متى يتعلم السنيورة وقف مزحاته السمجة

مشاركة:

ما لم تحِلَّ روحٌ ما، على فؤاد السنيورة، لا مشروعَ موازنة منتظراً من جلسة مجلس الوزراء المنعقدة في هذه الأثناء.

لماذا؟ بات واضحاً أن للأمر أسباباً ظاهرية، وأخرى عميقة، والنوعان من مكبوتات السنيورة ودخائله.

في الظاهر، ربط السنيورة الموازنة بعقدة مجلس الجنوب. لا أموال لهذا المجلس. سئل: كيف أمنت 300 مليار ليرة، أي مئتي مليون دولار لمستحقات نحو أربعين متعهداً؟ قال إنها مشاريع لكل المناطق اللبنانية. بينما القاصي والداني يعرف من يشرف على مافيا التعهدات في مغارة السنيورة، وكيف تحصر بالبلاط والحاشية والزبانية. وكيف يتفق بداية على سعر، ثم تضاف اليه ملحقات وفروقات، فيصير مبدأ المناقصة من كذبات دولة السنيورة السرية، والتي يعرفها الجميع… ومع ذلك أمن لهم سلطان السراي 300 مليار ليرة… ولا ليرة لأهل الجنوب.

سئل هل هذا كل ما عندك من نفقات؟ أجاب حاسماً جازماً حالفاً يميناً معظماً. ليتبين اليوم، وفق معلومات خاصة بال أو تي في، أن فريق السنيورة يعد مرسوماً ملحقاً بمستحقات المتعهدين المحدودين والمحظوظين والمحظيين. إذ يحاول تسريب اعتماد إضافي يقضي بدفع فروقات لهؤلاء، مجموعها 75 مليار ليرة فقط… ولا قرش للجنوب.

انتهت مزاريب السنيورة؟ طبعاً لا. فآخر المعلومات الخاصة بمحطتنا، أن صفقة انتخابية بيروتية ضيقة، كانت تقدمت بها شخصية نيابية قريطمية بامتياز الى مجلس النواب، فأُجهضت. لكن السنيورة يحاول إحياءها عبر الحكومة والموازنة، بمشروع يقضي بدفع 75 مليار ليرة أيضاً تعويضات لفضيحة تعاونيات شهيرة. والأسباب بيروتية انتخابية محضة. فوجدت العائدات للمليارات هنا، ولا فلس لمجلس الجنوب.

في مقابل كل ذلك، حاول "أهل الصبي" الذهاب أبعد في حرصهم. فتقدموا باقتراح قانون معجل مكرر لإنشاء وزارة التخطيط، وإلغاء كل من مجلس الجنوب وصندوق جنبلاط وأبنائه وشركائه للمهجِّرين، ومجلس الإنمار والإعمار بيد السراي، وهيئة الكارثة الوطنية العليا للزفت الانتخابي والسرقة الموصوفة. وعلمت محطتنا أن الرئيس نبيه بري أحال الاقتراح فعلاً الى اللجان، وتعهد بإنجازه خلال أسبوعين. ما كان رد السنيورة؟ الرفض.

لماذا؟ ربما لأنه يمزح. تماماً كما مزح يوماً مع الجيش في رواتبه ولقمة عيش أبطاله. قبل أن يتعلم أن هذا المزاح ممنوع. أو كما مزح مرة أخرى مع الراحل إيلي حبيقه في مجلس الوزراء. قبل أن يجبره رفيق الحريري على الاعتذار والإدراك أن هذا المزاح سمج.

مجرد مزحة ربما، تماماً مثل مزحة أزلام سمير جعجع في عمشيت. فإذا نجحت يبني عليها فارس سعيد أطروحات كونية. وإذا فُضِحت، يخرج جعجع ليعتبرها مجرد مزحة