عون غداً في سوريا: تغيير في الشارع المسيحي

مشاركة:

العماد ميشال عون في سوريا يوم غد، في ظلّ استمرار الهجوم السياسي الشرس الذي تشنّه 14 آذار منذ إعلان نيّة عون زيارة سوريا.

يرافق عون وفد من تكتل الإصلاح والتغيير يضمّ النواب: فريد الخازن، عباس هاشم ونبيل نقولا، إضافةً إلى عدد من المسؤولين التنظيميين والإعلاميين في التيار، بينهم: بيار رفّول، ناصيف قزّي وجان عزيز، وقد ينضم إلى الوفد النائبان: نعمة الله أبي نصر وإبراهيم كنعان.

سيكون لعون والوفد المرافق مجموعة من اللقاءات مع القيادة السورية، على رأسها الرئيس السوري بشار الأسد، ورئيس الحكومة ناجي العطري ووزير الخارجية وليد المعلّم. وعلى جدول أعمال وفد التيار مجموعة من اللقاءات مع طلاب جامعيين في دمشق، وزيارات إلى عدد من المزارات والمراكز الدينية ولقاءات مع مسؤولين روحيين من الطوائف المختلفة.

يقال في التيار إن معظم القاعدة الشعبية للجنرال مقتنعة بالخطوات التي يقوم بها، ومع هذا يبقى بعضهم عند حساسية تجاه «العدو التاريخي» لمسيرة عون. ولا يزال عون حتى الساعات الأخيرة قبل توجّهه إلى الشام يشدّد على أنّ الزيارة هي لإعادة العلاقات بين البلدين بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان، وأنّ الاختلاف مع سوريا انتهى في أيار 2005 مع زوال الوجود العسكري. وتفادياً لأي أصوات داخلية معارضة لهذه الزيارة، وردعاً لأصوات الأكثرية التي تعلو ضد الزيارة، يحضّر الفريق الإعلامي في الرابية مجموعة من الأحاديث الصحافية بين أعوام 1994 و2000، أجراها عون مع صحيفة «المحرّر نيوز»، بخصوص موقفه من سوريا. وإحدى العبارات التي أطلقها عون، عام 1994، رداً عما إذا كان يحب دمشق: «أنا عسكري، وطبيعة ثقافتي أن من تحاربه اليوم يجب أن تتفاوض معه غداً، ولا كراهية عندي، ثمة خصومة سياسية صنعتها الظروف. كل ما أستطيع قوله هو أنّ يدنا ممدودة للخير، وفي اتجاهه».

يمكن العماد عون، إذا ما اضطّر إلى تقديم مخارج لهذه الخطوة، أن يجدد عدداً كبيراً منها، كما فعل بعد زيارته إلى طهران. والأهم أنه لا يطرح نفسه بديلاً من الدولة، بل يتوجّه إلى دمشق بصفته رجل سياسة، وهو ما يؤكّده مطّلعون على زيارته. فـ«الهدف الأساسي من هذه الخطوة، تكريس المسار الرسمي بين الدولتين والذي بدأ مع زيارة الرئيس ميشال سليمان واستكمل مع اللقاءات بين الوزراء وإعلان التبادل الدبلوماسي»، كما يقول أحد المطّلعين. ويضيف أنّ عون يسعى إلى القيام بدور إيجابي في كل القضايا العالقة بين البلدين.

ويعيد المتحدث تكرار ما أعلنه عون خلال الأيام السابقة من أنّ الشؤون اللبنانية الداخلية لن تكون موضع نقاش مع الجانب السوري، إنما ستطرح الملفات «من باب النقاش وتبادل وجهات النظر، والجنرال حريص على أن تعالج الأمور على الصعيد الرسمي، لأن أي معالجة غير هذه تعيدنا إلى العهد السابق حين كانت القيادة السورية تبدل الدولة بأطراف سياسيين». ومن الملفات المتوّقع طرحها خلال لقاءات الشام، ملف المفقودين اللبنانيين في السجون السورية، موضوع الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وقضية ترسيم الحدود.

ويعلّق العونيون أهمية كبيرة على هذه الزيارة لتحقيق أهداف عديدة تصبّ في مصلحة لبنان واستقراره: أولاً، المساهمة في معالجة المرحلة السابقة بين اللبنانيين، ولا سيما المسيحيين، وسوريا. وثانياً، تكريس أسلوب جديد من التعامل بين البلدين، وإنهاء «أسلوب عنجر» من جهة، والقطيعة السياسية من جهة أخرى. ثالثاً، تقديم مراجعة ونقد، من الطرفين، لهذه المرحلة، «ويمكن أن يكون لقاء مصارحة ومصالحة بين عون والقيادة السورية». والأهم هو شكل الزيارة المتمثّلة بالشخصية المسيحية المارونية الأكثر تمثيلاً نيابياً بين المسيحيين، «مما يمكن أن يقدّم لإنهاء حالة عدم التقبّل بين المسيحيين اللبنانيين للنظام السوري، ووضع حد للخلاف الناشب منذ ثلاثة عقود».

يقول المتحدث: «لم يكن الخلاف بين عون والسوريين شخصياً، بل على أسلوب التعامل السوري مع اللبنانيين وإدارتهم للبنان، فيما خلاف الأكثرية معهم شخصي».

عون في سوريا، لكنه لن يتراجع عن موقف سجّله في الحقبة السابقة، كما يقول المطّلعون، ويوازي عدم التراجع هذا، طلب عون أن تراجع سوريا أداءها في لبنان طيلة المرحلة الماضية.