مجلس الوزراء يغطي قائد الجيش: زيارة دمشـق تمت بعلـم كل الدولة

مشاركة:

ظلّ المشهد الداخلي مشدوداً إلى وقائع زيارة العماد ميشال عون إلى سوريا، بأبعادها السياسية والشعبية والروحية

لينفتح بالتالي مجدداً ملف العلاقات اللبنانية السورية، من زاوية إعادة ترميم ما تصدع في السنوات الأخيرة، خاصة أن البلدين يقتربان قبل عيد الميلاد، من الإعلان عن فتح السفارتين، فيما سيأخذ موضوع تسمية السفيرين بعض الوقت.

وفي موازاة ذلك، من غير المستبعد أن يحضر ملف العلاقة اللبنانية السورية، وخاصة في الشق المتعلق بتنفيذ ما اتفق عليه من مقررات الحوار، في الجولة الثالثة من حوار بعبدا في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، والتي ينتظر أن يقدّم خلالها قائد القوات اللبنانية سمير جعجع تصوره للاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان من الاحتلال الإسرائيلي.

وسط هذه الأجواء، تجنب مجلس الوزراء ملف التعيينات الإدارية كما تجاوز ما يثار من غبار سياسي على زيارة قائد الجيش العماد جان قهوجي إلى دمشق، وذلك بعد مرافعة مطولة، لوزير الدفاع الياس المر، في مقابل اعتراضات أبداها وزراء الأكثرية، مع التأكيد على جعل حصرية قرار البت بأية زيارات خلافية من هذا النوع، لمجلس الوزراء.

فقد انعقد مجلس الوزراء في القصر الجمهوري برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ووصفت مصادر وزارية الجلسة بأنها كانت هادئة، وأن النقاش السياسي الذي تخللها كان اقل حدة بكثير من السجال في خارج مجلس الوزراء.

وقالت المصادر للسفير إن الرئيس سليمان تطرق في مستهل الجلسة للتصريحات السياسية التي تناولت زيارة العماد جان قهوجي الى دمشق. وأشار الى أن قهوجي أبلغه بحصول الزيارة قبل سفره، كما ابلغ الرئيس فؤاد السنيورة ووزير الدفاع، لا بل هو اتصل بقيادات سياسية بارزة في الموالاة والمعارضة وأطلعها على برنامج الزيارة. ولم يكن هناك وقت لطرح الموضوع على مجلس الوزراء، وهذا ما حصل.

وقدم وزير الدفاع الياس المر تقريراً أشار فيه إلى أن قائد الجيش، وبناء على التحركات العسكرية السورية في منطقة الشمال، في نهاية الصيف الماضي، أجرى اتصالاً بوزير الدفاع وأطلعه على التطورات المتصلة بالموضوع، وعندها طلب وزير الدفاع منه الاتصال فوراً بنظيره السوري العماد علي حبيب، وبالفعل تم الاتصال، وطمأنه حبيب إلى أن التحركات السورية تندرج في سياق محاولة ضبط الحدود ومنع التهريب، وأكثر من ذلك، أبلغ قائد الجيش السوري، نظيره اللبناني أن القوات السورية بصدد القيام بإجراءات أخرى، وإننا سنضعكم في أجوائها في حينها.

وهذا ما حصل في المرة الثانية (البقاع)، كما جاء في تقرير المر، وأشار التقرير الى ان التعاون بين الجيشين اللبناني والسوري مستمر أصلاً، ولم ينقطع، وهناك مكتب ارتباط سوري لبناني لم يتوقف، وحتى في عز الأزمة، بقي التعاون مستمراً، كما أن سوريا قدمت الى الجيش اللبناني عتاداً ومحروقات الى جانب قطع الغيار والذخائر، فمن الطبيعي ان يبقى هذا التعاون والتواصل.

وعلى أساس ذلك، قال المر، اتفق قائدا الجيشين اللبناني والسوري على زيارة يقوم بها العماد قهوجي الى سوريا. كما اتفقا على موعد إتمام هذه الزيارة. وقبل الزيارة اتصل قهوجي بوزير الدفاع وبرئيسي الجمهورية والحكومة وبرئيس مجلس النواب وبمسؤولين آخرين، وعندما تمت الزيارة حصل كلام في العموميات، وأبدى الجانب السوري كل الاستعداد، لتقديم أية مساعدة، وسألوا كيف يمكن أن نساعدكم، وعن كيفية ضبط الحدود من الجانبين، وأين يمكن أن يضع الجانب اللبناني نقاطاً عسكرية، وأين يمكن أن يضع الجانب السوري نقاطاً مماثلة، وذلك في سبيل ضبط الحدود، ومنع عمليات التهريب سواء للبضائع أو للأشخاص، وبطبيعة الحال، وبما أن الرئيس بشار الأسد هو القائد الأعلى للقوات المسلحة في سوريا، استقبل قائد الجيش العماد جان قهوجي.

وشدد الوزير جان أوغاسابيان على أن أي زيارة يقوم بها المسؤولون الرسميون إلى سوريا وإلى غير سوريا، من المفروض أن يكون مجلس الوزراء على اطلاع بها وهو صاحب القرار في شأن حصولها أو عدمه.

كما من المفروض مع أي زيارة من هذا النوع، ليس الاطلاع على النية بالقيام بالزيارة، بل اطلاع مجلس الوزراء على ما يدور فيها ومضمون النقاشات التي يجريها هؤلاء المسؤولون في الدولة المعينة.

وأشار إلى أن هناك أولويات عالقة بين لبنان وسوريا، ولا يجوز تجاوزها على الإطلاق، وأهمها مقررات طاولة الحوار، ونحن في هذا المجال نخاف من أن يؤدي هذا النوع من الزيارات إلى أن يحصل هناك تجاوز لهذه المقررات، ولا سيما أننا بصدد إنشاء علاقات دبلوماسية.

ولفت أوغاسابيان الانتباه الى أن أي من الفرقاء السياسيين حر في الإدلاء بأي موقف، وحول أي أمر، ولكن في النهاية مجلس الوزراء هو صاحب القرار في النهاية.

وقالت المصادر إن الوزير وائل أبو فاعور قدم مداخلة أشار فيها الى وجود إشكالية في العلاقة مع سوريا، مشيراً الى أن هناك قسماً من اللبنانيين يظن أن ما يحصل على صعيد العلاقة مع سوريا من زيارات أو ما شابه، على صعيد الاندفاع بالعلاقات هو أمر طبيعي، ولكن في المقابل، هناك قسم كبير نيابي وشعبي، يرى في هذه المسألة مشكلة كبرى.

وقال الوزير محمد شطح، في مداخلته إننا لسنا ضد العلاقات بين لبنان وسوريا، ولا نريد قطعها، بل على العكس، مع تحسينها على أساس الاحترام المتبادل.

وأشار الوزير نسيب لحود الى أن هناك شيئاً عالقاً في العلاقات اللبنانية السورية، كنتيجة لمسار العلاقات السابقة، ولكن مع وجود سفارة، فهناك إمكانية كبيرة أن تبنى علاقات ضمن اطر جديدة ومفيدة للبلدين.

وفي المحصلة قرر مجلس الوزراء إنه صاحب القرار في كل الزيارات التي يقوم بها المسؤولون اللبنانيون الى الخارج كما جاء في المقررات الرسمية التي تلاها وزير الإعلام طارق متري.

وأبلغ رئيس الجمهورية مجلس الوزراء أنه سيلبي دعوة رسمية من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، لزيارة الأردن في الرابع عشر من الجاري، وهو الأمر الذي أكده مصدر أردني مسؤول أبلغ فرانس برس أن سليمان سيبحث مع الملك عبد الله الثاني أوضاع المنطقة والعلاقات الاقتصادية بين البلدين قبل مشاركة الملك مأدبة عشاء تكريماً له. ومن المقرر أن يغادر الرئيس اللبناني الأردن بعد ظهر ١٥ كانون الأول بعد لقاء الجالية اللبنانية في عمان.

في جانب آخر، اقر مجلس الوزراء دعماً مشروطاً لصفيحة المازوت بثلاثة آلاف ليرة اذا تجاوز سعرها الـ ١٥ ألف ليرة لبنانية، اعتباراً من ١٥ كانون الجاري ولغاية ١٥ آذار المقبل، وبذلك يكون مجلس الوزراء قد وفى بوعد قطعه رئيس الحكومة في الجلسة التشريعية قبل يومين.

إلا أن البارز هو تأجيل اتخاذ القرار في شأن تشكيل هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية، وذلك لسبب تقني، كما أكد وزير الداخلية زياد بارود للسفير، وقال أن لا إشكالية على الإطلاق في موضوع تأجيل تعيين أعضاء هيئة الإشراف، وأن التأجيل تم لسبب تقني وليس أكثر من ذلك أبداً.

وأكدت مصادر وزارية أن الخلل يتصل بديوان المحاسبة، حيث يضع القانون الانتخابي في المادة ،١٢ شروطاً معينة، تقضي بأن تتشكل الهيئة المؤلفة من عشرة أعضاء بينهم قاض برتبة رئيس غرفة في ديوان المحاسبة متقاعد في منصب القضاء شرفاً، يختار من بين ثلاثة أسماء يرشحهم مجلس ديوان المحاسبة، وقد تبين ان كل المعنيين بهذه المادة، قدموا الترشيحات المطلوبة وفق منطوق المادة، في حين جاءت الترشيحات المقدمة من ديوان المحاسبة مخالفة لها لناحية تقديمه مرشحين ليسوا في القضاء شرفاً… وهنا كان السبب الوحيد للتأجيل.

في هذه الأثناء، من المتوقع أن يتوج العماد ميشال عون، زيارته الى سوريا، في يومها الثالث، بتلبية دعوة الرئيس السوري بشار الأسد الى مأدبة غداء على شرفه في مدينة حلب، على أن يجول في أحياء المدينة القديمة ومن ثم يعود الى دمشق ومنها الى بيروت.

وكان اليوم الثاني قد تضمن زيارات الى صيدنايا ومعلولا وحمص، حيث غابت اللقاءات الرسمية وطغى الجانبان الشعبي والديني، وخاصة في مدينة حمص.

بري: أنتظر استراتيجية جعجع!

من جهة ثانية، أكد الرئيس نبيه بري أن مشاريع واقتراحات القوانين النيابية، التي أحالتها الهيئة العامة للمجلس النيابي في الجلسة التشريعية قبل يومين، سيتم البت بها قبل نهاية الشهر الجاري. وعلى وجه الخصوص المشاريع التي تحمل الصفة المطلبية، وأبرزها المتعلق برفع الحد الأدنى للأجور.

وقال بري للسفير: إن التعجيل في بت هذه الأمور مرهون بتسريع وتيرة عمل اللجان النيابية المختصة في مجال دراستها والبت بها في اقرب وقت. مما يتيح المجال لأن تعقد جلسة تشريعية مخصصة لإقرارها، الاثنين في الخامس عشر من الشهر الجاري، وتسبق جلسة المناقشة العامة في ١٦ و١٧ الجاري، وجلسة انتخاب حصة المجلس النيابي في المجلس الدستوري المكونة من ٥ اعضاء، والتي سيتم فيها مجلس النواب ما عليه القيام به، وبذلك يقطع المجلس الدستوري نصف الطريق الى الولادة الحقيقية، التي يفترض أن تبادر الحكومة بعد ذلك الى تعيين حصتها البالغة ٥ أعضاء أيضاً.

وتأتي هذه الورشة النيابية عشية الجولة الثالثة من حوار بعبدا حول الاستراتيجية الوطنية للدفاع المقررة في الثاني والعشرين من الشهر الجاري.

وفي مناسبة الجولة الحوارية الجديدة، أكد الرئيس بري، على تعزيز مناخات الهدوء والاستقرار، وكلما تعززت هذه الأجواء، كان الحوار مفيداً ومنتجاً.

وعندما سئل عما إذا كان سيطرح مشروع الاستراتيجية الدفاعية التي اعدّها بمعاونة خبراء وعسكريين، قال بري للسفير إنه في الجولة السابقة قال الدكتور سمير جعجع إنه سيقدم تصوره للاستراتيجية الدفاعية وأنا من جهتي متشوّق لسماع ما سيطرحه، وبالتالي رؤيته لكيفية تحرير أرضنا المحتلة من قبل الاحتلال الإسرائيلي.