
مشاركة:
في جويا المعروفة بالثراء من جنى أفريقيا، لم يعد مشهد تشييع مغترب مغدور في تلك البلاد صادماً. ولولا الفجيعة ونحيب يقطع القلوب لأجمع أبناء البلدة على أنه ثمن النجاح في الاغتراب الأفريقي منذ عقود طويلة.
فقبل 5 سنوات فتحت المقبرة أبوابها لتدفن سبعة من أبنائها المغتربين سقطوا في حادثة سقوط طائرة كوتونو. وأمس ضم تراب جويا آخر المغدورين من أبنائها علي نزال (39 عاماً) الذي قضى مع ابن شقيقته حسن زين (27 عاماً) برصاص مسلحين اقتحموا منزل الأول في غينيا بيساو مساء السبت الفائت بهدف السرقة وأصابوا محمد إبراهيم ولين طفلة زين. يجول نعش علي نزال بين الأحياء الراقية شاقاً طريقه بين الفيلات الفخمة التي عمرت بجنى العمر. خلف النعش يسير بتثاقل أيتام علي نزال الثلاثة محمد وحسن وحسين والزوجة الثكلى نهاية. أما أخته فليست إلا الأم الحزينة التي تستعجل دفن أخيها، لتدفن ابنها حسن بعد ساعات في البرج الشمالي. لا تخاف العائلة إلا من أن تطوى مع جسدي ابنيها الجريمة المألوفة لكل من يعرف دول أفريقيا واضطراباتها الأمنية.
يتحدث الجريح الناجي محمد إبراهيم عن أن «الجريمة حصلت عن سابق تخطيط. حيث حضر المسلحون قبل يومين إلى محل نزال لبيع قطع السيارات وراقبوا منزله المجاور قبل أن يقتحموه علينا مساء السبت ويسألوا عن نزال الذي لم يكن موجوداً، ويصروا على حضوره. ولما حضر هددونا بالقتل وأمرونا بتسليمهم أموالاً وبعض مقتنيات المنزل». ويضيف أنه برغم «استجابتنا أطلقوا النار علينا بعد تركيعنا وجمعنا في غرفة واحدة وفروا». ويأمل سعيد شقيق علي نزال أن «يساق الفاعلون الذين اعتقل بعضهم للمحاكمة ليصبحوا عبرة لغيرهم».
وفي البرج الشمالي، يلوذ آل زين بالصمت أمام مصابهم بفقد حسن الذي التحق بخاله قبل 7 سنوات، وتمكن من الزواج قبل سنتين ورزق بطفلة قبل سنة، وشيع إلى مثواه الأخير بالأمس. إنها «روزنامة أحداث قد تحدث مع مئات الشبان الجنوبيين المضطرين للهجرة إلى أفريقيا» يقول علي شعيتلي أحد أصدقاء زين. ولا يخفي عدد من أبناء البلد أن الاهتمام الذي حظيت به الجريمة الأخيرة عائد إلى جهد القنصل الشخصي، بخلاف جرائم السرقة والقتل الأخرى التي تعرض لها مغتربون في السنوات السابقة. وسجلت خلال العام الجاري حادثة قتل المغترب أنور عز الدين (باريش قضاء صور) في ساحل العاج على أيدي مسلحين هاجموه في الشارع وسلبوه ما يحمله. وينقل بعض أفراد الجالية اللبنانية في ليبيريا مقتل مغترب من آل بحسون من صور في حادثة مشابهة على أيدي مسلحين بهدف السرقة الأسبوع الفائت، ودفن في أبيدجان. ويؤكد المغترب حسن عز الدين الذي نجا من الموت بأعجوبة بعد تعرضه لحادثة مشابهة بهدف السرقة في أبيدجان قبل 5 سنوات «إهمال السفارة اللبنانية لمتابعة قضايا الاعتداء على بعض أفراد الجالية اللبنانية وملاحقة الفاعلين مع السلطات الأفريقية».