاء أمثال إتيان صقر (أبو أرز) وعدد كبير من المرتكبين اللحديين من كل الطوائف، ورابعاً، أكثر من رمز من رموز تجارة المخدرات وغيرها.

واللافت للانتباه، أن جدول الأعمال، بدا نوعاً من «البازار» الانتخابي، بحيث كان بمقدور أي نائب أن يقترح وأن ينال، وكأن الجلسة المقررة اليوم، مشكوك بتوافر نصابها أولاً، وربما تكون الأخيرة في كل الأحوال على عتبة ثمانين يوماً من موعد الانتخابات النيابية، بحيث صار لزاماً على مجلس النواب أن يتوقف عن «التشريع الانتخابي»، وأن ينصرف النواب الى نواحيهم ومضاربهم الانتخابية الطائفية والمذهبية تبعاً لما يمليه عليهم «قانون الستين» الذي يتنصل منه الجميع بينما الكل يريد أن ينعم بـ«فوائده».

ومن غير المعروف، ما اذا كانت المصالحة السورية ـ السعودية الآخذة بالتبلور، ستخيم بشكل او بآخر على مناخ الجلسة العامة، خاصة أنه قد تكشفت للمرة الأولى، أن قمة الرياض في شقها السوري السعودي، قد ناقشت الملف اللبناني تفصيلياً بما في ذلك موضوع الانتخابات النيابية وحكومة الوحدة الوطنية ما بعد الانتخابات.

وفي هذا الإطار، نقل مراسل «السفير» في دمشق زياد حيدر عن مصادر سورية «أن تفاهماً سعودياً سورياً جرى حول الانتخابات اللبنانية ينص على اتخاذ موقف محايد من هذه الانتخابات، ولكن استناداً للقناعة بأن لبنان لا يحكم إلا بالتوافق بين أطرافه».

وقالت المصادر إن الجانب السوري شعر بوجود تفهم سعودي لهذا الطرح الذي يقوم على النظر إلى الانتخابات «بعين محايدة ولينجح من ينجح» ولكن مع الاستناد لفكرة أن «لبنان لا يحكم إلا بالتوافق»، حيث تزيد المصادر أن هذا «حكم تاريخي وليس من مصلحة أحد، بمن فيهم اللبنانيون، ان تشكل حكومة رأي واحد في المستقبل».

وكان الجانبان السعودي والسوري قد عقدا لقاءات ثنائية عدة خلال الشهرين الأخيرين اتفقا خلالها «على ترك الماضي خلفنا» وفقاً لمصادر متطابقة كما خاضا بعمق في الملفات السياسية ذات الاهتمام المشترك.

وأكدت المصادر السورية لـ«السفير» أن الطرفين السعودي والسوري متفقان على عدم التدخل في الانتخابات النيابية، لكنها توضح أنه في ما يعني سورية فإن دمشق «ترى بحكم العلاقة الجغرافية والتاريخية بين البلدين، ومن حرصها كبلد جوار أن لبنان لا يحكم من دون حكومة وفاق وطني».

وأشارت المصادر السورية الى أن من يعيد النظر في الخلافات العربية التي سادت في السنوات السابقة يستنتج أن «الكل قد خسر من هذه الخلافات»، وأن اقل «ما يرجى هو العودة إلى الوقت الذي كانت فيه الروابط بين الدول العربية قائمة وقوية برغم الاختلاف في الرأي».

الجلسة العامة

وبالعودة الى الجلسة النيابية العامة، فإن من المشاريع المطروحة على جدول اعمالها اقتراح قانون بمادة واحدة مقدم من عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب انطوان زهرا ويقضي بالعفو عن جرائم الحق العام التي تعود الى ما قبل 27 نيسان 2005 ما عدا تلك المحالة الى المجلس العدلي والقضاء الدولي الجزائي، علما بأن مصادر نيابية توقعت ألا يُطرح هذا البند على الجلسة اليوم، نتيجة ازدحام جدول الاعمال.

وقد توقفت أوساط سياسية معارضة عند توقيت طرح هذا الاقتراح وخلفياته الحقيقية، ومدى علاقته باعتبارات انتخابية او سياسية وخصوصاً انه قد يفتح الباب امام تبرئة كبار المتعاملين مع إسرائيل إذا لم يتضمن الضوابط الضرورية.

إلا ان زهرا نفى وجود قطب مخفية، وقال لـ«السفير» ان هذا الاقتراح يهدف الى العفو عن عشرات من الشبان الموجودين خارج لبنان والصادرة بحقهم مذكرات بحث وتحر بعدما ظلموا خلال المحاكمات غير العادلة في مرحلة الوجود السوري ولا يوجد ادعاء شخصي بحقهم، لافتاً الانتباه الى ان الوقت قد حان لرفع الغبن عن هؤلاء والسماح لهم بالعودة الى بلدهم. وشدد على ان اقتراح القانون هذا لا يضر أحداً بل يسهل أمور شباب كانوا ضحية تسييس المحاكمات في حقبة انتهت مفاعيلها السياسية ولكن مفاعيلها القانونية ما تزال سارية عليهم.

ولكن اوساطاً في المعارضة أبلغت «السفير» انها تضع علامات استفهام حول توقيت طرح مشروع «القوات»، وتساءلت عن سبب طلب العفو للجرائم العائدة الى ما قبل 27 نيسان 2005 تحديداً وهل يشمل كبار عملاء إسرائيل الملطخة أيديهم بدماء اللبنانيين والموجودين حالياً في كيان العدو او أعضاء شبكات التجسس لصالح العدو؟

ومن البنود الملحة التي يتضمنها جدول أعمال الجلسة ايضاً اقتراح قانون مقدم من تكتل التغيير والاصلاح ينص على فتح اعتماد استثنائي لدفع مستحقات الدفعة الاولى من فروقات سلسلة الرتب والرواتب البالغة 400 مليار ليرة لبنانية في السنة الاولى من الجدولة.

وقال أمين سر التكتل النائب ابراهيم كنعان لـ«السفير» انه يستغرب موقف وزير المال محمد شطح الذي اعتبر ان اقتراح القانون المقدم من التكتل هو لزوم ما لا يلزم باعتبار ان هناك قانوناً صادراً يلزم الحكومة بأن تدفع للمواطنين فروقات سلسلة الرتب والرواتب.

وسأل كنعان وزير المال: إذا كان الامر على هذا النحو فلماذا تقاعست الحكومات المتعاقبة عن تسديد الفروقات للناس على مدى 12 عاماً، وإذا كانت وزارة المال جادة هذه المرة في الدفع فلماذا يُرفض الاقتراح المقدم من قبلنا لتثبيت هذا الالتزام، وأوضح ان السبب وراء اقتراح القانون يعود الى خشية التكتل من ان يستمر التأخير في إقرار الموازنة العامة التي سبق ان رُبط تسديد الفروقات بها.

سليمان: لا تفاوض مع إسرائيل

على صعيد آخر، عاد رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى بيروت أمس منهياً زيارة الدولة الى فرنسا. وفي مؤتمر صحافي عقده قبل مغادرته باريس، قال سليمان رداً على سؤال لـ«السفير» حول حقيقة موقفه من الدعوة الفرنسية إلى التفاوض مع إسرائيل: إن فرنسا تطالب بمفاوضات ثنائية مع إسرئيل، لكننا لا نوافق عليها لأن ملفاتنا ترعاها قرارات الأمم المتحدة، ولم يحصل أي تغيير أو أي تنازل، وعلى العكس من ذلك فقد كررنا رفضنا لأي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل.

وأوضح انه طلب من ساركوزي مساعدته لكي تحترم إسرائيل القرار 1701، الذي لم تلتزم به حتى الآن. وأكد ان المقاومة قامت بدور كبير لحماية لبنان عندما كانت الدولة غائبة عن جنوبه إبان الحرب الأهلية، ونحن نسعى الى الاستفادة من قوة المقاومة في الدفاع عن لبنان.

تحرك السائقين

وبينما تستغرق الطبقة السياسية في همومها الانتخابية، ينفذ السائقون العموميون- غداة تحرك المعلمين- إضراباً عاماً اليوم وينزلون الى الشارع للتعبير عن رفضهم للرسوم والضرائب المرتفعة المفروضة على صفيحة البنزين والتي تجعل سعرها يرتفع الى حد يفوق طاقة السائقين على تحملها. وتنطلق، التاسعة صباحاً، من ساحة الكولا تظاهرة سيارة تجوب شوارع بيروت وتلتقي عند الحادية عشرة مع المعتصمين في ساحة رياض الصلح للانطلاق معاً الى محيط مجلس النواب في ساحة النجمة، بالتزامن مع انعقاد الجلسة النيابية العامة، وفي موازاة الاعتصامات المنـاطقية التي ستنفذها اتحادات ونقابات النقل البري.