الطائرات الروسيّة «المستعملة» تحلّق في سماء بيروت خلال عيد الجيش

مشاركة:

فيما حسم الروس أمر هديّة الميغ المجانيّة التي ستجهز قبل الأول من آب القادم، رحّبت قوى 14 آذار بـ«الخطوة الاستراتيجية» داعية الدول الصديقة والشقيقة «للاقتداء بهذا المثل الصالح».

كما يشهد لبنان مزيداً من زيارات الموفدين الأميركيين لـ«طمأنة اللبنانيين» إلى «التغيير القادم»

أكّد أحد أعضاء الوفد الذي رافق وزير الدفاع، إلياس المر، إلى موسكو لـ«الأخبار»، أن الطائرات العشر من طراز «ميغ 29» التي قررت روسيا تزويد الجيش اللبناني بها «ستكون في لبنان قبل الأول من آب المقبل (عيد الجيش اللبناني)، وأنها ستحلّق في سماء العاصمة اللبنانية في ذلك اليوم»، مشيراً إلى أن «5 منها باتت جاهزة في هنغارات تابعة لسلاح الجو الروسي». وكشف المصدر ذاته أن تجهيز هذه الطائرات سيكون على نفقة روسيا بنسبة تصل إلى 90 في المئة، مؤكداً أن المسؤولين الروس قالوا للوفد اللبناني «إن مخازن الأسلحة الروسية مفتوحة للبنان»، وإنهم أبدوا استعدادهم في الوقت عينه لإرسال اختصاصيين عسكريين إلى لبنان لتدريب الطيارين والفنيين، إذا كان انتقال هؤلاء إلى روسيا مكلفاً أو متعذّراً.

وأمام هذا «السخاء الروسي»، أكد المصدر أن الوفد اللبناني ألغى الورقة التي كانت تتضمن طلبات الجيش اللبناني من روسيا، بانتظار إعداد لائحة جديدة. وكشف أن الوزير المر سيبلغ مجلس الوزراء بتفاصيل العرض الروسي، وأنه ألّف لجنة لم يعلن أسماء أعضائها بعد، لتضع لائحة بأولويات احتياجات الجيش اللبناني، على ضوء اقتناع المر وقيادة الجيش بأن روسيا هي الدولة الكبرى الوحيدة التي ستقدم أسلحة ثقيلة ومتطورة إلى لبنان، بعدما أقفلت الولايات المتحدة والدول الأوروبية أبوابها في وجهه.

ونفى المصدر أن يكون المسؤولون الروس قد حددوا وجهة لاستخدام السلاح الذي سيصل إلى لبنان، وبينه صواريخ ومدافع وقذائف وناقلات جند ودبابات T 90 (كان الروس قد عرضوا دبابات T 78، لكن الوفد اللبناني طرح إمكان الحصول على دبابات من النوع الأكثر تطوراً، أي T 90، فلقي الطرح موافقة مباشرة). كذلك نفى أن يكون الروس قد طلبوا شروطاً سياسية في مقابل تزويد لبنان بالسلاح، أو أن يكونوا قد وضعوا «فيتو» على أي نوع من الأسلحة المضادة للدروع أو الطائرات، مشيراً إلى أن الطائرات العشر ستكون مجهزة بكامل مستلزماتها من رشاشات وصواريخ، وتبقى «تقنيات معينة بحاجة إلى أن يحددها الجانب اللبناني على ضوء المبالغ التي سيرصدها للتسليح». وبسؤاله عن إمكان الحصول على شبكة رادار وأنظمة صواريخ مضادة للطائرات، أجاب إن هذا الأمر رهن بما يطلبه لبنان.

من جهة أخرى، أكّد عضو الوفد اللبناني وجود دعم إقليمي (سوري وسعودي) للتسليح الروسي للجيش اللبناني، متوقعاً أن تقدّم بعض الدول العربية هبات مالية للبنان بهدف استخدامها في شراء أسلحة للجيش. وأشار المصدر إلى أن النائب سعد الحريري كان قد «مهّد الأرضية أمام التوجه الروسي الأخير، إلا أن الأمر كان لا يزال بحاجة إلى بحث تقني مع المعنيين، وبالتالي انتظر الروس زيارة وزير الدفاع إلى موسكو لإعلان الأمر». وكشف المصدر أن الولايات المتحدة الأميركية لا تنظر بعين الرضى إلى العروض الروسية.

إلى ذلك، وفي أول تعليق روسي رسمي على الموضوع، أعلن رئيس المصلحة الفدرالية للتعاون العسكري والتقني الروسية ميخائيل دميتريف، أمس، أن «وزارة الدفاع الروسية قررت منح لبنان على سبيل المساعدة التقنية العسكرية عشر مقاتلات من طراز «ميغ 29» مستعملة، سبق أن وضعت قيد الخدمة»، حسب ما نقلت عنه وكالة انترفاكس، مضيفاً إن «مساعدة تقنية عسكرية تعني مساعدة على نفقة» الجهة المانحة. كذلك تحدّث ديمترييف عن «إمكان بيع القوات البرية اللبنانية مدرعات روسية».

وأمس التقى المر في الكرملين سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيقولاي باتروشوف، الذي أصدر مكتبه بياناً عن اللقاء أعلن فيه أنه «جرى البحث في مواضيع التعاون بين لبنان وروسيا بهدف تأمين الأمن العالمي والإقليمي والنضال ضد الإرهاب الدولي، إضافة إلى تطوير آفاق علاقات التعاون العسكري التقني بين لبنان وروسيا». كذلك «تركّز البحث على موضوع تجهيز الطائرات المقدمة إلى لبنان وتسليمها».

وفي ردود الفعل، أشاد رئيس كتلة المستقبل، النائب سعد الحريري، بالخطوة الروسية، ورأى «أن روسيا تعطي المثل الصالح على كيفية التعامل مع قضية لبنان، ورهاننا سيبقى كبيراً على أن يقتدي بها كل من ينادي باستقلال هذا البلد وسيادته». كذلك «توقفت الأمانة العامة لقوى 14 آذار عند التطور الاستراتيجي المهمّ، وهي ترى في هذا الموقف تعزيزاً للثقة بلبنان وجيشه».

وفيما أعلنت «الأمانة» تضامنها مع غزة، ورأت أن «كل إنسان يعبّر عن هذا التضامن بطريقته»، انتقد رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، دعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله السلطات المصرية إلى فتح معبر غزة، ورأى بعد لقائه السفير المصري أحمد البديوي في معراب أنه «يجب عدم استغلال مأساة غزة للانقضاض على دولة كبيرة كمصر، رسمت لنفسها منذ حوالى 25 عاماً استراتيجية معينة لجهة الصراع العربي ـــ الإسرائيلي وأوضاع المنطقة، فلا أحد يستطيع محاصرتها وفقاً لنظرته الخاصة، بل كان من الحكمة منذ زمن أن يعتمد الآخرون النظرة المصرية للأمور لا العكس».

كذلك انتقد جعجع وزراء 8 آذار في الحكومة، معتبراً أن «أكثر الوزارات التي فاحت منها رائحة الفساد هي من تسلّمها بعض أفرقاء 8 آذار». وعن تعديل الطائف قال: «فليعدّلوه وليت العماد عون طرحه هنا لا في سوريا».

وفي النشاط الرئاسي، أمس، استقبل رئيس الجمهورية، العماد ميشال سليمان، في بعبدا رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، وعرض معه آخر التطورات، ولا سيما الجلسة الثالثة للحوار الوطني التي تُعقد الاثنين المقبل. ورأى جنبلاط «أن إلغاء المجلس الأعلى اللبناني ـــ السوري مطلبنا، لكن ذلك لم يطرح اليوم، سيطرح لاحقاً، وسنرى في الاتفاقات الأمنية وغير الأمنية ما هو لمصلحة السيادة اللبنانية وما هو لغير مصلحتها، ولكني أرى أن هذا الأمر سيجري لاحقاً بالتأنّي، والعلاقات الدبلوماسية هي أفضل طريقة للعلاقات بين الدول. ولبنان ملتزم ميثاق الجامعة العربية وملتزم في الوقت نفسه اتفاق الطائف، حيث هناك العلاقات الخاصة أو المميزة». كذلك زار سليمان الرئيس نجيب ميقاتي، الذي رأى أنه «قبل البحث عن أي أمر يتعلق بإعادة النظر في اتفاق الطائف يجب استكمال تطبيقه، والرئيس على طريقته سيكون الحكيم بمراعاة هذا الموضوع لكي يستكمل تطبيق الاتفاق كاملاً».

وليل أمس، استقبل النائب جنبلاط في منزله في كليمنصو وزير الشباب والرياضة طلال أرسلان ترافقه والدته الأميرة خولة وعقيلته. وأكد بعد اللقاء أنه باقٍ على التفويض الذي أعطاه لأرسلان بعد أحداث 7 أيار «ضمن احترام الخصوصية السياسية لكل فريق والتحالفات». وأضاف: «الوزير أرسلان مفوّض بما يملك من صداقات مع حزب الله تذليل ما بقي من مشاكل، وهذا التفويض سياسي وليس أمنياً».

من جهته، أكد أرسلان الاتفاق مع جنبلاط على «استكمال كلّ الخطوات بينه وبين السيد حسن نصر الله والمقاومة، لنكمل ما بدأناه في 11 أيار، ولنصل في أقرب وقت ممكن إلى طيّ صفحة الماضي نهائياً».

في هذا الوقت، وصل أمس إلى لبنان نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد هيل، في زيارة تمتد أياماً يلتقي خلالها عدداً من المسؤولين اللبنانيين، وكذلك أفرقاء في المعارضة والموالاة، وربما ممثلين عن هيئات المجتمع المدني، حسب ما ذكرت لـ«الأخبار» مصادر مطلعة، وصفت الزيارة بأنها «استطلاعية، وتأتي في سياق جولات المسؤولين الأميركيين للبنان». إلا أنها أكدت أن الزيارة «رغم أنها جاءت في أجواء انتخابية، فإن هيل لا يحمل شيئاً محدداً في هذا المجال، سوى التشديد على ثبات الموقف الأميركي تجاه لبنان، بهدف تطمين اللبنانيين إلى عدم وجود صفقة تطبخ في الخفاء على حسابهم». وأوضحت المصادر نفسها أن «مبرر» الزيارات المتكررة لمسؤولين في الإدارة الأميركية، وكذلك وفود من الكونغرس أو غيره، هو «تزايد مخاوف اللبنانيين من هذه الصفقة المفترضة، وخصوصاً مع تأخر إبصار المحكمة الدولية النور والانفتاح الغربي على سوريا، ما يستدعي تأكيد واشنطن جدية تعهداتها السابقة للبنان». وكذلك فإن هيل سينقل «أجواء التوافق التي تسود أوساط الحزبين الجمهوري والديموقراطي الأميركيين على إدارة الملف اللبناني». وبحسب الوكالة الوطنية للإعلام، فإن هيل سيلتقي اليوم كلّاً من الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس حسين الحسيني.

 

عون يدعو لوحدة المسار مع سوريا في المفاوضات

 

أعلن رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون أنه «إذا دخلت سوريا إلى لبنان فسنخوض حرب تحرير من جديد ضدها»، إلا أنه رأى أنّ هذه فرضيات لا معنى لها، مؤكداً أنها «لن تعود إلى لبنان، ولن تكون هناك حرب ضدها»، ولذلك كانت «الدعوة إلى تنقية الضمير». وأضاف في مقابلة مع تلفزيون «otv»: «خلال حرب تموز، أظهرنا أننا لسنا ممرّاً أو خاصرة رخوة لسوريا، وسوريا ردّت على ذلك بعلاقات دبلوماسية مع لبنان». وعن زيارته إليها، كرّر مقولة سابقة له تفيد بأن «أيّ دولة تحتل دولة أخرى من خلال العملاء، إلا أنها تخرج بالاتفاق مع المقاومين». وشجّع عون على «تفاهم رسمي بين مؤسسات الدولة اللبنانية ومؤسسات الدولة السورية كي لا تبقى على مستوى الأفراد والصداقات»، معتبراً أن في ذلك مصلحة لبنانية، وخاصة أن سوريا تجري مفاوضات غير مباشرة مع الجانب الإسرائيلي. ودعا إلى «دخول لبنان إلى هذه المفاوضات عندما تصبح مباشرة، لأن هناك مصلحة في التنسيق بين لبنان وسوريا في موضوع السلام مع إسرائيل، وخصوصاً في ملف اللاجئين»، مشيراً إلى ضرورة وجود وحدة مسار على هذا الصعيد، لأن المفاوضات الثنائية لن تنجح، «وإذا انفصلنا، فالخسارة واقعة على الطرفين». وعن صفقة الطائرات الروسية أعلن أنه لم يستوعب بعد طبيعتها، وخصوصاً أنه فوجئ بأن النائب سعد الحريري يقف وراءها.