
مشاركة:
في خطوة هي الأولى له بعد وصوله إلى قصر بعبدا منذ سبعة أشهر، يتوجه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، إلى الجنوب اليوم، ويجول في عدد من مناطقه التي بات استكمال إعادة إعمارها بعد حرب تموز أسير «التعويضات المتوازنة»،
ورهين معادلة إيجاد متبرعين جدد أو تشريع من مجلس النواب لفك رهن الهبة السعودية المقدمة لإعمار 200 بلدة وقرية
في بلد تشكو معظم مناطقه من غياب الإنماء المتوازن، وقد اخترع رئيس حكومته فؤاد السنيورة أن يعوض عن ذلك بشعار «التعويضات المتوازنة»، إذ نقل عنه عبد الله فرحات أن «مناطق التهجير الفعلي ستنال نصيبها» من التعويضات، بعد إعلان صندوق المهجرين «القيام بدفع تعويضات في كل المناطق وبطريقة متوازنة»، كما ذكر فرحات.
وكانت «عاصفة» ما ذكره السنيورة عن الاستدانة بضمانة الهبة السعودية، وربطه تعويضات متضرري عدوان تموز بملف المهجرين وإعادة إعمار مخيم نهر البارد ومحيطه، موضع متابعة من رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي التقى أمس سفير السعودية عبد العزيز خوجة، ومحور العديد من المواقف أبرزها من المرجع السيد محمد حسين فضل الله الذي انتقد «ما جرى من تصرف» بما قدمته السعودية «من مساعدات للبنانيين في أعقاب حرب تموز»، داعياً «إلى إعادة النظر في مسألة التعاطي مع هذه الأمور بما يعيد الحق إلى نصابه، ويفسح في المجال للإسراع في إعادة إعمار ما تهدم، لأن من غير الجائز أن تستمر معاناة اللبنانيين، وخصوصاً في مسألة المساكن للمتضررين، لحساب الفوضى التي تحكمت (فيها) جهات محلية ينبغي أن تكون محل مساءلة ومراقبة ومحاسبة على جميع المستويات».
وقال النائب جمال الطقش إن المطلوب هو أن تدفع الهبة للناس «بغضّ النظر عما إذا كانت سعودية أو غير سعودية»، مضيفاً: «ما يهمنا أن نأكل العنب لأن الناس متضررون». ودعا إلى تحرير الهبة من الدين «واذا لم يجرِ ذلك، فمن واجب الحكومة العمل على إيجاد البدائل وتأمين المبالغ المطلوبة عبر أي طريقة تجدها مناسبة».
وفي كلمة ألقاها في حناويه في ذكرى 4 من ضحايا طائرة كوتونو، رأى النائب عبد المجيد صالح أن «الأعذار والتبريرات التي قدمها الرئيس السنيورة هي أقبح من ذنب»، وأن ما قام به «مسيء بحق السعودية التي أرادت من خلال هبتها المقدمة مدّ يد العون إلى إخوانها في الجنوب، ولكن السياسات الكيدية حالت دون ذلك»، داعياً إلى إصلاح الأمر «لأن العودة عن الخطأ فضيلة». كذلك دعت قيادة إقليم الجنوب في حركة أمل، الحكومة ورئيسها إلى «الإسراع في طي هذا الملف دون مماطلة وتسويف»، فيما طالب الاتحاد البيروتي، بلجنة قضائية «لتبيان طريقة صرف الأموال وأماكن إنفاقها وتحديد المسؤولية عن حجبها عن أصحابها».
وإلى ملف التعويضات، يبدو أن المجلس الدستوري سيكون موضع الكباش الأكبر، مع ترجيح ترحيل بحثه إلى السنة الجديدة. إذ ذكر أحد الوزراء لـ«الأخبار» أن جلسة مجلس الوزراء ستعقد يوم الثلاثاء المقبل في السرايا «ما يعني أنه لن يكون هناك تعيينات أو انتخاب أعضاء المجلس الدستوري أو اتخاذ أي قرارات دستورية». فيما برزت أمس زيارة الوزير جو تقلا لرئيسي مجلسي النواب والوزراء، في ما يمكن وصفه بتحرك اللحظة الأخيرة لإيجاد تسوية ما، وإن كان تقلا قد رفض قول أي شيء بعد اللقاءين.
وإذ أكد الوزير وائل أبو فاعور، وجود نقاش بعيد عن الأضواء للاتفاق على صيغة حل، لفت إلى أن ما يطرح هو أفكار أولية «لم تنضج إلى درجة الاستبشار خيراً بولادة المجلس الدستوري»، متهماً 8 آذار بإبقاء الأمر موضع تجاذب سياسي ونقاش بشأن ما حصل في البرلمان، مما «لا يبشّر حتى اللحظة بالخير». كذلك اتهمها النائب أحمد فتفت بأنها تريد تعطيل الدستوري ثم الانتخابات، واصفاً «ما قيل» عن نقض الأكثرية لاتفاق في شأن حصة البرلمان من المجلس بأنه «كلام غير دقيق». ومع موافقته على أن يستعمل «بعضهم» الثلث المعطل، اشترط الوزير إبراهيم شمس الدين، ألّا يكون ذلك «في إطار التعطيل، إذ لا يجوز تعطيل الحكومة بسبب الخلاف على المجلس الدستوري»، معتبراً أن هذا المجلس «هو لحماية الناس لا لتوزيع المكاسب». ليخلص إلى «أن العلاقة بين إجراء الانتخابات ووجود الدستوري ليست علاقة شرطية».
إلا أن النائب بطرس حرب وصف إجراء الانتخابات دون الدستوري «كمن يقود سيارة دون بوليصة تأمين»، داعياً إلى «إتمام التوافق لإكمال تعيين أعضائه مهما كانت الصعوبات». لكنه أضاف أن 14 آذار «لن تقبل بإجراء صفقة على نوعية المرشحين للتفاهم على أشخاص لا يتمتعون بالمواصفات المطلوبة»، موحياً بجدل دستوري مقبل، عبر قوله إن تعيين باقي الأعضاء «لا يستدعي شرط الثلثين»، وإنه يفضل إذا لم يجرِ اتفاق الثلثين «وجود مجلس دستوري بأكثرية مطلقة برعاية رئيس الجمهورية، على عدم وجوده».
في المقابل، أجمعت مواقف المعارضة على: التفاهم المسبق أو التصويت، فرأى نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، أن التوافق «يحمي المؤسسات الدستورية ويبعدها عن الشبهة في أنها منحازة، وخصوصاً إذا كانت تفصل في الأمور وتحكم بين الناس كما هي حال المجلس الدستوري والهيئة العليا للإشراف على الانتخابات»، داعياً الذين اختاروا «على طريقتهم الديموقراطية كما يقولون، وانتخبوا بالأكثرية مقابل الأقلية في ميزان المجلس النيابي»، إلى أن «يحترموا هذه اللعبة الديموقراطية في مجلس الوزراء، فيختار المعارضون الطريقة المناسبة لإنجاز المجلس الدستوري وفق ما أعطاهم إياها الدستور، أي أن يمنعوا الآخرين من اتخاذ القرارات إلا بأغلبية الثلثين، وبما أن أغلبية الثلثين ليست عندهم فهم بحاجة إلى توافق، وهم يتحملون النتيجة، على قاعدة أن يكون في مجلس الوزراء ما كان في مجلس النواب من اختيار كل طرف ما يراه مناسباً».
وجزم مسؤول العلاقات الدولية في الحزب نواف الموسوي، بأن ما جرى في البرلمان «سابقة بعد اتفاق الدوحة، لن تتكرر»، مؤكداً أن المعارضة «ستستخدم الثلث المعطل أو غيره» لمنع «الأكثرية العددية من أن تضع يدها على المجلس الدستوري لأنه مؤتمن على سلامة الانتخابات وعلى دستورية القوانين». ودافع النائب قاسم هاشم عن ممارسة وزراء المعارضة لـ«حقهم الدستوري، لتصويب الأمور حفاظاً على مناخ تسوية الدوحة». فيما قال النائب نبيل نقولا إن الدستوري «إما أن يكون للجميع وإما ألّا يكون»، متوقعاً أزمة في شأن استكماله «إن لم تتم التسوية».
في هذا الوقت، طلب النائب بهيج طبارة تحويل سؤال للحكومة عن «عدم ملء الشواغر في مراكز الفئة الأولى والأجهزة القضائية والمالية»، إلى استجواب، بعد مضي أكثر من شهر على تقديمه دون حصوله على جواب.
على صعيد آخر، هاجم النائب أسعد حردان، مقولة «الحياد الإيجابي» التي «تهدف إلى إخراج لبنان من محيطه الطبيعي والتاريخي»، متهماً المنادين «بالتقسيم باسم الفدرالية»، بأنهم «يريدون جذب انتباه العدو الإسرائيلي إلى أن لديهم استعداداً إن أراد تفجير حرب أهلية أو تقسيم البلد»، لكنه قلل من شأن هذه الطروحات لأن القوى الأساسية في البلد «لن تمشي بها، ومن يطرحها لا يملك القدرة على تنفيذها».
خلوة بكركي بين الترحيب… و«ما كان يؤمل به لم يحصل»
كان الخبر أول من أمس أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان وصل إلى بكركي في الثامنة والثلث صباحاً، لحضور قداس الميلاد، وعقد على الفور خلوة مع البطريرك الماروني نصر الله صفير، انضمّ إليها بعد ربع ساعة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي اكتفى بعد انتهائها بالقول للصحافيين: «اليوم عيد ولن نقول شيئاً»، فيما كرّر سليمان كلمة «خير» مرتين.
لكن هذه الزيارة استدعت جملة ردود فعل أبرزها أمس من رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي رأى «أن مسألة المصالحة تستخدم لإلهاء الشعب اللبناني»، وأنه لا يعتقد بأنها «ستبدل في الواقع السياسي القائم»، آملاً «من الجميع عدم استعمال العنف كتعبير سياسي، وإبقاء كل منا على اقتناعه السياسي وترجمته من خلال العمل السياسي الديموقراطي». وأخضع المصالحة مع المردة «للظروف»، قائلاً إنه مستعد لها «إذا كان هناك شيء ما يستدعي».
وقال النائب أنطوان زهرا: «إن ما كان يؤمل به لم يحصل، رغم جهد رئيس الجمهورية وتمنّيه على فرنجية زيارة بكركي التي سبقتها مواقف لفرنجية درج على إطلاقها، وكأنه اشتراط على بكركي أن تأخذ موقفاً معيناً»، مضيفاً: «يخطئ من يحاول أن يدفع بكركي لأن تؤدّي دوراً سياسياً يناسب طموحاته».
ورداً على وصف الزيارة بأنها رفع عتب، قال النائب نبيل نقولا: «إذا زار بكركي يقولون لرفع العتب وإن لم يزرها يقولوا هو يقاطعها». وحيّا أي لقاء مع صفير «لأنه يبقى الأب الروحي للمسيحيين»، مضيفاً أن زيارة العماد ميشال عون الى بكركي «ليست بحاجة الى مساع من أحد وستتم في الوقت الذي يجده الجنرال مناسباً».
كذلك رحّب النائب سمير الجسر باللقاء الذي «يشكل مدخلاً للمصالحة المسيحية التي نعتقد بأنها باتت أكثر من ضرورية». ودعا الجميع الى تسهيل الأمر «وإزالة العوائق لكي تتم هذه المصالحة».