بانتظار تنفيذ قرار الدعم: البقاعيون يتدفأون يوماً بيوم

مشاركة:

في أيامهم الباردة التي بدأت تطرق أبوابهم، لم يجد أبناء البقاع سوى الأشجار الحرجية والمثمرة على حد سواء ملجأهم.

توجهوا إلى البساتين وقصدوا أشجار الزيتون، وخصوصاً الأحراج كمصدر رئيسي لتدفئة أطفالهم ومنازلهم. هناك ستجد خزانات الوقود المخصصة للمؤونة في أيام الخير، خاوية من المازوت رغم انخفاض أسعاره إلى ما دون نصف سعر صفيحة المازوت العام الماضي.

لم يشكل التراجع المستمر في أسعار المازوت حافزا وعاملا تشجيعيا للبقاعيين لملء خزاناتهم، مكتفين بتأمين حاجياتهم الاستهلاكية من المازوت يوما بيوم، عبر تعبئة بعض الغالونات التي تعينهم في مواجهة البرد والصقيع، لا سيما أنهم ينتظرون مصير قرار دعم المازوت الذي اتخذته الحكومة اللبنانية، متوقعين أن يصل سعر البرميل الى ما دون الـ١٥ ألف ليرة.

حتى الاسبوع الماضي، بدأت بعض محطات الوقود بتعبئة خزاناتها بمادة المازوت لكن بكميات محدود جدا تتفق مع كمية الاستهلاك اليومي وفق ما يقول كمال دلول صاحب محطة وقود في رياق التي تعد من أكثر البلدات برودة في البقاع. ويشير دلول إلى اتساع ظاهرة شراء المازوت بـ»الغالونات« سعة ثلاثة إلى أربعة ليترات، ما يعني الاكتفاء بتأمين الحاجة اليومية فقط.

يتطابق ما يقوله دلول مع كلام الكثير من أبناء البقاع، ومنهم طارق الكعدي الذي ينتظر تنفيذ قرار دعم الحكومة للمازوت ليعبئ خزانه الذي يتسع لعشرة براميل، متسائلا عن العجلة بالتزود بالوقود بشكل كامل، خصوصاً مع تراجع سعر الصفيحة أسبوعيا، أقله بقيمة ألف ليرة.

وفي مقابل الإحجام عن التزود بمادة المازوت، تزدهر تجارة بيع الحطب في قرى البقاع بشكل لافت، حيث يوقف البائعون شاحناتهم المحملة بأنواع الحطب كلها، على مفارق وجوانب الطرق الرئيسية، ولا سيما في مدينة زحلة. وبات سوق »الحطب« تجارة رابحة ورائجة ومهنة جديدة لدى البعض.

وتعتبر أشجار الدراق والخوخ والخرما والكرز ودوالي الكرمة من الأشجار التي تلقى رواجا وطلبا متزايدا من قبل أصحاب المواقد (الشيمينيه) في المنازل.

ويتراوح سعر الطن الواحد ما بين ١٢٠ ألفا إلى مئتي ألف ليرة لبنانية، علماً بأن هذه الأسعار تتزايد مع ارتفاع الطلب. فيما باتت أشجار السنديان والصنوبر نادرة جدا وأسعارها مرتفعة ويتجاوز سعر الطن الواحد من هذين الصنفين أكثر من ٣٠٠ ألف ليرة، علما بأن البعض لا يستعمل الحطب كبديل أوفر من المازوت بل كحاجة وعامل أساسي في استكمال »ديكور« سهرات الشتاء والاستمتاع بمشهد النار في مواقدهم.

وتتركز ظاهرة الاعتماد على الحطب في القرى الجبلية، لا سيما في قرى البقاع الشرقي وأعالي مدينة زحلة وحزرتا التي لا تخلو منازلها من مستودعات الحطب. وتتشارك منازل حزرتا مشهد »أكوام الحطب« المرصوفة فوق بعضها. هناك »لا بديل عن الحطب لكسر الصقيع«، وفق ما تقول الحاجة فاطمة أحمد التي تئن من ارتفاع أسعار الحطب، »فقد وصل سعر طن الحطب هذه السنة إلى أكثر من مئة وخمسين الف ليرة«.

في قوسايا، يؤكد طارق النعيمي أن الحطب، ورغم انخفاض أسعار المازوت، يبقى أوفر بثلاثين في المئة من فاتورة التدفئة بالوقود في القرى الجبلية.

ويعتمد الكثير من أبناء القرى البقاعية فكرة التموين المبكر للحطب خلال أشهر الصيف الاولى، اعتقادا منهم بتوفير أكثر من٤٠ في المئة من سعره بسبب الطلب المتزايد عليه بديلاً للمازوت مع بداية الشتاء وعند اشتداد البرد.

ما يأمله البقاعيون هو الاسراع بتنفيذ القرار بدعم المازوت قبل أن يتجمدوا بصقيع وبرد الشتاء، بعدما اكتووا بنار اسعار المازوت التي يريدونها ان تنخفض اكثر قياسا الى انهيار الاسعار العالمية.