المقاومة بين الحشاش و الفيلسوف المعاصر

مشاركة:

عندما تشتد المصائب و المآسي لتلون ساعات الأيام بالحداد

وعندما تُصبح عملية النهوض من الفراش أكثر ثقلاً من ساقين ارتختا تحت وطأة الشلل

وعندما يتسمر الخوف في المفاصل من قبح الظلم الذي يقصف العمر والحياة  وعندما يتحول البصر عن النظر في داخل "الذات" فترحل الدماء خجلاً من عروقها، عندها ، يُصبح لشيشة الأفيون أصحابها و لفرفشة "القنينة" أحبابها و لفلسفة التفلسف أنصارها.

فتغيب عن البصر صور الأطفال الجائعة وأشلاء الطفولة المنحورة، و تتلاشى في ما الورائيات صورة الأم الثكلى و صرخة الأب المفجوع و دمعة البنت المشردة و يهرب أصحاب الشيشة الأفيونية و القنينة الخمرية ليناموا بين أفخاذ هيفا و صوت ليسا ، و يهرب المثقفون إلى موزارت و شوبان و يغيبون معاً في حلم بعيد يأخذهم من واقع لا يريدون – جبناً – مواجهته.

حلم يأخذ أولهم إلى سطحية الحضارة و موسيقاها و يأخذ ثانيهم إلى عمق الموسيقى الراقية التي نُظمت من آلام و معاناة مؤلفيها ….

يهرب الحشاش و يهرب المثقف المتفلسف من واقع يتقاسمانه ليصلا إلى جنتهما المشتركة البعيدة عن "وجع القلب و بشاعة الحدث" و يذوبان في ما ينسيهما المعابر المغلقة والحصار المدمر و كذب الأسياد و يصبح الدمار لوحة في معرضٍ لا يؤمه الحشاش و تصبح المحارق الهاماً في كتاب على غلافه توقيع بقلم "مثقف فيلسوف".

الخوف واحد و الهرب واحد و الوصول إلى النهاية المسطولة واحدة … و يبقى الفرق بين الحشاش و المثقف هنا هو في الوسيلة التي امتطاها كليهما للوصول ……