
مشاركة:
لم يُسجّل اكتمال عقد التحالفات الانتخابية المبكر في دائرة زغرتا الزاوية أيّة دلائل ميدانية على سخونة المعركة وقسوتها،
فجاء إعلان اللوائح كحدث طبيعي في قضاء تميّز منذ نصف قرن باستئثار خمس عائلات من مدينة زغرتا دون غيرها من قرى القضاء بالعمل السياسي، (فرنجية، معوض، الدويهي، المكاري وكرم). إذ كان لكل عائلة مرشحها (أو أكثر) عبر الزمن. المعركة في رأي تيار المردة محسومة انطلاقاً من الأرقام المرتفعة التي حققها الوزير سليمان فرنجية وحلفاؤه في الدورة الانتخابية السابقة ومن الرصيد الشعبي الذي حافظت عليه منظومة كبيرة من المندوبين في القرى الزغرتاوية لمتابعة شؤون الناس وقضاياهم الحياتية.
تعدّ مدينة زغرتا 30% من مجموع ناخبي القضاء، وللناخب فيها خصوصية قلّما تتأثر بالتغيّرات السياسية. فالانتماء الأول هو للعائلة والعصبية تتحكم في خياراته، وتكمن قوة اللائحة في قوة العائلات الكبيرة المتحالفة وفي من تستطيع أن تستقطب من العائلات الصغيرة. من هنا استطاع سليمان فرنجية، بفضل تحالفاته العائلية واستقطابه عائلات مثل يمّين (815 ناخباً عام 2005) ودحدح وغيرهما، أن يؤمن رصيداً انتخابياً تنطلق لائحته عبره بزهاء 6000 صوت، مما يعدّ فارقاً من الصعب تعويضه في بلدات القضاء. فقد حصل فرنجية في الدورة السابقة على 8314 صوتاً بنسبة 76% من مجموع المقترعين في المدينة مقابل 2777 لنائلة معوض بنسبة 25%. أما على صعيد قرى القضاء الـ49، فقد تقدم فرنجية (12152 صوتاً) على نائلة معوض (8164) بنحو 4000 صوت ليوسّع الفارق في مجمل الدائرة إلى زهاء 10000 صوت بينهما، فيما الفارق بينها وبين الأخير في اللائحة سليم كرم هو5000 صوت.
من حيث الاستعداد للمعركة، يتحدث ناشطون في حركة الاستقلال عن تغيّر كبير في مزاج الناخب الزغرتاوي، وخاصة في القرى. وتشير أوساطهم إلى قرى كبيرة وحسّاسة ستعطي ما بين 50 و60% من أصواتها لتحالف آل معوض زائد الاتكال على الناخبين السُنّة الذين يمثّلون 12% من إجمالي ناخبي الدائرة، والاستفادة من انفلات قبضة فرنجية عن الإدارات الرسمية ونفوذه لدى السلطات الأمنية والبلديات مقابل نشاط لافت منذ أكثر من سنة ونصف لميشال معوض عبر فريق نشط يحقق تقدماً خدماتياً على طول القضاء، بالإضافة إلى وجود والدته كوزيرة للشؤون الاجتماعية مدى ثلاث سنوات. ويرى متابعون في إبدال النائب سمير فرنجية بيوسف بهاء الدويهي محاولة لإحداث خرق في صفوف مناصري الوزير السابق إسطفان الدويهي وسحب أكبر عدد ممكن من أصواته.
ميدانياً، الاختبار الأول لشعبية قوى 14 آذار، وعلى رأسهم حركة الاستقلال في قضاء زغرتا، تمثّل بالقداس عن راحة نفس الشهيد رينيه معوض يوم السبت الفائت، هذا النشاط الذي أعدّت له الماكينة الإعلامية لحركة الاستقلال، من نشر الملصقات والأعلام والتعبئة الشعبية، وصولاً إلى نقل الحدث على بعض شاشات التلفزة، لم يرقَ إلى مصاف مهرجان شهداء القوات اللبنانية أو مهرجان حزب الكتائب الأسبوع الفائت من حيث التنظيم أو الحشد الشعبي الذي قُدّر بـ5000 مواطن من كل الأعمار أتوا، بالإضافة إلى زغرتا الزاوية، من بشرّي وطرابلس بحضور لافت من القرى الإسلامية الزغرتاوية، مع تسجيل انسحاب أكثرية هؤلاء وبعض المشاركين قبل كلمة ميشال معوض بسبب التأخير في الوقت أو على قاعدة «ثبّتوا وجودهم وانصرفوا». هذا اليوم رأى فيه عضو الأمانة العامة في قوى 14 آذار ميشال معوض، منذ الصباح الباكر، على أثير إحدى القنوات المسموعة «بداية ثورة مضادة لإعادة دفع ثورة الأرز». هذه الحماسة المفرطة ويقين كوادر حركة الاستقلال التام من فوزهم في الانتخابات، حسب ما يشيعون في مجالسهم وحتى أمام الإعلام، لم يترجم في الحضور الشعبي قي القداس، ومن الممكن ألا يظهر ارتفاع أسهم فريق الأكثرية إلا في صناديق الاقتراع الربيعية. يقابل ذلك انكفاء حتى اللحظة الراهنة لماكينة تيار المردة.