
مشاركة:
١٤ آذار تسبق المعارضة في »الشكوى« من السنيورة … والأجور و»السلسلة« إلى اللجان!
بات التأجيل سمة المرحلة. التعيينات الإدارية والأمنية والتشكيلات القضائية إلى ما بعد الانتخابات النيابية المقبلة. سلسلة الرتب والرواتب بمفاعيلها التي تعود للعام ،١٩٩٦ عادت مجددا إلى »عتبات اللجان النيابية المتكسرة« في مجلس النواب… ومن هناك ستذهب أيضا الى »الربيع الموعود«… وهكذا صار لزاما على اللبنانيين انتظار تلك المبارزة الكبرى التي ستنتج معادلة أكثرية وأقلية جديدة، تختلف في السياسة على كل شيء، ولكنها تتفق في المضمون الاجتماعي على كل شيء ايضا… ويبقى على اللبناني أن يدفع الثمن دوما وأبدا.
بهذا المعنى، بدت صورة المجلس النيابي، أمس، »مركبة«، بحيث تكونت من مجموعة مشاهد معبّرة:
الاول، مشهد نيابي اتسم بتجاوزه لتصنيفات المعسكرات السياسية المعتادة مع »تنافس« نواب الاكثرية والمعارضة على توجيه الانتقادات الى الحكومة ورئيسها فؤاد السنيورة، ولو بنسب متفاوتة، الامر الذي أظهر حجم تأثير الحسابات الانتخابية على أداء النواب في هذه المرحلة التي ستمتد حتى الانتخابات في الربيع.
الثاني، مشهد وزاري، بدت معه الحكومة مفككة وغير متضامنة بفعل السجال الذي اندلع بين السنيورة ونائبه اللواء عصام أبو جمرا على خلفية أزمة الصلاحيات المستعصية، ما أساء الى »معنويات« الحكومة و»طلتها« في مواجهة مجلس النواب.
الثالث، يتصل بالرئيس السنيورة الذي قدم »مطالعة بكائية« في الوضعين المالي والاقتصادي، لتبرير التهرب من تسديد الالتزامات تجاه المواطنين، ما دفع الرئيس بري الى توزيع المحارم على النواب تحسبا لامكان ان يذرفوا الدمع تأثرا بكلام السنيورة الذي تمنى على النواب »وفي ضوء الالتزامات الإضافية المطلوب منا تأمينها، أن نكتفي بهذا القدر من الأعباء وأن نطرح جانبا مسألة زيادتها التي يطالب بها البعض، وأن نستمر في التزامنا بأن نعمل لابعاد الاقتصاد والأمور النقدية والمالية في البلاد عن المزايدات السياسية، والتي أرجو أن يكون واضحا أن هذه التصرفات لا تأتي ولن تأتي برغيف خبزٍ واحدٍ إضافي«.
وقد احتدم النقاش النيابي ـ الحكومي، عندما طرح مشروع قانون زيادة الحد الادنى للرواتب والاجور وبند المفعول الرجعي لسلسلة الرتب والرواتب، ليكتسب الاصطفاف البرلماني بعدا آخر بعدما جمعت »مصيبة« السياسة المالية للرئيس السنيورة نواب »١٤ و٨ آذار« الذين انتقدوا، كل بأسلوبه، الحكومة ورئيسها فيما أفسح »المايسترو« نبيه بري المتخصص في إدارة لعبة التوازنات المجال واسعا امام النواب للتصويب على السنيورة، فتركه يترنح من دون ان يسمح بسقوطه، مبتكرا في الوقت المناسب تسوية إحالة مشروع الزيادة على اللجان النيابية المشتركة لاعادته في صياغة توافقية خلال ١٠ أيام!
وأقر المجلس النيابي مشروع القانون الذي يجيز للحكومة اجراء ترقيات قوى الامن الداخلي وأمن الدولة والضابطة الجمركية، وأجاز ايضا للحكومة ابرام اتفاق قرض بين لبنان والصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي للمساهمة في تمويل وتطوير مرافق المياه والصرف الصحي في المناطق اللبنانية، وأخذ هذا المشروع حيزا واسعا من النقاش معظمه »ذو وجه انتخابي«.
وكان يفترض ان تستكمل الجلسة مساء، لكن عدم اكتمال النصاب حال دون انعقادها، ما جعل الرئيس بري يعلن عن تأجيل الجلسة الى صباح الخميس في الرابع من كانون الاول المقبل، علما ان أوساطا مقربة من بري وقوى ١٤آذار أكدت عدم وجود أي خلفية سياسية للأمر، في حين أبدت أوساط تكتل »التغيير والاصلاح« خشيتها من ان تكون »الموالاة« قد تعمدت فرط النصاب باعتبار ان غالبية النواب المتغيبين ينتمون اليها وذلك بهدف التهرب من استحقاق مناقشة الاقتراح المعجل المكرر المقدم من العماد ميشال عون والقاضي بدفع المفعول الرجعي لسلسلة الرتب والرواتب.
ولكن تعذر انعقاد الجلسة المسائية لم يمنع أمين سر تكتل التغيير والاصلاح النائب ابراهيم كنعان من القول لـ»السفير« ان ما تحقق أمس هو إنجاز هام وخطوة متقدمة على طريق تحصيل حقوق الناس، مؤكدا ان اقتراح القانون المقدم من عون والمتعلق بدفع المفعول الرجعي لسلسلة الرتب والرواتب ما زال موجودا على جدول الاعمال، ونحن سنناقشه في الجلسة المقبلة وسنخوض معركته حتى النهاية وصولا الى حل من اثنين، فإما ان يتم إقرار المشروع خلال الجلسة المقبلة
مرفقا بآلية واضحة تحدد طريقة دفع المستحقات العائدة للناس وكيفية جدولتها، وإما ان يحال الى اللجان المشتركة ويعود منها ضمن مهلة محددة الى الهيئة العامة متضمنا آلية الدفع. وشدد كنعان على ان السنيورة لن »يفلت« هذه المرة، وهو مسؤول عن تأمين الامكانيات التي تتيح تسديد حقوق المواطنين المتراكمة وإلا لماذا التزم بذلك في القانون الصادر قبل عشر سنوات؟
في المقابل، قال وزير المال د. محمد شطح لـ»لسفير« ان ما حصل في الجلسة النيابية لم يكن بعيدا عن السيناريو المتوقع، لافتا الانتباه الى انه لا تجوز مقاربة وقائعها من زاوية الموالاة والمعارضة لان الحدود الفاصلة بينهما لم تكن واضحة خلال النقاش حول مشروع زيادة الاجور وفروقات سلسلة الرتب والرواتب، بل ان نوابا في ١٤ آذار كانوا البادئين في انتقاد الحكومة ورئيسها وبالتالي فإن خطوط التماس السياسية المعروفة تلاشت لصالح اصطفاف من نوع آخر بين الحكومة من جهة والنواب على اختلاف مشاربهم من جهة أخرى.
ورأى شطح انه لا يمكن عزل المداخلات النيابية التي تمت عن المناخ السياسي والانتخابي، وأوضح انه سيأتي الى الجلسة المقبلة بمقاربات عملية لمسألتي زيادة الاجور والمفعول الرجعي لسلسلة الرتب والرواتب على قاعدة تعريف »الامكانيات« ومحاولة بلورة الخيارات المتاحة للحصول عليها، إنما لن يكون هناك اختراع جديد، وأي مقاربة لا بد من ان تنطلق في نهاية المطاف من المعطيات المالية الموجودة.
أما المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل فقد ابلغ »السفير« انه للمرة الاولى منذ زمن طويل يسجل في جلسة نيابية هذا القدر الكبير من التدقيق والمحاسبة، مشيرا الى ان أهميتها تكمن في انها ثبّتت سقفا معينا يتصل بالحقوق المكتسبة للمواطنين وأطلقت نقاشا تحت هذا السقف حول إمكانية تحسين شروط هذه المكتسبات، ولكن على أساس البناء على ما تحقق حتى الآن وليس العودة عنه.
لغم الصلاحيات
ومن خارج جدول أعمال الجلسة النيابية، انفجر »لغم« صلاحيات نائب رئيس الحكومة متسببا بسجال بين الرئيس فؤاد السنيورة ونائبه عصام ابو جمرا، الامر الذي أصاب التضامن الوزاري باهتزازات إضافية.
وقال ابو جمرا لـ»السفير« انه سيثير في جلسة مجلس الوزراء اليوم في القصر الجمهوري، مسألة الصلاحيات التي يتأكد يوما بعد يوم الحاجة الملحة الى تحديدها في مرسوم ينظم أعمال مجلس الوزراء. وأشار الى انه سيطرح أيضا على مجلس الوزراء الطريقة المستغربة التي عامله بها الرئيس السنيورة في الجلسة النيابية والتي تخالف الاصول، إذ ليس مقبولا ان يرمي كرة المسؤولية على غيره »ولا يحق له ان يفعل ذلك لان هناك »اتفاق جنتلمان« بيننا يقضي بأن تتحمل الحكومة مجتمعة المسؤولية عن أي عمل أو امر يتعلق بها، وهذا ما لم يتقيد به السنيورة عندما غمز من قناتي بخصوص لجنة تحديد آلية التعيين في الادارة ولجنة ترتيب الاراضي، فسكت في المرة الاولى ثم اضطررت للرد بعدما أعاد الكرّة، علما انني اعتذرت من اليوم الاول عن ترؤس لجنة التعيين لعدم توافر مقومات العمل«.
وعلمت »السفير« أن وزير التنمية الادارية ابراهيم شمس الدين، سيتحرك قبيل انعقاد مجلس الوزراء، لايجاد مخرج لقضية صلاحيات نائب رئيس الحكومة، خاصة أنه كان قد سمع موقفا ايجابيا من رئيس الحكومة، وفي الوقت نفسه، برزت اقتراحات جديدة منها أن ينتقل اللواء ابو جمرا، مع فريق من أربعة أو خمسة مستشارين الى مقر مجلس الوزراء المؤقت في المتحف.
إضراب المحامين
في هذه الاثناء، تلوح في الافق أزمة جديدة مع قرار نقابتي المحامين في بيروت والشمال تصعيد موقفهما إزاء التلكؤ الحاصل في إصدار التشكيلات القضائية والتعيينات المنتظرة في القضاء، وإعلانهما أمس عن نيتهما »التوقّف عن العمل بتاريخ ١١ كانون الأوّل المقبل والتجمع بكثافة خلال هذه الفترة في قصري العدل في بيروت وطرابلس، وفي قصور العدل في مراكز سائر المحافظات«، في خطوة احتجاجية أولى على التقاعس المستمر في تأدية الواجب، ولإفهام جميع المعنيين أنّ المحامين لن يقبلوا باستمرار الوضع على ما هو عليه مهما كانت الأسباب والذرائع«.
وجاء موقف المحامين، في وقت ينتظر أن يعيّن مجلس الوزراء، اليوم، ثلاثة قضاة أعضاء في المجلس العدلي اثنان منهم أصيلان وواحد رديف، وهم: سامي منصور وسمير عالية ونعمة لحود، علما أن تعيين رئيس »العدلي« ويكون عادة رئيس مجلس القضاء الأعلى هو أهم من تعيين الأعضاء لأنّ المجلس العدلي لا يستطيع أن يعقد أي جلسات محاكمة من دون وجود رئيس.
وفيما كان ينتظر أن تحيل رئاسة الحكومة إلى مجلس الوزراء مشروع القانون المحال من وزير الدفاع الياس المر والمتعلق بإيجاد حوافز لكل من يحمل رتبة عميد أو عقيد في الجيش، تشمل الاستفادة من منحهم درجات إضافية حسب سنوات الخدمة والرتبة، فإن رئاسة الحكومة، قاربت الموضوع من زاوية مالية بحتة، بينما كانت المؤسسة العسكرية تقاربه »من زاوية إعادة ترشيق الجيش وإفساح المجال أمام ضخ دماء شابة في شرايين المؤسسة العسكرية«، حسب مصادر مقربة من وزير الدفاع.
قهوجي يتوجه إلى دمشق قريباً
الى ذلك، وعشية زيارته الأولى إلى دمشق، والمتوقعة خلال الأيام القليلة المقبلة، أعلن قائد الجيش العماد جان قهوجي »أن البقاع لن يكون ممرا سهلا أو خاصرة رخوة للاعتداء على الأشقاء العرب«، في إشارة منه إلى سوريا، وأكد خلال جولة على الوحدات العسكرية المنتشرة في البقاع، في إطار جولة تشمل الوحدات المنتشرة في جميع المناطق، »أن إطلاق قادة العدو الإسرائيلي تهديداتهم المستمرة ضد لبنان لن يضعف من عزم الجيش وتصميمه على التصدي لهذا العدو وإحباط مخططاته بكل الإمكانات والقدرات المتاحة«، ودعا العسكريين »إلى الحفاظ على أقصى درجات الجهوزية لمواجهة أي اعتداء إسرائيلي محتمل، وإلى الاستعداد لمواكبة الاستحقاقات الداخلية المقبلة بمزيد من اليقظة والوعي والتجرد، والبقاء على مسافة واحدة من كل الأطراف، والتصدي بحزم لكل من يحاول الإخلال بالأمن أو التعرض لحرية المواطن وكرامته«.
وعلى الصعيد الأمني، ظل البحث عن مخرج لقضية المطلوبين في مخيم عين الحلوة، محور اتصالات واسعة، وخاصة على الصعيد الفلسطيني الداخلي، فيما ظلّت قناعة المعنيين في مخابرات الجيش اللبناني أن »أبو محمد شحرور« لم يغادر المخيم، وهو الأمر الذي رتّب على الفصائل والقوى والشخصيات الفلسطينية، التسريع في عملية تشكيل القوة الأمنية الفلسطينية الموحدة بحيث تنضم إليها جميع القوى، سواء تمثلت فيها، رمزيا أو فعليا، على أن تتحول هذه القوة إلى مرجعية أمنية للمخيم وتكون خاضعة لقرار كل الفصائل الوطنية والإسلامية في المخيم وتتولى في الوقت نفسه التنسيق مع القوى الأمنية اللبنانية في موضوع المطلوبين في شتى الاتجاهات والخيارات المتاحة.