إنهـا تمطـر داخـل منـازل بنـت جبـيل التـي أعيـد إعمـارهـا

مشاركة:

الشتاء الذي يحل غيثاً على الأرض والزرع، حل في بنت جبيل كارثة على أصحاب البيوت التي أعيد إعمارها بعد حرب تموز.

فبعد عامين من التهجير، ومن المماطلة في دفع التعويضات، وجد الاهالي الذين استعجلوا إنهاء منازلهم خلال الصيف ولو بالدين، أن الأمطار تسبب تشققات في أسقف وجدران المنازل الجديدة التي لم يمض اشهر قليلة على الانتهاء من اعادة اعمارها.

ويشرح احد المهندسين ـ امتنع عن ذكر اسمه ـ وهو ممن أشرفوا على تنفيذ عشرات الورش في البلدة، أن »هناك اكثر من ستين في المئة من المنازل الجديدة، وخاصة في وسط المدينة، التي شهدت أضراراً بعد الشتوة الاولى«، لأن طريقة البناء لم تكن صحيحة من الأساس.

يضيف »تبين ان السطوح تدلف المياه الى الداخل بشكل واضح وغزير«، مشيراً الى ان السبب الاساسي يعود إلى »قيام عدد كبير من الأهالي الى »صب« أسطح منازلهم بالاسمنت الجاهز الذي يكون عادة قليل »المونة« مما يؤدي إلى إحداث شقوق بسيطة في الأسقف، ما يؤدي بدوره الى النش والرطوبة التي لا يمكن معالجتها في هذه الحالة عبر مواد منع النش التي صنعت للحالات الخفيفة«.

وقد شهدت مدينة بنت جبيل طفرة عمرانية كبيرة مما أدى الى ازدهار مهنة العمار وجميع المهن المرتبطة بها، بحيث استلم كل »معلم باطون او سنكري او دهّان او اي مهنة مرتبطة عدداً من الورش يتجاوز عددها العشر في كثير من الاحيان. وازاء النقص الحاصل في عدد العمال، تحولت »العجلة« في التنفيذ لدى البعض الى شطارة الحقت ما الحقت من خسائر بأصحاب البيوت«.

ويعتبر المقاول كفاح بزي ان هناك نوعين من الاضرار التي تلحق بالاسقف، »النوع الاول والذي هو عبارة عن تشققات بسيطة نتيجة الهواء او قوة الحرارة، وهذه أضرار يمكن معالجتها، والنوع الثاني ينتج عن قلة جودة »المونة« او قلة كميتها«.

ويرى بزي أن المسؤولية مشتركة إذ أن »هناك أنواعاً مختلفة من الرمول وأفضلها هو الرمل البحري او الجبلي المغسول ولكن، وبما أنه ليس هناك رقابة على بيع هذه المواد، فقد وجدت في الاسواق نوعيات من الرمول لا تصلح لصب الاسقف، وكذلك الامر بالنسبة للبحص الذي تتفتت بعض أنواعها بسرعة مما يؤدي الى التشققات«.

الا أن السبب الاهم بالنسبة لبزي، فهو نوعية الحديد التي نزلت الى الاسواق والمعروف بالحديد السوري الذي بيع بسعر الحديد المستورد، ولكن جودته أقل وقدرته على تحمل الضغط أقل مما يؤدي الى انحناءات كبيرة في الأسقف وبالتالي تسرب المياه عند الإمطار«.

ويشكو صاحب منزل أعيد إعماره من ان بعض غرف منزله الجديد تحوّلت الى ما يشبه »المستنقعات« الصغيرة جراء دلف المياه، واذ امتنع عن كشف اسمه كي لا »يزعل« المهندس الذي وعده بإصلاح منـــزله، يشير الى »ان السبب هو التقليل من »مونــة« الباطون من اسمنت ورمل وبحص.

واللافت أن الرجـــل لا يحمّل أحداً المسؤولية، لكنه يحـــذر الأهالي من الاعتماد على بعض المهــندسين والبنّائين الذين يستـــعجلون في الإعمار ولا يعطون الوقت الكـــافي لجفاف الباطون بســـبب كثرة الورش التي يتعهدونها.

أما رئيس بلدية بنت جبيل المهندس عفيف بزي فيشير إلى أنه لا سلطة للبلدية على معايير جودة البناء الأمور المتروك للمهندس الذي يضع الخرائط ويستحصل على الرخص من التنظيم المدني، معتبرا انه وبحال وجود سوء تنفيذ على المتضرر اللجوء للقضاء.

ويؤكد صاحب محال لبيع الخرضوات ومواد منع النش في بنــت جبــيل ان هــناك اقبالاً من اصـــحاب البــيوت الجـــديدة لشراء مواد منــع النــشّ و»رولات« الزفت التي تمــنع تســرب الميـــاه بسبب ازمة النــــشّ… ويـــؤكـــد بعـــض اصحاب الـــورش انه لا بد من رقابة سريعة على اعـــادة الاعمـــار، خصــوصاً وســط بنت جبيل .