عن 8 آذار التي لم تتمكّن من تشكيل أطرها الانتخابيّة

مشاركة:

لا يتغيّر الحديث في صالونات سياسيي قوى الأقليّة النيابيّة: إحصاءات نيابيّة؛ هنا سنفوز وهناك سنخسر. في هذه الدائرة علينا الاهتمام أكثر بأسماء المرشحين،

وفي تلك الدائرة علينا الأخذ برأي العائلات. هذا الحزب مظلوم وذاك يسعى لأن يحصل على مقاعد أكثر مما يستحق. وبسحر ساحر ينتقل الكلام إلى آليّات التنسيق بين أطراف هذا الفريق. الكلام في هذا الموضوع يُذكّر الجالسين بكلام آخر سمعوه قبل أشهر: سنضع وثيقة مشتركة للمعارضة ونُحدّد آلية للعمل والتنسيق لا تظلم أحداً، وغيرها من الشعارات التي كانت تنتهي دوماً بالقول إن هذا الفريق سيمتلك قريباً رؤية واضحة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي.

اليوم، لا شيء مختلف، سوى الإقرار بحق الرباعي: حسن نصر الله، ميشال عون، نبيه بري وسليمان فرنجيّة، بالتنسيق في ما بينهم، «لكنه أمر لا يزال ناقصاً»، يقول أحد الزعماء المحليين في هذا الفريق، وهو محق.

فقد انتشر في أوساط الأقليّة النيابيّة أنها ستخوض المعركة النيابيّة بلوائح موحّدة في مختلف المناطق اللبنانيّة. وسمع الكثيرون الكلام عن نيّة 8 آذار بالترشّح في الدوائر التي يُعتبر فوزها فيها ضرباً من المستحيل، وذلك بهدف إرباك الفريق الآخر ومنعه من الشعور براحة مطلقة في «دوائره».

لكن المعطيات تُشير إلى العكس. أسماء المرشّحين ليست جاهزة إلى اليوم، وآلية اختيارهم ليست واضحة، مما يؤدّي إلى حصول اشتباكات سلميّة بين أعضاء الفريق الواحد. فالحزب السوري القومي الاجتماعي، مثلاً، أعلن قبل أيّام إطلاق ماكينته الانتخابيّة في البقاع الغربي. وسرت معلومات في تلك المنطقة عن نيّة القوميين ترشيح أحد أعضاء الحزب عن المقعد السنّي في هذه الدائرة، ويعلم الحزب تمام العلم أن هناك زحمة مرشّحين لهذا المقعد. إذ، إضافة إلى الوزير السابق عبد الرحيم مراد، هناك الأمين العام الأسبق للحزب الشيوعي فاروق دحروج ومحمّد القرعاوي، ويأتي هذا الترشيح ليزيد الإرباك في صفوف هؤلاء في هذه الدائرة، وقد يؤدي إلى إضعاف المرشّح السنّي.

والأمثلة الشبيهة في هذا الإطار كثيرة. القوميون أيضاً لا يعرفون هل سيكون لديهم مرشح في المتن. الشيوعيون لا يعرفون بعد هل سيكونون على لوائح 8 آذار في الأساس، ولا يعرفون في أي دوائر. واقع البعثيين لا يختلف، وقس على هذا المنوال.

أمّا مضمون الخطاب السياسي والبرنامج الانتخابي لفريق الأقليّة النيابيّة، فإنه فراغ بفراغ. يقولون إنهم يريدون أن يحموا المقاومة، وهذا كلام حق يُراد به باطل. هناك من يقول بصوت منخفض إن حماية المقاومة ليست جديّة إذا جاع الشعب، وإن حماية المقاومة تحتاج إلى رؤى اقتصاديّة واجتماعيّة جديدة، وإلى بلورة لنظام سياسي يُمهّد لتجاوز النظام الطائفي، وخصوصاً أن جميع أطراف هذا الفريق تقول علناً إنها ترغب في تجاوز الطائفيّة.

هناك من لا يزال يطمح إلى بلورة مشروع كهذا. ربما يجب سؤال النائب السابق زاهر الخطيب عن هذا الوضوع.

ولكن، في هذا الإطار أيضاً، يجب العودة إلى الكلام العلني الذي قاله الأمين العام للحزب الشيوعي خالد حدادة في عيد الحزب، إن حزبه لن يكون ضمن لوائح فريق الأقليّة إذا لم يكن هناك برنامج سياسي واضح. في المقابل، هناك من يُصرّ على القول إن الحزب سيكون ضمن اللوائح. معادلة يسخر منها أحد ناشطي الحزب الشيوعي الذي يتخوّف من انتقال الأزمة إلى الداخل الحزبي.

«متى ستصارح 8 آذار جمهورها؟» يسأل أحد الناشطين السياسيين في هذا الفريق. إنه ينقل شعوراً متمادياً عند الناس بأنهم ليسوا سوى أدوات في يد قادة 8 آذار. ويضيف: «يُمكن أن يكون حجمنا التمثيلي أقلّ بكثير من حجم حزب الله أو التيّار الوطني الحرّ أو حركة أمل، لكننا صادقون إلى النهاية في مواقفنا، ونحن من دفع الثمن الغالي نتيجة للتحالف الرباعي، ونحن من تعرّض للمضايقات الأمنيّة، وجمهورنا هو الذي حورب في المؤسسات العامّة، ولذلك يحق لنا أن نقول كلّ ما نشعر به». وعندما يتحدّث، يُحاول أن يعبّر بكلمات ملطّفة، لكنّه واحد من كثيرين باتوا يشعرون بأنهم لم يكونوا سوى ديكور في اعتصام المعارضة في ساحتي الشهداء ورياض الصلح.

«ربما يكون الوقت قد حان لبناء دولة، مما يعني حكماً بناء جبهة سياسيّة لديها برنامج سياسي واضح المعالم، يقلّل من حجم الانزلاق صوب الخطاب المذهبي. برنامج يؤكّد لنا جميعاً أن قانون عام 1960 سيكون قانوناً لمرّة واحدة ولا يُصبح قاعدة، برنامج يُشعرنا بأن الدفاع عن المقاومة واجب وطني، وليس واجباً على طائفة، تُساعدها فيه الطوائف الأخرى من منطلق التعاون بين الطوائف». يقول ناشط يساري، تعرّض للضرب في حوادث السابع من آب عام 2001، وكان من الذين اقتحموا أرنون المحاصرة: «عندما يتحدّث هؤلاء لا يصل صوتهم، لأنه لا قدرة لهم على تحريك مئات الألوف».