
مشاركة:
فيما تُشغل القوى السياسية المسيحية في تجمع 14 آذار وبعض المرجعيات الروحية المسيحية بمسألة الكتلة الوسطى النيابية
يبدو رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط على مسافة من هذه المسألة في الوقت الحاضر، ليصبح موقفه الرسمي العلني رافضاً لها بعد فترة.
وكشف مصدر حكومي عن وضوح التوجّه الجنبلاطي في هذا الشأن إبان اللقاء الأخير الذي جمع جنبلاط برئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ووفد حزب الله في دارة وزير الشباب والرياضة طلال أرسلان في خلدة، الأسبوع الماضي، قائلاً إن مقاربة جنبلاط للتطورات السياسية الإقليمية والدولية في الجانب المتعلق منها بأزمة الانقسام السياسي اللبناني والعلاقة اللبنانية ـــــ السورية حيث لم يتردد جنبلاط في الإقرار بأن «محوركم انتصر»، بحسب ما قال لرعد، ذلك أن الحالة العربية الدولية المتراجعة خلف الفريق الآذاري لم يكن ينقصها سوى حملة إسرائيل على قطاع غزة وتغيير الإدارة الأميركية لتكتمل فصولها التراجعية.
وكشف جنبلاط أمام الحضور نيّته تغيير لهجته العدائية تجاه سوريا لتحلّ محلها لهجة غير عدائية مرشحة لتصبح إيجابية، لكنه طلب «السماح» له بيوم واحد في السنة يشدد خلاله خطابه السياسي مع دمشق، وهو يوم ذكرى استشهاد كمال جنبلاط، على أن ينحصر هذا التشدد بموضوع الذكرى ولا يتعدّاه إلى العناوين الاختلافية السابقة بينه وبين النظام السوري.
ويشير المصدر الحكومي إلى أن سوريا لم تبدِ سرورها بهذا الموقف الجنبلاطي وإن صنّفته في خانة «الإيجابية» التي تشجع دمشق حلفاءها اللبنانيين على دفع جنبلاط باتجاهها.
لكنّ هذه الإيجابية الجنبلاطية تقف عند الحدود السورية مع لبنان مهما بلغت مساعي الوسطاء والحلفاء معها، ذلك أن طريق جنبلاط إلى سوريا يعرفها جنبلاط نفسه جيداً، وهي تتركز بين حدّين، حدّ إعلان جنبلاط نيّاته الحسنة تجاه دمشق وطلبه العلني لزيارتها، وحدّ حصول هذه الزيارة التي ينتظر منها أن تنطوي على تقديم إنجاز يتمثّل بإقناع رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري بالتخلّي عن رهاناته على الضغط الأميركي والأوروبي والعربي للنيل من النظام السوري، وصولاً إلى تغييره، هذه الرهانات التي حرّضه عليها جنبلاط سابقاً. ذلك أن دمشق تحمّل جنبلاط مسؤولية مواقف الحريري منها قبل أي طرف آخر.
عودة إلى موضوع الكتلة الوسطى: لم يستسغ جنبلاط هذه المسألة، وهي في أحسن الأحوال، في نظره، «مشروع فاشل»، لأن أقطابها هم من مسيحيي 14 آذار الذين أخرجهم رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون من الندوة النيابية ويسعون للانتقام منه، وللعودة إلى المجلس عبر وضعه في مواجهة رئيس الجمهورية.
«فنحن قبلنا بسليمان لأنه توافقي ولا يمثّل كتلة نيابية، وإلا لكنّا قبلنا بعون».
وحين يصبح صاحب كتلة نيابية، يصبح طرفاً في النزاع الداخلي كعون تماماً، فيفقد قدرته على رعاية الحوار الوطني في بعبدا ويصبح كأمين الجميل إبّان عهده، لا يمكنه أن يترأس جلسة حوارية ولو شكلياً، إلا في جنيف أو لوزان، ليعود فيحكم القصر الجمهوري من دون تأدية الدور الوفاقي في الجمهورية».
ويضيف جنبلاط: «نحن كنا ضد وصول رئيس عسكري لكي لا تتسلّط ذهنية العسكر على الدولة. وهذا يعني احتفاظ الرئاسة بالرمزية الوطنية. ولكن يبدو أن سليمان لم يفهم هذه المعادلة، وهو متمسّك بالذهنية التسلّطية».
وإذ يرى أن فكرة الكتلة الوسطى تعبّر عن فشل مسيحيي الأكثرية في استعادة حضورهم السياسي، عزا جنبلاط هذا الفشل إلى إفلاس هؤلاء الرموز كأشخاص، رغم قابلية المسيحيين لتأييد خطابهم السياسي.
أما ترحيب جنبلاط بدعم حزب الله الانتخابي لأرسلان في دائرتي عاليه وبعبدا، فسببه أن هذا الدعم يصبّ في خانة انتصار التوافق الجنبلاطي ـــــ الأرسلاني درزياً في الانتخابات المقبلة، وسيستفيد منه الطرفان بالإضافة إلى حزب الله.