«تحالفات» جلسة الخلوي تطيحها هبّة «نصرة الإعلام»

مشاركة:

كلام ليل الخميس محته تصريحات نهار الجمعة… فما برز في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة من مواقف بعيدة عن الاصطفاف السابق،

طمسته أمس ردود الفعل على حادثة الاعتداء على الإعلامي عمر حرقوص، وعاد فريقا 8 و14 آذار إلى قاموس ما قبل اتفاق الدوحة: هجوماً وتضامناً

بينما كان أكثر من مصدر يجمع على «استثنائية جلسة الخلوي» ليل الخميس، وخصوصاً بما أفرزته «من خلط أوراق يكاد يشبه إعادة التموضع»، كانت ردود الفعل على حادثة الاعتداء على الإعلامي عمر حرقوص، تسترد الفرز القديم عن طريق استحضار عبارات وتواريخ ما قبل المصالحات من جهة، والتعامل معها من جهة أخرى وفق قاعدة «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً».

فما حدث في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، على صعيد موضوع الخلوي الاقتصادي، قرأته مصادر على أنه سياسي بامتياز بما حمله «وما سيحمله» من تداعيات ومؤشرات، واضعة في هذا الإطار، رفض المجلس «بمن في ذلك وزراء الموالاة والمعارضة» لورقة ملاحظات رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، وتأييد الوزير محمد شطح «وهو المستشار السابق للسنيورة» والوزير غازي العريضي، لخطة الوزير جبران باسيل، بل وانضمام الأول إلى اللجنة الوزارية الثلاثية التي أقرّت بنود هذه الخطة.

وقد أبدت مصادر معنية في عين التينة راحتها لتدخل العريضي إيجابياً في الجلسة، وهو ما تحدث به الرئيس نبيه بري خلال استقباله وزير الأشغال أمس. كذلك اتصل بري بباسيل مهنئاً بما قام به في المجلس، معتبراً أنه «خطوة كبيرة وهامة في سبيل تسهيل الخدمات والتقديمات للمواطنين ولإصلاح مرافق الخدمات».

وكشفت مصادر مقربة من بري أن الاتفاق كان مسبقاً ما بين باسيل والوزير محمد خليفة الذي يمثل حركة أمل في مجلس الوزراء، على خلفية تقارير تقنية دقيقة عن إمكان تطوير الشبكات وخفض النفقات على المواطنين دون تكاليف إضافية على الخزينة، وأن الإصلاحات يمكن أن تكون اوسع، وأن يجري استدراج العروض لتشغيل الشبكات بأسرع الطرق الممكنة، مع تجاوز آليات الاستدراج المفتوح التي تسمح لشركات لا تمتلك إمكانيات بالتقدم.

أما الرئيس السنيورة، فقد لفت في دردشته الأسبوعية مع الصحافيين، إلى أن الخلوي «هو أحد المصادر المالية في غياب مصادر مالية أخرى»، وقال: «ما نريده هو تحسين الشبكة والأداء، وفي الوقت نفسه خفض الكلفة بالتلازم مع زيادة الطاقة لهذه الشبكة لاستيعاب عدد آخر من المشتركين (…) بما يزيد الإيرادات، من هنا نحن نعمل على التوازن في هذا الأمر بما يؤدي إلى الحفاظ على واردات الخزينة ريثما نؤمن مصادر مالية ثانية».

وخلال افتتاح معرض الكتاب العربي، أكد السنيورة الإصرار على التمسك بدستور الطائف «والاهتمام بروحه وبألفاظه»، وقال إن لهذا الاتفاق أفقاً للتطوير والتغيير بالأساليب الديموقراطية «ولا ينبغي أن تخرجنا الجدالات السياسية والأحداث الأمنية من جلودنا». وشخّص التحدي القائم اليوم في أمرين: «الاختلاف الداخلي على إدارة الشأن العام، والصراعات الدولية والإقليمية التي تنعكس سلباً على الساحة اللبنانية أو تتخذ لبنان ساحة لتصفية الحسابات»، معتبراً أن الوفاق «هو الذي يمنع الاختراقات والتدخلات في الشأن اللبناني من الأطراف الإقليمية والدولية».

في هذا الوقت وفيما كانت قيادة الجيش تعلن توقيف ثلاثة مشتبه فيهم بالاعتداء على الزميل عمر حرقوص، وتسلمهم لاحقاً النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي جوزف معماري، وباشر التحقيق معهم، استدعت ردود الفعل على الحادثة سجالاً مستجداً يذكّر بمرحلة ما قبل اتفاق الدوحة، فمن جهة رأى الوزير نسيب لحود في ما حدث «استمراراً للنهج المليشيوي». ودعا الوزير طارق متري، القوى السياسية إلى «الإقلاع عن توسّل العنف لتحقيق أي غرض سياسي لتثبيت موقفها السياسي أو تأكيده». وإذ أعلنت الوزيرة بهية الحريري وجود إرادة لدى رئيسي الجمهورية والحكومة لاحتواء الحادثة، قالت: «نحن نعمل جاهدين على لجم وسحب ردات الفعل لأنها لا تؤدي الى أي طريق سلمي». ووصف الوزير تمام سلام ما تعرّض له حرقوص بأنه «يصب في استهداف مكانة المواطن وكرامته ويضر ويؤذي السلم الاهلي في لبنان».

كذلك استنكر نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري «الاعتداء الوحشي»، مهاجماً الحزب القومي ككل، بالإعراب عن أسفه «لانحدار مستوى تصرف الحزب المعتدي الى هذا الدرك الخطير، بما يتناقض جوهراً وممارسة مع ما يدّعيه من أنه حزب عقيدة، ما أثبت ظهور الاصل وانكشاف الادعاء»، الأمر الذي رد عليه النائب مروان فارس بالقول: «لأن النائب المذكور يعد مرجعاً فكرياً في صحة العقائد والفلسفات، ورقيباً موثوقاً على سلوك أصحابها، فإننا نؤكد له أننا لا نطمح للانتساب الى مدرسته العريقة في الصدق والوفاء لأولي الفضل والولاء. وإننا سنجهد لكي لا تحدث له مستقبلاً مثل هذه الآلام العظيمة التي مر بها بسبب هذه الحادثة التي تؤلمنا بلا ريب أكثر مما تؤلمه».

وبعد زيارته المطران الياس عودة، قرأ النائب ميشال فرعون الحادثة «وكأن هناك تراجعاً عن الالتزام بتطبيق اتفاقية الدوحة». ولم ير عميد الكتلة الوطنية كارلوس إده، مثيلاً لهذا الاعتداء إلا في التاريخ «عندما كان أزلام النازية يعتدون على كل صوت مغاير لصوت قادتهم».

وتلاقى بعض المواقف على اعتبار حادثة الحمراء «تكريساً لنهج 7 أيار»، كرئيس الحركة اليسارية منير بركات، وتجمع الحقوقيين في تيار المستقبل وحقوقيي 14 آذار، ودانت ندوة المحامين في حزب الكتائب «هذا العمل الهمجي والقذر». واستحضر قطاع التربية والتعليم في تيار المستقبل، في استنكاره، عبارات: ميليشيات، وبعض الزمر المأجورة من جماعة «شكراً سوريا».

وفي المقابل، وبعدما أعرب عميد الإذاعة والإعلام في الحزب القومي جمال فاخوري، عن الأسف «لحصول الإشكال ولما أصاب حرقوص»، قال: «إن الحملة التي شنّها فريق 14 شباط على حزبنا مستخدماً الأوصاف والنعوت المرفوضة والمدانة، هي أبعد ما تكون عن التضامن مع «إعلامي» ولا تمت بصلة أو نسب إلى الدفاع عن حرية الإعلام، بل هي تصرف مريب متأصل في سلوك بعض أشخاص هذا الفريق وإعلامه، يقوم على استثمار مثل هذه الحوادث للتلاعب بغرائز الناس ومشاعرها، ثم توظيفها بالتزوير والتضليل لتصب في مجرى مشاريعه وسياساته». وطالب المعنيين بالشأن الإعلامي، بالتحرك لمعالجة الأمر وسحبه من التداول، معلناً احتفاظ الحزب بحقه «في الادعاء على كل من وجّه إليه أو إلى أحد مسؤوليه أو أعضائه عبارات الشتائم والتحقير والذم والافتراء».

وإذ استنكرت العلاقات الإعلامية في حزب الله «التعرّض لأي إعلامي يقوم بواجباته المهنية»، دعت إلى إبقاء الأمر في عهدة القضاء والحفاظ على مناخ التهدئة». وعقدت أمانة سر لجنة المتابعة للقاء أحزاب المعارضة، اجتماعاً طارئاً في مركز القومي، وأصدرت بياناً تبنّت فيه «الموقف المسؤول والواعي للحزب القومي باستنكاره الصريح والواضح لما جرى»، مستهجنة «التوظيف السياسي الفج لهذا الحادث الفردي ومحاولة إقحام الإعلام في هذه المسألة والتلطي خلفه، ونزول جوقة المحرّضين التي آلمها السكوت في فترة المصالحات والتهدئة».

كذلك أعلنت المنظمات الشبابية والطالبية في المعارضة، إثر اجتماع طارئ أيضاً، تضامنها مع القومي متهمة قوى 14 آذار بقيادة حملة «للتمويه والتعتيم على الاسباب الحقيقية التي أدّت الى حصول الإشكال والتي ابتدأت يوم الاعتداء على اللوحة التذكارية للشهيد المقاوم خالد علوان، وصولاً الى المحاولات المتكررة لإزالة اللوحة وتحطيمها لتشويه وجه بيروت المتمثل بخيار المقاومة».

ومن الإعلام، إلى التربية، حيث حمّل رئيس مصلحة الطلاب في حزب الكتائب إيلي معلوف، حزب الله والتيار الوطني الحر، مسؤولية عدد من الأحداث الطلابية الجامعية هذا الأسبوع، سائلاً: «هل يريد حزب الله التسلل الى داخل منطقة الأشرفية من خلال الجامعة اليسوعية محاولاً وضع اليد عليها؟».

… ومن لبنان إلى لاهاي، حيث أعلنت المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية، أن لبنان أصبح العضو الرقم 185 فيها، وأن حكومته أودعت وثائق الانضمام الى الاتفاقية، وأن الأمر سيصبح فعلياً بعد 30 يوماً من تأكيد الإيداع.