«14 آذار» تتوقع فوزها: 7 حزيران سينتقم من 7 أيار!

مشاركة:

معادلة «مَن يربح يحكم ومن يخسر يعارض» تسقط بأربع ضربات.طبيعي جداً أن تعطي «14 آذار» للانتخابات النيابية بعداً مصيرياً، فالمسألة بالنسبة إليها معركة حياة أو موت بالمعني السياسي والوجودي.

البديهي في هذا السياق افتراض أن التوصيف المصيري للمعركة ينطوي على فعل استنهاضي للقواعد الجماهيرية المسترخية، وتدليلي على شراستها وصعوبتها، وتحذيري من نتائج كارثية، وخصوصاً أن الثابت في خلفية الذهن السياسي الذي يحكم هذا الفريق أن خسارة الانتخابات تعني خسارة السلطة، وقوة «14 آذار» لبنانياً متأتية بشكل أساسي من وجودها في السلطة، وخسارة السلطة بالنسبة اليها تعني بالحد الأدنى فقدانها أنبوب الحياة.

وأن تداعيات الخسارة، إن وقعت، ستصيب الفرع الداخلي لـ« 14 آذار» وبذات القدر، وربما أكثر بكثير ستصيب الفرع الخارجي الحليف، ومن هنا يأتي الكلام عن الاستنفار المالي العام الذي أعلنه بفتح خزائنه على امتداد الدوائر الانتخابية وتسفير الحقائب المالية العابرة للقارات للاستعانة بالأوكسيجين الاغترابي.

لكن اللافت في هذا السياق، هو أن الفعل الاستنهاضي المفترض لا يبدو منسجماً مع ما يدور في بعض المجالس الأكثرية، التي لا تعير اهمية لأيّ من المخاوف المطروحة بل تتجاوزها الى أبعد من «ثقة زائدة» بحتميـّة ربح «14 آذار» في الانتخابات.

والمثير هنا أن هذه الثقة الزائدة لا تـبدو منعزلة عن الاستنفار المالي وما تفرغه بيوت المال في الداخل وعبر القارات. اذ هي تربط من جهة بقرار عربي دولي بمنع فوز المعارضة اللبنانية في الانتخابات، هكذا يقولون في هذه المجالس، ومن جهة ثانية بأن الحليف العربي المباشر لن يدخل في مساومة على حلفائه في لبنان، وبالتالي هو مصرّ على خوض المعركة بمعزل عن أي حوار عربي عربي والفوز فيها مهما كلف الأمر.

ويلاحظ قطب سياسي سعي 14 آذار بكل اتجاهاتها الى خوض الانتخابات على قاعدة انهم سيفوزون فيها، والواضح أن أداء هذا الفريق في هذه المرحلة يشبه تماماً أداءه قبل انتخابات 2005، حيث اعتمد آنذاك «سياسة التخدير» التي مكنته في تلك الانتخابات من اقتناص أكثرية نيابية أتاحت له الإمساك بالبلد.

ويتكامل «الأداء التخديري» مع أداء مماثل للحليف العربي يحاول من جهة فتح باب التواصل العربي، وخصوصاً مع سوريا، بينما يجري «المليار دولار» من تحت الطاولة لتسييله انتخابياً، وليس خافياً هنا تركيز ملايين الدولارات على الانتشار اللبناني وبناء جسر جوي انتخابي لاستقدام الاحتياط الاغترابي، وتحديداً الى دوائر الحسم الانتخابي كالمتن وأيضاً الى زحلة والبقاع الغربي، وبعض دوائر الشمال، وتحديداً من دول اميركا الجنوبية وأوستراليا.

وخصوصاً أن المعركة الحقيقية في واقع منافسة «على المنخار» هي معركة على عدد قليل جداً من المقاعد، والتي يؤدي الظفر بها الى إحداث زلزال سياسي والفوز على المعارضة بالضربة الانتخابية القاضية.

في اعتقاد القطب المذكور أن قرار تخسير المعارضة متخذ أصلاً ومن وضعوه يعملون على تنفيذه منذ مدة، والمال أول سلاح والهدف ليس التوصل فقط الى أكثرية نيابية تنبثق منها حكومة أكثرية، بل الى الإمساك أيضاً بالمجلس النيابي وانتخاب رئيس له من «14 آذار»، أي الإمساك الكلي بالبلد.

والأكيد أن هذا القرار يتناغم مع حركة السفيرة الأميركية في بيروت مؤخراً واستطلاعها الرأي في بعض الأوساط السياسية حول رئاسة المجلس ومن سيتولاها مع المجلس النيابي الجديد، ومحاولة تسويق أسماء لبعض الشخصيات الشيعية المحسوبة على 14 آذار.

والمريب، كما يلاحظ القطب المذكور، أن مرجعاً أساسياً في «14 آذار» مقتنع بإمساك البلد نيابيًّا وحكوميًّا وبضرورة ان ينتقم «7 حزيران» من «7 أيار»، والدخول بقوة مجدداً الى المسرح السياسي الداخلي و«نثبت حقيقة للجميع في الداخل وأمام المجتمع الدولي بأننا الأقوياء». ويكرّر هذا المرجع في مجالسه: هذا ما يجب أن يحصل!

على ان ما هو ابعد من تخسير المعارضة في الانتخابات، هو عدم إشراكها في الحكم المقبل، بحيث لا تكون هناك حكومة وحدة وطنية ولا ثلث ضامن ولا ثلث معطل.

وينتهي القطب السياسي الى هذا الاستنتاج من الكلام الأخير للنائب سعد الحريري حول الرابح والخاسر ومن يربح الانتخابات يحكم ومن يخسر فليذهب الى المعارضة، وإعلانه انه لن يشارك في الحكومة فيما لو خسرت «14 آذار» الانتخابات، فهذا الكلام ينطوي من جهة على ما مفاده «ما نرضاه لأنفسنا نرضاه لكم والمعادلة بسيطة جداً فإن خسرنا سنكون في المعارضة وإن خسرت المعارضة فستبقى في المعارضة».

كما ينطوي من جهة ثانية على بعد تهويلي بأن خسارة الانتخابات وما يتأتى عنها من خروج تلقائي من الحكم له تداعيات ومخاطر سلبية مالية واقتصادية، وبما يوحي أن المعارضة لا تملك برنامجاً حقيقياً لحكم البلد، فضلاً عن أن الثقة الخارجية بلبنان ستهتز.

يقول القطب السياسي إن ديموقراطية الرابح والخاسر التي نبتت فجأة في بعض جوانب 14 آذار وتبناها سعد الحريري وما يزال، قد تعرضت لضربات متعددة:

الأولى: من إصرار قوى المعارضة على اختلافها على مبدأ الشراكة، وفي سياق ذلك يأتي تأكيد الرئيس نبيه بري على إقامة حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات.

الثانية: من الخطاب الأخير للسيد حسن نصر الله عندما تلقف طرح «الديموقراطيين الجدد» الذي حاولوا إلقاءه ككرة النار، وأظهر لهؤلاء ومن خلال منطق تحليلي لطبيعة التركيبة السياسية اللبنانية القدرة على تبريد كرة النار وتحويلها الى كرة ثلج بإعلانه «إن لم تريدوا المشاركة فإن المعارضة ستحكم وتقدم النموذج».

الثالثة: من الموقف الأخير لرئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط حول عدم مصيرية الانتخابات والشراكة في حكومة وحدة وطنية.

الرابعة: من الحوار العربي العربي، وتحديداً السوري السعودي الذي سيصل حتماً الى منطق تبادلي توافقي. وخصوصاً بعد إعلان قمة الرياض بالأمس عن بداية مرحلة جديدة من العلاقات.