عشرات الآلاف في الضاحية والمناطق يطلقون صرخة إزاء الصمت العربي

مشاركة:

تظاهرة قدرت وكالات الأنباء الأجنبية عدد المشاركين فيها بعشرات الألوف، واعتبرتها الأكبر في الوطن العربي التي تنظم احتجاجاً على حصار غزة. تظاهرة ترافقت مع تنظيم عدد من المسيرات والنشاطات في معظم المناطق اللبنانية.

على امتداد شارع هادي نصر الله وصولاً حتى منطقة الكفاءات، مشى المتظاهرون، ومنهم عدد كبير من الفلسطينيين، تحت الشمس الدافئة، ينددون بالصمت العربي، فيما مكبرات الصوت المثبتة على جوانب الطرقات تبث مقتطفات من خطاب نصر الله الأخير الداعي للمشاركة في تظاهرة الأمس.

وكما في كل المناسبات التي ينظمها حزب الله، تولى عناصر الانضباط تنظيم السير وضبط المسيرة بدقة عالية.

ارتفعت الشعارات على الرايات الملونة بألوان العلم الفلسطيني. »غزة شرف الأمة«، تقول الرايات التي تجاورت مع الأعلام الفلسطينية واللبنانية والحزبية. يقول الشاب الذي وقف على المنصة العملاقة وتولى بث الحماس في صدور وحناجر المشاركين »إنكم تلبون نداء سيد المقاومة. أطفال الأقصى ينادونكم. الموت لاسرائيل«. يعلو صوت النساء من بعده طالباً الموت لإسرائيل. لكن الرجل لا يقتنع بقوة الأصوات. يطلب من الجميع رفعها أكثر من خلال طلب الموت لأميركا هذه المرة. فيستجيب الجميع. هو لا يردد الا عبارة واحدة: »يا أمة العرب. يا أمة العرب. هذه صرخة من غزة. يا أمة العرب«. العبارة نفسها رفعتها كل المنصات التي تولت بث الحماسة في المشاركين. لكن في تلك اللحظة كان الشبان الذين رفعوا أعلام حركة أمل يحيون حفلة تضامنهم الخاصة مرددين »الله نصر الله والضاحية كلها«.

في وسط مجموعة حركة أمل اختار الحاج أحمد جرادي ببنيته الجسدية الضعيفة أن يقف. والحاج ستيني حمل سارية خشبية طويلة ثبت على رأسها علماً فلسطينياً، وتحت العلم حذاء، وتحت الحذاء رسالة خاصة الى الرئيس الأميركي جورج بوش تقول إنه يستحق الضرب بالحذاء وبالجنازير وتطالبه بفك الحصار عن غزة. الحاج يبيع أوراق اللوتو في الايام العادية وهو لا يفوت أي تظاهرة وقد حضر الى هنا ليشارك في دعم الشعب الفلسطيني، بحسب ما يقول.

تبدأ التظاهرة سيرها باتجاه منطقة الكفاءات. الى حيث ينتظر الناس أن يخطب السيد نصر الله. والتظاهرة التي تنطلق بالرجال لا تلبث أن تخترق بالجنس اللطيف. المشاركون من جميع الأعمار. من الطفل الذي غفا على كتف والده أو في العربة التي تجرها أمه الى الكهل الذي جعل من احد ابنائه عكازاً له. تسير التظاهرة على ناحيتي الاوتستراد. من على شرفة المنزل اختار الشبان الأربعة مشاهدة التظاهرة. استندوا على درابزين الشرفة وصاروا يتناوبون على تدخين النارجيلة. هذا المشهد تكرر في شقق عدة تطل على الاوتستراد. المشهد من الشرفة يغني عن المشاركة أو عن النقل التلفزيوني الحي.

يمر السفير الايراني بين حشود المشاركين. تهمس صبية في اذن رفيقتها أنها رأت وجه هذا الرجل من قبل، لكنها لا تتذكر المناسبة. فترد عليها الأخيرة بأنه مسؤول في حزب الله!

يطل الشيخ نعيم قاسم فتظهر بعض الخيبة في الوجوه. الحشود كانت تنتظر السيد نصر الله. قاسم يلقي كلمة السيد ويدعو مصر إلى وقفة تاريخية.

تزول خيبة »أبو الشيخ« الذي كان يتوقع رؤية السيد. هو فلسطيني من رام الله كتب رسالة على ورقة كبيرة قصها من دفتر جامعي، واحضرها معه ليقرأها. تقول الرسالة إن كل الملوك والرؤساء العرب هم خدم. وهم يخافون من أميركا واسرائيل ولا يخافون من الخالق.

شارك »ابو الشيخ« في الحرب العربية الاسرائيلية في العام ١٩٦٧ مع الجيش الأردني. يقول ان الجيش الاردني لم يحارب وقتها وان الشعوب تعرضت للخداع. ينفعل في كلامه ويبدأ بالصراخ. يتجمع الشبان من حوله للاستماع الى كلماته. يسرق النجومية من الشيخ قاسم في البقعة التي يقف فيها. وتكاد الدموع أن تسقط من عيني الرجل عندما يصرخ »راحت فلسطين«.

تنتهي كلمة الشيخ قاسم. يشكر خطيب الحفل المشاركين باسم السيد نصر الله. تبدأ الناس بالعودة. من بين العائدين قطار بشري شكله أربعة مكفوفين. القطار مكون من حسن حمية، الذي يعاني من كف بصري جزئي، وحسن الفن، وعلي رمانة، ومحمد ياسين، الذين يعانون من كف كلي.

الأربعة شكلوا قطاراً يقوده حمية. أصروا على المشاركة، لأن السيد هو من دعا وأسفوا أنه لم يحضر شخصياً. كانوا يريدون أن يسمعوه من أقرب نقطة ممكنة. وعلي قدّر المشاركين بحسب ما سمعهم بأكثر من خمسين ألف شخص.