مشاركة:
«لم نُبلّغ بهذا الشيك على الجداول. الرجاء مراجعة الهيئة العليا للإغاثة».
لم يقتنع السيّد حسن حكيم بهذا الكلام، فأعاد وضع الشيك في البنك على أمل قبضه، باعتبار أن هذه الأموال من حقّه. قصّة هذا المواطن من بلدة بيت ياحون هي قصّة آخرين غيره من البلدة ذاتها، وقصّة عائلة بأكملها من آل قصب من بلدة كفرشوبا الحدوديّة، والذين ردّ لهم مصرف لبنان أربعة شيكّات. هؤلاء، وغيرهم كثر، فوجئوا بأن أسماءهم ليست موجودة على الجدول الذي تُرسله في العادة الهيئة العليا للإغاثة، رغم صدور هذه الشيكات في 20 من الشهر الماضي.
وأتت فكرة هذه الجداول بعد فضيحة الشيكات المزوّرة التي كانت «الأخبار» قد نشرت عنها في عددها الصادر الأربعاء ٥ آذار ٢٠٠٨، حين كتبت عن «فضيحة تتمثّل بقيام أشخاص، «ذوي نفوذ» على ما يبدو، بتزوير نحو 107 شيكات بطريقة متقنة، صادرة عن الهيئة العليا للإغاثة، ومحرّرة بأسماء صحيحة لمتضرّرين حقيقيّين من الحرب، وسُحبت قيمتها عبر صناديق مصرف لبنان من دون اكتشافها.
وقد بلغت قيمة المبالغ المختلسة أو المسروقة المكتشفة حتى الآن، أكثر من مليارين و400 مليون ليرة، أي بمعدّل وسطي هو 22 مليوناً و430 ألف ليرة للشيك الواحد. وهذه تُعتبر وسيلة للحدّ من إمكانات التزوير. واللافت أن الشيكات المرتجعة قد مرّت في المقاصّة وخُتمت بعبارة «مدفوع» ثمّ أُرجعت.
لكن بعض المعلومات يقول عكس ذلك. فقبل زهاء الأسبوعين، اتصل السفير السعودي عبد العزيز خوجة بالنائبين علي حسن خليل وحسن فضل الله ورئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان سائلاً إياهم عن كلامهم بخصوص عدم وصول أموال السعوديّة إلى المتضرّرين في الجنوب، واتفق الجميع على اللقاء إلى طاولة الغداء، في منزل السفير السعودي، بحضور الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء يحيى رعد. خلال الغداء سأل السفير عن سبب عدم شكر أهل الجنوب للسعوديّة، فأُبلغ بأن الهبة السعوديّة لم تصل إلى الأهالي، «وعندما تصل نحن مستعدّون لأن نُقيم احتفالاً تكريمياً لكم في كلّ قرية». هنا استشاط السفير السعودي غضباً، وسأل رعد عن مصير هذه الأموال. وقال إن الكثير من الضغوط والعديد من الاتصالات ترده من المملكة في هذا الخصوص، وإنه أصبح يُفكّر في ترك عمله في لبنان بسبب هذه القضيّة. فأجاب اللواء رعد بأن الشيكات غير منجزة حتى الآن. هنا تدخّل قبلان وقال إن هناك شيكّات بقيمة 100 مليار ليرة جاهزة في ملفّات الهيئة ولم تصل إلى مستحقيها. فأجرى رعد اتصالات مع فريق عمله، وأقرّ بوجود هذه الشيكّات، فطلب خوجة منه أن تكون الأموال قد وصلت إلى أصحابها يوم الثلاثاء في الثاني من كانون الأوّل.
وهناك من يقول إن المشكلة الحقيقيّة هي أن جزءاً من هذه الأموال قد صُرف لتزفيت الطرقات.
وابتداءً من يوم الخميس الماضي، بدأت الهيئة العليا للإغاثة بتسليم مجلس الجنوب الشيكات ليسلّمها بدوره إلى أصحابها. فسلّمت ما قيمته 6 مليارات ليرة يوم الخميس، ونحو 16 ملياراً ليرة يوم أمس، وطلبت من مجلس الجنوب تأجيل توزيعها على الناس إلى وقت يُحدّد لاحقاً، في خطوة تتناقض مع ما جرى الاتفاق عليه في منزل السفير السعودي. لكن مجلس الجنوب التزم الاتفاق ووزّع الشيكات على أصحابها، وقد بدأت منذ يوم أمس بالرجوع إليهم. وعلمت «الأخبار» أن الهيئة العليا تنوي وضع اللوائح في مصرف لبنان حتى لا تتفاقم الأزمة.
بدوره، يقول الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء يحيى رعد إن رجوع الشيكات سببه أخطاء في بعض الأسماء. إذ إن المسؤول المالي ربما أخطأ، مؤكّداً أن السيولة موجودة، وأن هذه حالة استثنائيّة وليست معمّمة على باقي الشيكات، ويؤكّد أن الهيئة قد أرسلت شيكات تقدّر بـ37 مليون دولار، من أصل 80 مليوناً لا تزال عالقة لأهل الجنوب.
أمّا النائب علي حسن خليل، فينفي علمه بسبب رجوع الشيكات، ويضعها في خانة تأجيل دفع الأموال لمستحقيها، رغم توافر الأموال السعوديّة.