
مشاركة:
معادلة «مَن يربح يحكم ومن يخسر يعارض» تسقط بأربع ضربات.طبيعي جداً أن تعطي «14 آذار» للانتخابات النيابية بعداً مصيرياً، فالمسألة بالنسبة إليها معركة حياة أو موت بالمعني السياسي والوجودي.
لكن اللافت في هذا السياق، هو أن الفعل الاستنهاضي المفترض لا يبدو منسجماً مع ما يدور في بعض المجالس الأكثرية، التي لا تعير اهمية لأيّ من المخاوف المطروحة بل تتجاوزها الى أبعد من «ثقة زائدة» بحتميـّة ربح «14 آذار» في الانتخابات.
ويلاحظ قطب سياسي سعي 14 آذار بكل اتجاهاتها الى خوض الانتخابات على قاعدة انهم سيفوزون فيها، والواضح أن أداء هذا الفريق في هذه المرحلة يشبه تماماً أداءه قبل انتخابات 2005، حيث اعتمد آنذاك «سياسة التخدير» التي مكنته في تلك الانتخابات من اقتناص أكثرية نيابية أتاحت له الإمساك بالبلد.
في اعتقاد القطب المذكور أن قرار تخسير المعارضة متخذ أصلاً ومن وضعوه يعملون على تنفيذه منذ مدة، والمال أول سلاح والهدف ليس التوصل فقط الى أكثرية نيابية تنبثق منها حكومة أكثرية، بل الى الإمساك أيضاً بالمجلس النيابي وانتخاب رئيس له من «14 آذار»، أي الإمساك الكلي بالبلد.
والأكيد أن هذا القرار يتناغم مع حركة السفيرة الأميركية في بيروت مؤخراً واستطلاعها الرأي في بعض الأوساط السياسية حول رئاسة المجلس ومن سيتولاها مع المجلس النيابي الجديد، ومحاولة تسويق أسماء لبعض الشخصيات الشيعية المحسوبة على 14 آذار.
على ان ما هو ابعد من تخسير المعارضة في الانتخابات، هو عدم إشراكها في الحكم المقبل، بحيث لا تكون هناك حكومة وحدة وطنية ولا ثلث ضامن ولا ثلث معطل.
كما ينطوي من جهة ثانية على بعد تهويلي بأن خسارة الانتخابات وما يتأتى عنها من خروج تلقائي من الحكم له تداعيات ومخاطر سلبية مالية واقتصادية، وبما يوحي أن المعارضة لا تملك برنامجاً حقيقياً لحكم البلد، فضلاً عن أن الثقة الخارجية بلبنان ستهتز.
يقول القطب السياسي إن ديموقراطية الرابح والخاسر التي نبتت فجأة في بعض جوانب 14 آذار وتبناها سعد الحريري وما يزال، قد تعرضت لضربات متعددة:
الأولى: من إصرار قوى المعارضة على اختلافها على مبدأ الشراكة، وفي سياق ذلك يأتي تأكيد الرئيس نبيه بري على إقامة حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات.
الثانية: من الخطاب الأخير للسيد حسن نصر الله عندما تلقف طرح «الديموقراطيين الجدد» الذي حاولوا إلقاءه ككرة النار، وأظهر لهؤلاء ومن خلال منطق تحليلي لطبيعة التركيبة السياسية اللبنانية القدرة على تبريد كرة النار وتحويلها الى كرة ثلج بإعلانه «إن لم تريدوا المشاركة فإن المعارضة ستحكم وتقدم النموذج».
الثالثة: من الموقف الأخير لرئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط حول عدم مصيرية الانتخابات والشراكة في حكومة وحدة وطنية.
الرابعة: من الحوار العربي العربي، وتحديداً السوري السعودي الذي سيصل حتماً الى منطق تبادلي توافقي. وخصوصاً بعد إعلان قمة الرياض بالأمس عن بداية مرحلة جديدة من العلاقات.