
مشاركة:
وفي حين يحتل العراق وأفغانستان الحيز الأهم في السياسة الأميركية الخارجية
يقفز الملف اللبناني في اللائحة الى مواقع متقدمة ايضا. كلية العلوم البحرية في المؤسسة العسكرية الأميركية استشرفت السياسة الأميركية في لبنان ومستقبل "ثورة الأرز" في ضوء النتائج التي خرجت بها حرب تموز 2006.
إن حرب تموز 2006 هي احد الاسباب الرئيسية في الاهتمام الدولي المستجد بلبنان. إن هذه الحرب أدت الى زعزعة الشرق الأوسط وتعقيد الحسابات الأميركية لمصالحها الخاضعة ضمن نطاق مسؤولية القيادة المركزية الوسطى (سنتكوم).
من وجهة نظر علمية، السجال حول نتائج حرب تموز في واشنطن كان أقل منه بدرجات من السجال في اسرائيل ولبنان. لقد كرر الرئيس الأميركي جورج بوش مرار أن اسرائيل تشارك الولايات المتحدة في حربها على الإرهاب.
من جهة ثانية، فإن نشاط حزب الله السياسي يفرض نوعا ما قيودا على المنظمة. إن دور الحزب في التركيبة السياسية اللبنانية جعل منه حزبا قويا لكنه أيضا فرض عليه أن يكون اكثر حذرا ومكرا. في حين اسفر الانسحاب الاسرائيلي من لبنان عام 2000 عن إظهار مدى صلابة حزب الله وتماسكه.
لقد جعلت جميع الادارات الأميركية، سواء كانت ديموقراطية او جمهورية، من نشر الديموقراطية عنصرا رئيسيا في سياساتها الخارجية، ولكن ليس واضحا ما اذا كانت عملية نشر الديموقراطية تساهم فعلا في محاربة الإرهاب؛ اذ يناقش البعض في ان الدول التي تخضع لعملية "ولادة الديموقراطية" معرضة أكثر من غيرها للنزاعات الأهلية، بسبب استثارة الديموقراطية للنزاعات الاثنية والحماسة الوطنية. بالاضافة الى ذلك، قد تجلب الديموقراطية المناهضين للولايات المتحدة والاصوليين الى السلطة، كما حصل مع حركة حماس في الاراضي الفلسطينية.
هناك خطر أن تزيد النجاحات المستقبلية من جرأة مجموعات إرهابية أخرى وتكون مصدر إلهام لها. القاعدة ومجموعات اخرى، خصوصا حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، تنظر إلى حزب الله على أنه مثال أعلى. في نفس الوقت، هناك مجال للتساؤل فيما إذا كان القادة الإرهابيون يستخدمون "انتصارات" كهذه وسيلة لتبرير هجمات قد تشن خلال أي حدث.
في المقابل، يجادل البعض في انه من غير المرجح ان تشكل عملية نشر الديمقراطية ندا "قويا" للمنظمات الارهابية، بل ان الارهابيين عازمون على استخدام طرق غير مشروعة لفرض ارادتهم. النفوذ الأمريكي لتشكيل تطورات سياسية في المنطقة مهدد بواقع ان الرأي العام العالمي ليس مع اجراء تلك التطورات. لاعب اخر اساسي في لبنان هو سوريا. لقد تعرض النفوذ السوري في لبنان الى ضربة قوية بعيد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في 14 شباط 2005. أدى الاغتيال الى الانسحاب السوري، وفي شهر أيار من العام نفسه تم انتخاب مجلس نيابي معارض بأكثريته لسوريا.
هذه المجريات كانت نموذجا لتطورات تخدم مصالح الولايات المتحدة الأميركية من دون تورط مباشر.
لطالما وصفت الولايات المتحدة سوريا بأنها تشكل "تهديدا للاستقرار" في المنطقة.
الغضب العارم في لبنان والمجتمع الدولي على اثر اغتيال الحريري اجبر سوريا على سحب معظم قواتها في نيسان 2005.
حاليا، السؤال الرئيسي هو "أي اتجاه ستتخذ السياسة الأمريكية في لبنان مستقبليا"؟ السياسة الامريكية هي حاليا تجهد لتقوية التحالف المعادي لسوريا، ومنع حزب الله من الحصول الى نفوذ سياسي.
الدولتان اللتان لهما الدور الأقوى في الشؤون اللبنانية هما سوريا وايران. من الواضح ان سوريا ليست صديقة الولايات المتحدة، بل دولة يقودها متفردون بالحكم وحيث "لا يشكل الاصلاح السياسي اولوية".
هناك بالطبع مخاوف حول ما اذا كان لبنان يقدم فرصة لردع نفوذ ايران في المنطقة.
لبنان، امة حصلت على وقت قليل جدا "لإصلاح كامل الضرر الذي عانى منه نسيجه الاجتماعي جراء حروبه الأهلية الطويلة، وهو في خطر الانقسام مجددا".
لقد انخرط حزب الله في مساعي قلب الموازين السياسية ضد حكومة التحالف التي سيطرت على البرلمان اللبناني منذ انسحاب القوات السورية عام 2005.
في 23 كانون الثاني قام مناصرو حزب الله باضراب شل بيروت، في اليوم التالي، جدال بين طلاب في جامعة بيروت العربية تطور الى معركة مسلحة ادّت الى مقتل 4 اشخاص وجرح 35.
ادّعى (أمين عام حزب الله السيد حسن) نصر الله ان حزب الله يستطيع اسقاط الحكومة في أي وقت، لكن لا يقوم بذلك "رغبة منه بالحفاظ على السلم الاهلي".
الواهبون الدوليون، المهتمون بالنواحي اللبنانية، قدموا 7.6 مليار دولار مساعدة لحكومة فؤاد السنيورة.
ليس صعبا تخيل تدهور جديد في الوضع اللبناني، او استفزاز عسكري من قبل حزب الله او اسرائيل، قد يعيد لبنان الى واجهة الاهتمام الدولي.
قد تواجه الولايات المتحدة خيارات معقدة في مثل هذه الحالة.
ايران هي مصدر قلق اقليميا، لكن مواجهة اعمق قد تؤدي الى كساد اقتصادي وجيو ـ استراتيجي كبيرين، وسيكون من الصعب التنبؤ بالنتيجة.
لكن البعض في الولايات المتحدة، من داخل وخارج الادارة، يناقش بان نافذة الفرصة لمنع ايران من الحصول على اسلحة نووية بدأت تضيق. على ضوء هذا الامر، يلوح طيف احداث 11 ايلول 2001.
هل يجب ان تساند الولايات المتحدة اسرائيل لمواجهة حزب الله، وتتناسى أولوية مواجهة إيران؟ هل ستشكل المواجهة (الجديدة بين اسرائيل ـ حزب الله) خطر نكسة جديدة للولايات المتحدة وحليفها الاهم في المنطقة اسرائيل؟
أسئلة يجيب عنها المشهد الاستراتيجي في المنطقة.