
مشاركة:
ماذا يدور في الجبل؟ سؤال يفضي إلى سؤال: هل تحصل الانتخابات النيابيّة في موعدها أم لا؟ المتفائلون جداً في أوساط 8 آذار يقولون إنّها ستحصل، ولو «اضطررنا إلى 7 أيّار جديدة في سبيل الدفاع عن المؤسسات الدستوريّة».
أما المتشائمون، فيتوقفون عند التوترات الأمنيّة التي تحصل في الجبل: إحراق سيّارة هنا، إطلاق نار على سياسي هناك، وتهديد فلان في منطقة ثالثة؛ والجميع «يُقرّ» بأن الفاعل… مجهول. إذ إن أشدّ المناوئين للنائب وليد جنبلاط، يقولون إنه ليس مسؤولاً عن هذه الحوادث، رغم أنهم لا يستبعدون وجود أيادٍ لبعض أفراد فريق عمله. ويُضيف هؤلاء إن هذه الحوادث توجّه رسائل في مختلف الاتجاهات، أهمها: رسالة مباشرة إلى وليد جنبلاط، من المتشدّدين في فريقه، الذين يسعون إلى المزيد من الاحتقان في الشارع للحفاظ على عصب مشروعهم القديم ـــ الجديد، بفدراليّة تقترب من فدراليّة بشير الجميّل. إذ إن إطلاق النار على الوزير السابق وئام وهّاب في الشوف ليس من مصلحة جنبلاط، فلو أصاب وهاب أذى لما كان أحد ليُصدّق أن جنبلاط بريء من الموضوع، وهو القادر على توجيه رسالة إلى وهّاب في مناطق أخرى تُبعد الشبهة عنه لو أراد ذلك.
ثاني الرسائل أهميّة موجّه إلى فريق 8 آذار، الذي بات يشعر العديد من مسؤوليه في الجبل بالخوف من أن يكون مصيرهم مشابهاً لمصير الشهيد صالح العريضي، وهي مناسبة ليسأل بعض هؤلاء عن مصير التحقيق في جريمة اغتيال العريضي، وأسباب عدم الحديث عنها. اغتيال العريضي جزء من تهديد الجبل، «وهو الذي لم يقطع صلاته بأحد، ابن بيصور التي تُعدّ صمام أمان منطقة عاليه التي يعرف الجميع أنها تؤّدي دور الإطفائي عادةً»، كما يقول أحد أبناء الجبل.
وهناك من يزعم أن هذه التوترات تفيد جنبلاط، لشدّ العصب الدرزي على أبواب الانتخابات، وخصوصاً أنّ ثمة تقديرات تقول إن إمكان خرق لائحته في عاليه على يد لائحة يتزعمها طلال أرسلان بمقعدين أو ثلاثة وارد إذا وسّع إرسلان مروحة تحالفاته، وعرفت 8 آذار كيف تختار أسماء مرشيحها. لقد حصل جنبلاط على 92% من أصوات الدروز في الشوف عام 2005، لذلك فإن أي تدنٍّ في هذه النسبة يُعدّ انتصاراً سياسياً لوئام وهّاب. ويقول أصحاب هذه النظريّة إن التوتير يُقوّي الالتفاف حول جنبلاط.
ولكن بغضّ النظر عن هذه الرسائل، وشخصيّة موجّهيها المعنويّة، فإنها تفتح نقاشاً حول قدرة الأجهزة الأمنيّة والعسكرية على ضبط الوضع كلما اقتربنا من موعد الانتخابات، مع التذكّر دوماً أن الأمن لا يزال بالتراضي في هذا العهد الجديد، وما قول جنبلاط في مؤتمره الصحافي يوم السبت الماضي: «عندما وصلني تقرير للأمن الداخلي وآخر لاستخبارات الجيش بأن أكثر من 30 طلقة وجهت إلى بيت آل أبو ضرغم… وفي اللحظة الأولى اتصلت بقيادة الجيش والعماد (جان) قهوجي واللواء (شوقي) المصري وغيرهما وطلبت منهما كل الحزم في الأمر، وأطلب منهما تحويل جميع المرتكبين ومطلقي النار إلى العدالة»، سوى دليل على ذلك، إذ إن النواب لا يتلقون عادةً هذه التقارير الاستخبارية.
وتتقاطع عدة معطيات عند رمزية ذكر وليد جنبلاط في مؤتمره الصحافي الوزير السابق وئام وهاب بعد 3 سنوات من التعامل مع وهّاب على أساس أنه غير موجود. ويرى البعض أن زعيم المختارة قدم نقاطاً مجانيّة لخصمه الشوفي، فيما كان الوزير طلال أرسلان يعيد الاعتبار، في مؤتمره الصحافي، أولاً لحيثيّته الدرزيّة، وثانياً لموقعه في المعارضة. وبحسب المتابعين، لاقى كلام أرسلان الصدى الإيجابي، وهو حين زار أمس جنبلاط في كليمنصو، إنما دخل القصر كما دخله في 11 أيّار، وقد لاقى ترحيباً حاراً من صاحب الدار. وعُلم أن نتائج اللقاء صبّت في مكان يؤكد الاستعداد الجنبلاطي لتضحيات كبيرة في سبيل عدم السماح لأحد بالقيام باختراق كبير على مستوى الطائفة الدرزيّة.
وانطلاقاً من هذا الواقع، فإن الخوف على مصير الانتخابات أصبح مبرّراً. والخوف على الجبل من أن يكون الواسطة لضرب الانتخابات مبرّر هو الآخر.
المعركة الانتخابيّة محتدمة، وسلوك الفريقين يدلّ على أنهما متيقّنان من إجرائها، ومتيقن كل منهما من الفوز، فيها وهنا الخطر. ففي لحظة يتيقّن أحد الفريقين أنه لن يفوز، قد تتغيّر المعادلة. وفي الوقت ذاته، لا يبدو، أن السعوديّة والولايات المتحدة قد قبلتا فعلاً حتّى الآن بنتائج اتفاق الدوحة وتوازناته الجديدة.