
مشاركة:
أخيراً حلم ترميم قلعة الشقيف سيبصر النور بتمويل من دولة الكويت.. بعد سنوات من الانتظار كانت سمتها عجز الدولة اللبنانية ومديرية الاثار عن تأمين الاعتمادات المالية الكافية.
منذ التحرير في العام 2000 كانت الجهات الرسمية المعنية تعد دائماً بالبدء بإعادة ترميم قلعة الشقيف، ولكن الى الآن لم تحصل القلعة على ما يدعم حجارتها ويقوّي بنيانها المتصدع. حتى العام الماضي حيث كان الوعد قاطعاً بأن القلعة الشامخة سترتفع مداميكها من جديد بتمويل من دولة الكويت.
فخلال العام الماضي زار السفير الكويتي قلعة الشقيف على رأس وفد من الصندوق الكويتي للتنمية في جولة تفقدية اطلع فيها على الاهمال الذي تعانيه القلعة.. ورأى الوفد كيف أن حجارة الشقيف الذهبية المرصوصة بشكل هندسي قلّ نظيره بدأت تفقد تألقها، اضف الى الاوساخ والنفايات التي أكلت قنواتها وممراتها وغرفها المنتشرة على ثلاث طبقات تحت الارض.. كما يصعب الوصول اليها لشدة العتمة الحالكة. الاهتمام كان واضحاً على وجه السفير الكويتي الذي عبر عنها بصمته وهو يتفقد كل اركان القلعة التي تمكن من الوصول اليها حتى قمتها ليعلن في ختام جولته تبني الكويت اعادة تأهيلها واعادتها الى ما كانت عليه بجمالها ورونقها وتألقها، وعلى حد قول مسؤول في المديرية العامة للاثار فإن مشروع اعادة تأهيل القلعة يكلف 2.8 مليون دولار، ويتناول المشروع اعادة بناء الجزء الاعلى من القلعة، تدعيم الأجزاء الاخرى، ترميم الحجرات والممرات، ومنع الارتشاح فيها وإضاءتها، ووضع لوحات تحكي كل التفاصيل عن هذا الموقع منذ العصور الوسطى وحتى الوقت الراهن. وينطوي المشروع أيضا على اقامة مرأب، وجناح للتذاكر والمعلومات والخدمات السياحية، والتحصينات التي اقامها الجيش الاسرائيلي ستتم المحافظة عليها "لتكون شاهدا تاريخيا" على هذه الحقبة العدوانية ضد لبنان وعلى تضحيات المقاومة والشعب اللبناني في التحرير ودحر الاحتلال.
ويجري العمل اليوم على اعداد الدراسات والخرائط وانجازها ووضع اللمسات الاخيرة عليها بالتعاون مع شركات هندسية متخصصة للعمل على اعادة قلعة الشقيف الى رونقها، حسبما أكد ممثل الصندوق الكويتي للتنمية المحلية محمد صادقي، الذي أعلن انه سيُبدأ العمل بترميم القلعة مطلع عام 2009 تحت اشراف المديرية العامة للاثار والصندوق الكويتي ودولة الكويت بعد ان تنجز الدراسات التي انطلقت في العام 2007 مع زيارة السفير الكويتي للقلعة ووضع حجر الاساس لبدء الترميم.
وكانت المديرية العامة للآثار قد أعدت دراسة في العام 2000 بشأن ترميم القلعة ووضعت خلال العام 2003 الخرائط التنفيذية للمشروع، وأعدّت دفتر الشروط المكونة لملف التلزيم التي تقسم الى جزءين: الأول متعلق بالقلعة نفسها، التي ستعطى الأولوية لتدعيم الإنشاءات المتصدعة من جراء الزمن والطقس والقصف المدفعي الذي تعرضت له قبل الاحتلال الاسرائيلي وخلاله، وخاصة أنها كانت تستعمل كثكنة عسكرية. وبعد التدعيم ستُرمّم ويُعاد بناء أجزاء من القلعة بحسب الوثائق التي تمتلكها المديرية العامة للآثار، وخاصة الصور الجوية العائدة الى سنة 1932، أي فترة الانتداب الفرنسي. ومن ثم سيُعمل على حماية السطوح ومنع تسرب مياه الأمطار الى داخل الجدران والقاعات لحمايتها. أما من الناحية الأثرية، فسيُبرز خندق القلعة الذي كان يعتبر في الفترة الصليبية ثاني أهم أسلوب حماية بعد مركزها الاستراتيجي، فهي قابعة على رأس جبل ويستحيل الوصول إليها من ثلاث جهات، لذا عمل بنّاؤو القلعة، في الجهة الرابعة، على حفر خندق عميق يعزلها تماماً عن محيطها والثاني بمحيطها. وان قيمة كلفة الترميم رفعت من مليونين ومئتي ألف دولار أميركي كانت مقررة في عام 2003، إلى نحو مليونين وثمانمئة ألف دولار أميركي، آخذة بعين الاعتبار ارتفاع الأسعار بنسبة تتراوح بين 25 و30 في المئة.
على امل ان يبصر الحلم النور وتتحقق الامنية التي طال انتظارها فان المواطن يحمل بين طياته تساؤلات جمة يأمل ان تلقى جواباً، هل ستشهد المنطقة انتعاشا سياحيا وتعج المنطقة بالسياح ام انها ستبقى خارج الخارطة السياحية.
قلعة الشقيف
تعتبر قلعة الشقيف أو "البوفور" كما تسمى أحد أهم المواقع الأثرية الصليبية في مدينة النبطية الجنوبية. وهي تقع على تلة يمكن الوصول اليها من بلدة ارنون وتطل على مجرى نهر الليطاني، وقد استخدمت قلعة الشقيف كحصن لسد الثغرات من ناحية البحر كما هو معروف عبر التاريخ. انتقلت من الخلفاء الأمويين إلى الخلفاء العباسيين فالطولونيين فخلفاء مصر العلويين فالسلاجقة فالأتابكة من الترك فالصليبيين.. ومن ثم إلى الأتراك واخيرا الاحتلال الصهيوني بين عامي 1982 و2000.
يعود تاريخ بنائها إلى ما قبل العصور الوسطى، ويعتقد أن (كيران) السائح الفرنسي الذي زار سورية في القرن التاسع عشر، هو أول من كتب عنها وقام بالتعريف بأبنيتها، وشكلها مثلث الزوايا، وقياسها (160) مترا طولا و(100) متر عرضا، وهي محاطة من الجنوب ومن الغرب بهوة عميقة محفورة في الصخر عمقها 15 مترا إلى 36 مترا. أما من الجنوب فقد تتصل القلعة بذروة الجبل، ومدخلها الى الجنوب الشرقي وطولها 120 مترا وعمقها 35 مترا، ومن طرفها الشمالي بناء ناتئ طوله 21 مترا متجها الى الشرق. وفناؤها في الجهة الشرقية منها عمقه نحو 16 مترا، ومثلها الأبنية الخارجية، ولها انحدار يختلف من ستة إلى تسعة أمتار. ويحميها من الجهة الشرقية مجرى (نهر الليطاني)، وفي الجنوب خارجا يوجد حوض في الصخر، وفي الغرب صهاريج فيها أحواض جمة منقورة في الصخر الصلد مسقوفة بعقود حجرية، وفي الشمال حوض قسم منه منقور في الصخر، وقسم يقوم عليه بناء، وجدرانها المحيطة بها منحدرة، وفي داخل القلعة أحواض كثيرة كان يجتمع فيها من المياه ما يسد حاجة المحصورين فيها مدة الحصار. ترتفع قلعة الشقيف سبعمئة متر عن سطح البحر، دارت فيها حرب الحضارات قديما، بنيت ودمرت عدة مرات.