
مشاركة:
لم يبلغ «يوم غزة» شعبياً وتنظيمياً وسياسياً أمس ما بلغه «يوم القدس». وبدت قلّة مبالاة بيروت بالحدث شبيهة بلامبالاتها سنوياً بـ«يوم القدس».
فعلى بعد مئات الأمتار من الضاحية الجنوبيّة، كانت الحياة أكثر من طبيعية: لا صخب متظاهرين، لا أناشيد، ولا أعلام فلسطينيّة.
بدا كأن التضامن، بيروتياً، مع غزة المحاصرة محاصر بدوره ضمن حدود الضاحية التي استيقظت باكراً تهيئ نفسها للاحتفال. وحتى ضمن «عاصمة الصمود» في حرب تموز، لم يبلغ الحشد الذروة التي يبلغها عادة، وبدت الحماسة ثانويّة، فيما كان الفلسطينيون أبرز الغائبين، رغم وجود 3 مخيمات على مرمى حجر من ساحة اللقاء (برج البراجنة وصبرا وشاتيلا).
معظم الذين شاركوا في الاعتصام فعلوا استجابةً لدعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله التي كثّف تلفزيون المنار بثّها في الأيام الماضية، للتنديد بالحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ حزيران 2007. وقد انتشر بضعة آلاف من عناصر الانضباط مالئين جوانب الطرقات، وظهروا بعد سيارات حزب الله بين مسافة وأخرى، الأمر الذي زاد الشك في احتمال حضور نصر الله، وتشجع بالتالي كثيرون على النزول من منازلهم. وقد امتزج الأصفر مع الأحمر والأخضر والأسود والأبيض، وبعض أعلام القوميين والتوحيديين. ووزع عناصر الانضباط في حزب الله كراتين طبع عليها: لا اتفاقات إذا كانت ستؤدي إلى كارثة إنسانية، غزة رمز الشرف والكرامة، ديننا دين نصرة المظلوم، من سمع رجلاً ينادي، يا للمسملين، ولم يجبه فليس بمسلم، غزة محاصرة تطلب المناصرة.
فيما تسابقت الكاميرات لالتقاط صورة للشاب الرافع لافتة عليها صور حذاء كتب تحتها «رمز العز» وبجانبه كأس كتب تحتها «رمز الذل» في إشارة إلى حذاء منتظر الزيدي وكأس النبيذ التي قيل إن الملك السعودي تناولها مع الرئيس الأميركي جورج بوش. وكما في كل تحركات حزب الله منذ اغتيال عماد مغنيّة حضرت صور الحاج رضوان ومعها الوعد: «يا قدس إنّا قادمون».
ووزع بعض ناشطي حقوق الإنسان بياناً يتضمن مقتطفات من تقرير أعدته 8 منظمات حقوقية بريطانية عن الوضع في قطاع غزة، ينتقد الـ«عقاب الجماعي غير الشرعي الذي فشل في تحقيق أمن إسرائيل».
ويذكر أن «الحصار أدى إلى ارتفاع مستويات الفقر والبطالة بطريقة مأسوية، كما أدى إلى تدهور التعليم والخدمات الصحية»، مشيراً إلى أن 80% من بين 1.5 مليون نسمة يعيشون في قطاع غزة يعتمدون الآن على المساعدات الغذائية، مقابل نحو 63% عام 2006، و37% عام 2004.
أما خطيب الحفل الذي ملأ صوته منازل الضاحية كلها نتيجة مكبرات الصوت التي توزعت بالعشرات عند كل مفترق، فقد بدا وحيداً، مرات عديدة، في ترداده: «يا غزّة الحبيبة.. لبيك يا غريبة، يا غزّة الأسيرة.. سنستكمل المسيرة». وطبعاً: «أمريكا! أمريكا! أنت الشيطان الأكبر». وعلت في الساحات أغانٍ جديدة تدعو الفلسطينيين إلى عدم الركوع، واعدة بدعم الصمود.
وقد اعتمد حزب الله مبدأ الفصل الجنسي الذي خُرق مراراً. وعلى صعيد الجمهور، راوحت الآراء بين متعاطفين جديين مع مأساة الغزاويين، وملتزمين بالتجاوب مع دعوة «الأمين العام»، ومشتاقين للابتعاد قليلاً عن الأزقّة اللبنانيّة إلى الهمّ الإقليمي.
أما الأكثر حماسة ليوم غزة، فهم تلامذة المدارس الذين وجدوا في الإجراءات الأمنية التي يعتمدها الحزب في المناسبات المماثلة مبرراً لتغيّبهم عن المدرسة. ومثّل الحدث بألوان أعلامه وصور رموزه فرصة للأجانب الباحثين عن بطولات يعودون بها إلى بلادهم، فتحلق هؤلاء حول باعة الأعلام والفولارات يتزودون العتاد قبل تغلغلهم وسط المتظاهرين يلتقطون «صوراً للتاريخ». فيما باتت «كويفا» (التي سبق أن قاطعت رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير في مؤتمره الصحافي في بيروت وعادت أخيراً من زيارة إلى غزّة) رمزاً ثورياً يزايد الناس بعضهم على بعض في الترحيب بها.
وبعيداً عن عيون الكاميرات والفضوليين، كانت خميرة الأمس مجموعات شبابيّة يفترض أن تنضج في الأيام المقبلة، وهي تسعى لتنظيم دعم جدي لصمود أهل غزة عبر توفير وسائل مختلفة لإيصال الأدوية والمواد الأوليّة، تكثيف الرحلات البحريّة إلى غزة، وتعميم نموذج غزّة المقاوم في المناطق الفلسطينيّة الأخرى لإرباك الإسرائيليين، إضافةً إلى إعداد لتحركات مع ناشطين مصريين لتغيير المعادلة المصريّة الحاليّة. لماذا؟
يستفيضون في الشرح، لكن الاختصار الأدق هو: لمنع تحول «يوم غزة» إلى «يوم قدس» آخر.
■ صيدا تودّع «أبو الجماجم»
بدورها، خرجت صيدا (خالد الغربي)، في وداع «أبو الجماجم» (الرئيس جورج بوش) «الذي لم يدخل بديموقراطيته بلداً آمناً إلا أهلكه مع أبنائه»، كما تقول لافتة حملها مشاركون في التجمع الحاشد وسط المدينة في ساحة النجمة. وبدا الجميع «متشوّقاً» لوداع الرجل الذي شارفت ولايته الدموية على الانتهاء، كل على طريقته. وداع «يليق بمجرم حرب وبإرهابي مطلوب للعدالة الدولية»، حسب ما عبرت سناء حشيشو، إحدى المشاركات، بينما ارتدى رفاقها أقنعة «دراكولا» وألبسوا صورة بوش لباس الكاوبوي والدم يسيل من فمه، تزيّن صدره فردتا حذاء. وقد طلبت منهم عدم الاسترسال في «مؤثرات التشويه» لأن «صورته الحقيقية تكفي للدلالة على دمويته».
وفي التجمع الذي أقامه اللقاء اللبناني ـــ الفلسطيني وبلدية صيدا دعماً لقطاع غزة، كان الحضور النسائي أكثر حماسة في إدانة النظام الرسمي، ونال الملك السعودي والرئيس المصري نصيباً وافراً من الشعارات والهتافات المنددة بـ«البترول والملايين النائمة». وكذلك كان حذاء الصحافي العراقي منتظر الزيدي وصوره حاضرة بقوة بهتافات من قبيل «يا منتظر الزيدي صبّاتك كله هيبي».
واقتصر الحضور على الجماهير الصيداوية (لم يعتمد على جماهير المخيمات وحزب الله)، وكان سيكون أفضل لو بذلت القوى الداعية جهداً أكبر. لقد شارك فيه كل من مناصري التنظيم الشعبي الناصري ورئيس البلدية عبد الرحمن البزري والحزب الديموقراطي الشعبي.
وسدّت إلى حدّ ما المقاومة الإسلامية ـــ قوات الفجر وجبهة العمل الإسلامي، فراغ مقاطعة الجماعة الإسلامية لهذا اللقاء التضامني. فضلاً عن قوى لبنانية وفلسطينية. فيما آثر حزب الله المشاركة المحدودة لكي لا يقال «الحضور وافد وشيعي!».
وتحدث في اللقاء كل من رئيس بلدية صيدا عبد الرحمن البزري والنائب أسامة سعد وإمام مسجد القدس الشيخ ماهر حمود وممثل جبهة العمل غازي حنينة وأبو نضال الأشقر باسم قوى التحالف الفلسطيني، وصلاح اليوسف باسم سلطان أبو العينين.
وسجل أثناء إلقاء حمود لكلمته هتاف أحد المؤيدين «إنت المفتي يا ماهر».
وفي مدينة صور (وكالات الأنباء)، أبدل حزب الله المسيرة الشعبية التي دعا إليها في المدينة، بتجمع رمزي في باحة عاشوراء، حيث احتشد أبناء المدينة والجوار وعدد كبير من فلسطينيي المخيمات المحيطة وممثلون عن الأحزاب اللبنانية والقوى الفلسطينية والهيئات الأهلية وعلماء دين، وسط الأعلام الفلسطينية واللبنانية ورايات حزب الله.
وكانت كلمات لكل من رئيس لقاء علماء صور الشيخ علي ياسين وعضو قيادة حركة أمل في الجنوب عباس عيسى وإمام مسجد القدس في صيدا الشيخ ماهر حمود وعضو المجلس السياسي في حزب الله الشيخ خضر نور الدين.
■ تضامن شمالي خجول
أما في طرابلس (عبد الكافي الصمد)، فباستثناء المسيرتين اللتين شهدهما أمس مخيما البداوي ونهر البارد تضامناً، غابت عن الشمال تماماً أية تحركات جدية؛ ولو لم تقم جبهة العمل الإسلامي باعتصامات خجولة تميزت بالحضور الهزيل وبضعة ملصقات على الجدران، لأمكن القول إن طرابلس والشمال لم يكونا حاضرين، بعدما كانا سبّاقين إلى تلبية مثل هذه الدعوات. وقد لاقت الدعوات إلى التضامن آذاناً صمّاء من أفرقاء الموالاة و«المعارضة» على حد سواء، باستثناء بعض البيانات المستنكرة. فمن أصل ثمانية تجمعات لمراكز الاعتصام دعت إليها الجبهة في كل لبنان، حظي الشمال بأربعة، موزعة على طرابلس والضنية والمنية وعكار، إلا أن المشاركين في بعضها اقتصر على عشرات المصلّين، بما فيها اعتصام طرابلس الذي كان يعوّل عليه ليكون الأكبر من بينها، وهو ما لم يحصل، مما طرح أسئلة أبرزها ثلاثة هي:
1 ـــــ مدى حضور الجبهة شعبياً في الشمال، وقدرتها على حشد جمهور ملتزم عند اللزوم وفي مناسبات كهذه.
2 ـــــ غياب الفرقاء السياسيين في طرابلس والشمال عن المشاركة ولو الرمزية في نشاط يفترض أنه ليس موضع اختلاف بينهم، بل موضع إجماع عبّروا عنه، على الأقل، في مواقفهم الكلاميّة.
3 ـــــ غياب سائر الإسلاميين، دون جبهة العمل، كالجماعة الإسلامية والسلفيين، عن أي نشاط في شأن قضية كثيراً ما أكدوا في لفظياتهم أنها «مركزية» بالنسبة إليهم، ومصيرية على صعيد مستقبل الأمة.
إلا أنه في مقابل غياب هذا التضامن الطرابلسي والشمالي مع قطاع غزة المحاصر، خرج أهالي مخيمي البداوي والبارد في مسيرتين كبيرتين بدعوة من فصائل المقاومة واللجان الشعبية الفلسطينية، على قاعدة أن الجرح لا يوجع إلا صاحبه، وكان لافتاً فيهما مشاركة شخصيات لبنانية سياسية ودينية، حيث رفعت خلالهما أعلام ورايات وشعارات تضامنية، منها: «غزة هاشم صبراً، نجوع ولن نركع إلا لله». وتخللت التظاهرة كلمة فصائل المقاومة الفلسطينية في الشمال ألقاها أمين سر الجبهة الشعبية ـــ القيادة العامة في الشمال أبو عدنان عودة، ودعا فيها إلى «إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، فوق كل ذرة من تراب فلسطين، من النهر إلى البحر، ومن رفح إلى الناقورة»، محيّياً المجاهدين في غزة، والضفة الغربية، كما في الجليل والنقب والساحل الفلسطيني المحتل.
■ الأردن يحاول…
وللمناسبة، انطلقت مسيرة حاشدة في مدينة بعلبك (علي يزبك)، تقدّمها عضو شورى حزب الله الشيخ محمد يزبك، والنواب: كامل الرفاعي، علي المقداد، جمال الطقش وعلماء دين ومسؤولون حزبيون لبنانيون وفلسطينيون. وتميزت بمشاركة لافتة من اللاجئين الفلسطينيين في مخيم الجليل. وشقت المسيرة طريقها في شوارع المدينة وصولاً إلى ساحة قلعة بعلبك، حيث ألقى يزبك كلمة انتقد فيها استمرار السلطات المصرية في إقفال معبر رفح، معتبراً أن «الحصار المصري قاسٍ ومجحف». وطالب بفتح المعبر كي يتمكّن الفلسطينيّون من تأمين الغذاء والدواء والعيش بكرامة.
وأضاف: «نأسف لأن تتحول دولة عربية إلى سد للمعابر أمام أهلها». إلا أنه أكد ثقته بصمود الشعب الفلسطيني «لأن أطفال غزة رضعوا حليب العزة والكرامة من صدور أمهاتهم».
كذلك ألقى إمام مخيم الجليل الفلسطيني، الشيخ بسام الكايد، كلمة أكد فيها «صمود غزة، لأنه من المطبخ وسكينه صعد القسام والياسين»، مشدداً على «الثوابت بعدم الاعتراف بإسرائيل والحفاظ على البندقية والقيم الربانية».
وفي النبطية، أقيم احتفال في النادي الحسيني للمدينة حضره النواب ياسين جابر وعبد اللطيف الزين وحسن حب الله، وحشد من الحزبيين ورجال الدين. وسط غابة لافتات كتب على بعضها: «غزة رمز الأحرار وقبلة الثوار»، «غزة مدينة الأحرار أقوى من الحصار والنار»، «من أراد العزة فلينصر غزة».
ورأى حب الله، باسم حزب الله، أن اللقاء ليس «لإدانة الكيان الصهيوني الغاصب فحسب بل لتأكيد أن هذا الحصار لن يسقط المقاومة.
فقد جربوا في لبنان وفشلوا ولم يستطيعوا أن يكسروا إرادة المقاومة، وهذا ما سيحصل في غزة، لن يستطيعوا أن يكسروا إرادة غزة المقاومة»، معتبراً أن الحصار يحصل بتواطؤ عربي لن يكون لمصلحة الأنظمة العربية التي تسير في هذا الفلك، قائلاً: إن «الأردن يحاول الخروج من إطار التحالف الرباعي لأنه وجد أن الإدارة الأميركية لم تستطع أن تحميه سياسياً أو اقتصادياً».
قاسم: يا جبناء العالم
وكان نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، الخطيب الوحيد في اعتصام الحزب في الضاحية. فبعدما جابت المسيرة أوتوستراد الشهيد هادي نصر الله، اعتلى «الشيخ المجاهد» المنبر ليتحدث عن فلسطين ـــ «القضية المركزية التي تعنينا، ونرى أننا مسؤولون وكذلك كل العرب والمسلمين للعمل من أجل تحريرها بالكامل من البحر إلى النهر». وقال إن غزة تحاصر لأن الشعب الفلسطيني رفض الخيارات السياسية المذلّة، وأراد خيار المقاومة. «وهذا حقه، إذ انتخب ممثليه وأدار شؤونه وفق القواعد المعروفة». وتوجه قاسم إلى المجتمع الدولي بالقول: «أيها الجبناء في العالم، طفل غزة أشرف منكم ومن كل مواقعكم وسينتصر»، مؤكداً للشعب الفلسطيني أن «حزب الله والشرفاء سيبقون معكم لتحرير كل حبة تراب. لسنا مع التسوية الظالمة الفاشلة، نحن مع المقاومة التي تعيد فلسطين إلى أهلها، وليعد من أتى من خارجها إلى المكان الذي أتى منه».
ورفض قاسم أن «تُختزل قضية فلسطين بهدنة هشة لا معنى لها، ولا نقبل أن تتحول إلى مجرد مخيم آمن في غزة مقابل التخلي عن الأرض بكاملها»، مطالباً القادة العرب بأن يصرخوا استنكاراً على الأقل «لتثبتوا أنكم لستم المعنيين في ما تتحدث إسرائيل عنه من تواطؤ عربي». ورأى أنه «لا عذر لأية جهة رسمية أو شعبية، عربية أو إسلامية، في أن تصمت عن الحصار»، داعياً «مصر بقادتها ومسؤوليها لوقفة تاريخية، فلا اتفاق في الدنيا يبرر المشاركة في حصار الأطفال وقتل النساء وتجويع الناس وقتل المرضى. وتأكدوا أنّ العالمين العربي والإسلامي سيكونان معكم وسيخضع كل العالم لمنطق مؤازرة غزة ومساعدتها».
كذلك دعا «إلى الوحدة الفلسطينية حول خيار المقاومة وضدّ تجويع الشعب الفلسطيني وفرض أي خيار سياسي عليه، فلا معنى لمفاوضات ولقاءات فيها كلمات معسولة ممزوجة بسمّ العدوان، وخير للفلسطينيين أن يتّحدوا، وعندها ستلهث إسرائيل وتخضع»، مشدداً على أنه «عندما توجد الإرادة القوية في مقابل الاحتلال لا يمكن أن تضعف المقاومة، بل تزداد وتقوى، وها هي في لبنان قاتلت أشرس عدوان في تموز 2006، وأبشّركم بأنّها عادت اليوم أقوى بكثير، فالعدوان يقوّينا في المواجهة».
تجويع الشعب يحفّز مقاومته
رأى مفتي الجمهورية، محمد رشيد قباني، أن تجويع إسرائيل للشعب الفلسطيني في غزة سيحفّز لمقاومة فلسطينية أقوى وأقدر. مشيراً إلى أن تجويع الشعوب جريمة مضاعفة سترتد على إسرائيل بالوبال والخسران.
وقال إن إسرائيل واهمة بظنها أنها بحصارها للشعب الفلسطيني في غزة «ستحقق شيئاً، لأن حصار الشعوب لا يزيدها إلا إصراراً وعزيمة على فك الحصار وانتزاع حقوقها والتحرر من الأجنبي المحتل».
وناشد الفلسطينيين التوحد تحت راية واحدة وعمل واحد وموحد. مؤكداً أن دار الفتوى مع الشعب الفلسطيني وإلى جانبه في تحرير أرضه من المحتل الإسرائيلي.
الحصار مصري ــ سعودي
رأى الشيخ ماهر حمود أن حصار غزة «ليس صهيونياً فحسب، بل عربي، وتحديداً سعودي ومصري من أجل إخماد الثورة التي ستستمر حتى سقوط تيجانهم». وخاطب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالقول: «ليس الانقلابي هو حركة حماس بل محمد دحلان ومن انقلب على تاريخ فلسطين»، مشيداً بـ«السيد حسن نصر الله الذي نلبي دعوته للاحتجاج غير عابئين بالدعوات المذهبية».
حصار للتهجير
خصص السيّد محمد حسين فضل الله خطبة الجمعة لحصار غزة، معتبراً أن «ثمة من يريد تحويله من حصار أمني وغذائي وصحي وتجويعي، إلى حصار سياسي يمهد لتهجير الفلسطينيين من جهة، ولدفعهم إلى التسليم بشروط إسرائيل التفاوضية من جهة أخرى، ولذلك فهو يتواصل تحت سمع العالم الغربي والعالم العربي الرسمي وبصرهما، إلى المستوى الذي تسقط فيه كل حقوق الإنسان التي يستهلكها الغربيون».
شهر غزّة في صيدا
أكد رئيس بلدية صيدا، عبد الرحمن البزري، إطلاق نشاطات أخرى في المدينة في سياق الجهود للتضامن مع أهالي غزة.
وفي هذا الإطار أعلن «شهر غزة في صيدا» المخصص «للتبرع ببعض المداخيل وما تجنيه عدّادات مواقف السيارات في المدينة لمصلحة المدينة المحاصرة». كذلك تحدث عن انطلاق باخرة قريباً من مرفأ صيدا إلى مرفأ غزة محمّلة بالمساعدات.
لا يكفي تكديس السلاح
دعا النائب أسامة سعد إلى «امتلاك إرادة المقاومة، في مقابل الموقف الرسمي العربي المتواطئ مع العدو». وقال إن «امتلاك مقاتلات شيء جيد ونرحّب به، ولكن لا يكفي تكديس السلاح، وإذا لم تكن وراءه إرادة وطنية في مواجهة العدوان فلا قيمة له»، مطالباً «السلطة اللبنانية بعدم النظر إلى المخيمات نظرة أمنية فقط»، و«البعض إلى عدم الإساءة إلى مخيم عين الحلوة وتاريخه».
مثقّفون يتضامنون
رأى اتحاد الكتّاب اللبنانيين ومعه بعض الهيئات الأدبية والفنية، فضلاً عن دار الهادي، أن «معظم الأنظمة العربية تشارك في مذبحة الحصار بالصمت أو التواطؤ أو التعاطف الكلامي الخجول الذي لم يمنح حبة دواء لمريض يُحْتَضر، ولم ينقذ آلاف الأطفال والعُجّز والمنكوبين من أشداق الموت»، مؤكدين أن «الكلام وحده مهما طاب، يزيد المأساة هولاً، ويزيد المجرم إجراماً».