الصفدي ـ كبّارة: الخلاف إلى العلن وأزمة في المستقبل

مشاركة:

خرج وزير الاقتصاد والتجارة، محمد الصفدي، الأسبوع الماضي، ليتحدث للمرة الأولى (في مقابلة مع مجلة «الأفكار») عن خلافه مع النائب محمد كبارة، الذي أدى إلى فرط التكتل الطرابلسي،

مما دفع الأخير إلى الرد عليه ببيان مستفيض، الأمر الذي طرح أسئلة في الأوساط السياسية عمّا إذا كانت هذه الخطوة السجالية، وهي الأولى بين الرجلين، ستسير على منوال سباقهما في رفع صورهما في طرابلس، مع حرص أنصار كبارة على رفع صور «أبو العبد» وإلى جانبها صور رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري.

فقد لفت الصفدي (في المقابلة المذكورة ) إلى أن الاقتراح الذي تقدم به التكتل الطرابلسي في مؤتمر سان كلو في فرنسا لجهة ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية بأكثرية الثلثين، ورفض الانتخاب بنصاب النصف زائداً واحداً، كان رأياً «قدّمه النائب كبارة في المؤتمر بمبادرة منه ووافقنا عليه بالإجماع نحن الأربعة (أعضاء التكتل، إضافة إلى النائبين موريس فاضل وقاسم عبد العزيز)، ولكن يظهر أن ضغوطاً مورست عليه فانقلب على ما سبق واقترحه وتبدلت مواقفه».

لكن كبارة ردّ على «المزايدات، تبياناً لحقيقة ما يطرح من تشكيك على لسان صديق وحليف، نفترض أنه ما زال حليفاً، حول مواضيع لم تعد من اهتمامات المواطن اليوم، ولا ندري أين البراءة في ترويج شائعات لا علاقة لها بالوقائع».

ومع أن كبارة أشار إلى أنه «لسنا بحاجة للرد على هذا الادعاء الذي يعرف الحليف نفسه أن الحقيقة هي عكس ما قاله تماماً»، فقد أوضح أنه «لا بد من التذكير بالنص الحرفي للمعادلة التي طرحت في المؤتمر، والتي شكّلت سلة متكاملة لإيجاد حل يوازن في الربط بين نصاب الثلثين لانتخاب رئيس الجمهورية آنذاك، وانتخاب الرئيس ضمن المهلة الدستورية، شرط التزام الجميع المشاركة في جلسات الانتخاب وعدم المقاطعة أو الاستقالة، وتأليف حكومة وحدة وطنية، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة»، مؤكداً أن الاقتراح الذي قُدّم هو «مشروع حل متكامل لا يمكن تجزئته، أو التشبث ببند واحد منه على حساب البنود الأخرى».

ورغم أن سجال الرجلين توقف عند هذا الحد، محافظين على شعرة معاوية بينهما، فقد حرصت مصادر مقربة من الصفدي على التأكيد لـ«الأخبار» أن علاقته مع كبارة «إيجابية على الصعيد الشخصي، والمودة بينهما قائمة نتيجة 10 سنين من التعاون بينهما، وقد التقيا في الفترة الأخيرة في مناسبات خاصة، فالخلاف السياسي لا يفسد الود».

غير أن أوساط الصفدي لمحت إلى أنه «إذا كان التكتل قد فرط سياسياً، والتحالف مع كبارة قد انتهى، فلا شيء يمنع التحالف معه انتخابياً، شرط أن يكون هذا التحالف ضمن ائتلاف انتخابي شامل».

غير أن أوساطاً سياسية طرابلسية متابعة رأت أن خلاف الصفدي ـــ كبارة «تفصيل بسيط في خلاف أكبر ناشب بين الصفدي وتيار المستقبل، ومن أزمة بنيوية عميقة بدأ التيار والحريري يعانيانها في طرابلس».

وأوضحت الأوساط لـ«الأخبار» أن الصفدي «رغم أنه أبقى قناة تواصل مع الحريري، مؤكداً استمرار تحالفه معه في معزل عن تحالفه مع تيار المستقبل (يصف الصفدي الحريري بأنه حليف جيد وصادق)، فإنه كرر أن التحالف الانتخابي له شروطه ومقوماته، وأبرزها التوافق على الأسماء، لأن الصفدي لن يقبل أن يُحسب كبارة عليه وإن تشاركا لائحة واحدة، أو حتى النائب موريس فاضل الذي اجتمع بالحريري في قريطم منذ مدة برفقة كبارة في زيارة لافتة، وهو قد يطرح أسماء أخرى، وعندما ستصل الأمور إلى حدود البحث في التفاصيل، فإن الشياطين ستخرج دفعة واحدة».

ولفتت الأوساط إلى أن التكتل «أوجد في طرابلس حيثية سياسية معينة، رغم مآخذ كثيرة عليه، وأعطاها هوية وثقلاً في المعادلة السياسية، وأن التحاق التكتل بالمستقبل سيفقده خصوصيته، ولأن مركزية القرار ستجوّف طرابلس سياسياً»، داعية إلى «إبقاء هذا التمايز قائماً بالتكتل أو بغيره، وضرورة وجود قيادة سياسية مستقلة في مدينة شكّلت دائماً ندّاً ومنافساً للعاصمة لا تابعاً لها، وتبوأت 7 شخصيات منها رئاسة الحكومة منذ الاستقلال (خير الدين الأحدب، عبد الحميد كرامي، سعدي المنلا، رشيد كرامي، أمين الحافظ، عمر كرامي ونجيب ميقاتي)». ونبّهت الأوساط إلى أن العلاقة مع طرابلس «ينبغي أن تكون بعيدة عن الاستهداف كما حصل مع الرئيس كرامي وغيره، والفوقية كما جرى مع ميقاتي والصفدي وسواهما، والتبعية كما هي الحال مع معظم النواب والوزراء، لأن علاقة كهذه سترتد سلباً على المستقبل، وقد برزت بوضوح في انتخابات نقابة المحامين، وفي الضمور التدريجي للالتفاف الشعبي حول الحريري الذي تكشّفت بعض ملامحه خلال زياراته الشمالية الأخيرة».