المستقبل: التظاهرات لا تنفع بل توحيد الصف

مشاركة:

غريب أمر السياسة في لبنان. والأغرب هو تيّار المستقبل. يُنادي بالتضامن مع غزة، لكن المؤتمرات الصحافيّة لبعض نوّاب التيّار تُدافع عن مصر والسعوديّة قبل الشعب الفلسطيني، كما فعل أول من أمس النائبان مصطفى هاشم ومحمد الحجار وغيرهما.

وعند محاولة الاتصال بنوّاب التيّار، تجد هواتف أغلبهم مقفلة، أو هم لا يردّون.

وحدهما، النائبان علّوش والحجّار يُجيبان على الاتصال، ليقولا كلاماً مشابهاً لحديث دول «الاعتدال» العربي: ضرورة توحيد الصف العربي بدايةً، كأن نزف الدماء الفلسطينية ينتظر توحيد هذا الصف المنحرف منذ عشرات السنين.

يقول علّوش إن دور تيّار المستقبل ليس في الإدانة أو الدفاع عن أي نظام، «وإنّ من يُخطئ نقول إنه أخطأ». ويُحدّد علوش المشكلة بـ«العدو الإسرائيلي»، ولذلك «لا يجوز أن نبحث عن عنزة سوداء (مصر)»، وإن القاهرة تستطيع الدفاع عن نفسها في وجه الاتهامات بأنها تُقفل معبر رفح، «وهي تقول إنها فتحته». ويرى علّوش أن على العرب أن يعملوا على إظهار المشكلة في الهجمة الإسرائيليّة، «وليست أزمة عربيّة ـــــ عربيّة أو عربيّة ـــــ فلسطينيّة». ومن هنا ينتقد خطاب الأمين العام لحزب الله الذي دعا الشعب المصري إلى التحرّك، متسائلاً عن جدوى مثل هذه الدعوات التي خلقت سجالاً بين مصر وحزب الله، وحوّلت الأنظار عن غزة. ويرى أن التظاهرات لم تُقدّم ولم تؤخّر شيئاً تاريخياً، ولا تُساعد حالياً الغزّاويين في شيء. ويقول إن على اللبنانيين أن يعملوا على توحيد الصف العربي، والتهيئة لعقد القمّة العربيّة، في أقرب وقت، ولكن بعد الإعداد لها جيداً.

ولا يرى علّوش فائدة من فتح الجبهة اللبنانيّة، لا بلّ يُحذّر من تحوّل لبنان إلى ضحيّة ثانية، لأن المعادلة العسكريّة غير ناجحة. لذلك، يدعو إلى فتح جميع الجبهات العربيّة، «وأدعو السوريين والإيرانيين لاستعراض عضلاتهما، وليرموا صواريخهما على إسرائيل».

بدوره، يقول النائب محمّد الحجار إن الدور الأساسي هو العمل لوقف هذه المجزرة، «وهذا ما يحكم تصرّفاتنا في تيّار المستقبل وقوى 14 آذار. وفي سبيل تحقيق ذلك، نرى ضرورة أن يعمل اجتماع وزراء الخارجيّة العرب المنعقد اليوم على تهيئة الجوّ لأمرين:

1 ـــــ الضغط على المجتمع الدولي ومجلس الأمن لوقف العدوان على غزة.

2 ـــــ عقد قمّة استثنائيّة لوضع آليّة مناسبة لتنقية الأجواء العربيّة».

أمّا رمي الدعوات للتظاهر أمام السفارات المصريّة، فهو يزيد التشرذم العربي، «والمطلوب عدم السماح بشدّ الانتباه عن العدو الإسرائيلي، لأننا لا نريد لمن ينظر إلينا أن يعتقد أن هذه مشكلة عربيّة ـــــ عربيّة، بل يُفترض البحث عن القواسم المشتركة بين العرب، ومحاولة توحيد الصف العربي». ويُفترض بهذا الموقف العربي أن يؤدي، بحسب الحجار، إلى إعادة إطلاق الحوار الفلسطيني ـــــ الفلسطيني، وتوحيد الكلمة الفلسطينيّة، التي «لو كانت موحّدة لما تجرّأ الإسرائيليون على ارتكاب ما ارتكبوه».

أمّا لبنانياً، فإن الحجار يطالب بالمزيد من الالتفاف حول الدولة، والمزيد من التشديد على «الشرعية الدوليّة، وخصوصاً القرار 1701. فنحن لا نريد لهذه الأحداث أن تأخذ لبنان إلى مكان آخر».

وكان الحجار قد رأى من دار الفتوى أنه لا يمكن تجميع عناصر القوة العربية إلا بلمّ الشمل ووحدة الصف والتضامن في ما بين الدول العربية لا التشكيك في ما بينها أو تصوير الأمور وكأن المشكلة هي ما بين العرب. ودعا إلى تحصين الساحة الداخلية والتمسك بالقرار 1701 و«العمل باتجاه عدم المغامرة وجرّ الساحة اللبنانية إلى مواقع لا تخدم سوى العدو الإسرائيلي».

لسان حال المستقبليين في الطريق الجديدة يقول إنه لا علاقة لهم بالتظاهرات التي حصلت أمام السفارة المصريّة، ومن قام بها «هم فلسطينيو المخيّمات». ويُمكن زائر هذه المنطقة أن يرى كيف تسير الحياة طبيعياً، كأن شيئاً لا يحصل في غزّة. وتسيطر اللامبالاة على واقع جمهور المستقبل، الذي لا يزال يُدافع عن الموقفين المصري والسعودي، رغم أن حالة الحزن لما يحصل في غزّة حالة عامّة.