بين الزيت والزيتون.. والرحلة الطويلة للمزارعين مع المعاناة

مشاركة:

لا تكلّ ألسنة مزارعي الزيتون من تكرار ما يعانونه من تقصير الدولة بحقهم وصعوبة الحالة الاقتصادية وازدياد الضغوط المعيشية، وبالأخص هذا العام مع ارتفاع غير طبيعي للأسعار في جميع مرافق الاقتصاد.

ويحوز الجنوب من المعاناة حصة الأسد إن من جهة الدولة وإهمالها، أو من جهة العدو الصهيوني وقنابله العنقودية التي ما زالت تنتشر على مساحات واسعة من أرضه.

وهكذا كلما حلّ موسم زيتون حلت معه الهموم، من تدني الاسعار الى قلة التصريف وغلاء اليد العاملة، ما يجعل هذا المزارع يصارع للبقاء والصمود في أرضه برغم كل ما يثقل كاهله.

هذا بعض ما قاله لنا ابو علي فرحات من بلدة عربصاليم المشهورة بزراعة نصوب الزيتون وكرومه، يضيف: ‘ان كلفة اليد العاملة تجاوزت للعامل الواحد في اليوم الـ30000 ألف ليرة، يضاف اليها ما تحتاجه نصوب الزيتون من أسمدة وأدوية، ما  يجعل الاستفادة من شجرة الزيتون تتقلص الى ما دون المستوى المطلوب هذا العام’.

يملك فرحات كرم زيتون بمساحة خمسة دونمات مزروعة بنحو 150 شجرة زيتون. ويشير الى أن ‘ناتج هذا الكرم لا يكفي تكلفة ما أضعه من أسمدة وحراثة وأجرة يد عاملة وأدوية’.

أما المزارع محمد نضر فيشير الى أن ‘أهم العوائق التي تعترض مزارعي الزيتون هو وجود القنابل العنقودية التي لا تزال موجودة في كروم الزيتون ومحيطها، وتقوم فرق نزع الالغام بمحاولة تفكيك وتفجير أكبر عدد منها حيث تنتشر في حقول واسعة، وهذا ما يخيف المزارعين من اصطحاب أولادهم وعائلاتهم لقطاف الزيتون، ويضطرهم الى استئجار عمال لديهم الوعي والخبرة الكافية لقطاف الموسم، وهو ما يكبدهم اعباء اضافية تفوق الانتاج’.

وأمام هذا الواقع فإن المزارع الجنوبي لا يجد من يمد له يد العون في تصريف الانتاج وتحديد سعر صفيحة الزيت بما يوازي أتعابه، يقول المزارع محمد منصور ان ‘سعر تنكة الزيت هذا العام وصل الى مئتي ألف ليرة، بينما لم يتجاوز سعر كيلو الزيتون الأربعة آلاف ليرة، وفي ظل الاوضاع المعيشية الصعبة، فإن ما ينتجه الزيتون لا يكاد يكفي لخدمة كرومه’.

يضيف: ‘وحتى أوفر أجرة اليد العاملة، نزلت مع اولادي الى كرم الزيتون للقيام بالقطاف، والمفاجأة انه في نهاية الكرم وجد الاولاد صاروخا من مخلفات العدوان الاسرائيلي في حرب تموز، غير منفجر، عندها  تركنا الحواش ورجعنا الى البيت. وقد أبلغنا الجهات المعنية بالأمر’. ولا يفوت منصور دعوة المواطنين إلى اخذ الحيطة والحذر.

في المعصرة حيث تتكوم حبوب الزيتون بانتظار أن تتحول الى زيت، يقول علي سميح سعادة صاحب المعصرة ان ‘الموسم هذا العام جيد نسبيا بالنسبة الى الزيت’، ويشير الى تفاوت بنسبة انتاج الزيت بين حقل وحقل آخر، فهناك مثلاً ارض تعطي من مئة كيلو زيتون تنكة زيت، وارض من 50 كيلو زيتون تعطي تنكة زيت، اما سعر عصر الزيتون فيتراوح بين 1000 و1500 ليرة على كل كيلو زيت، فإما يدفع نقدا او بقيمتهم من الزيت’.

رئيس التعاونية الزراعية في عربصاليم المهندس الزراعي قاسم حسن  قال ان ‘الدولة بعيدة كل البعد عن مزارعي الزيتون، فلا دعم لهم ولا تقديم يد العون على جميع الأصعدة، فلا تقديمات على صعيد الادوية لمعالجة آفات وأمراض الزيتون ولا تصريف لإنتاجهم، وان تم تصريفه يتم بأسعار لا توازي تعب المزارع’. ويحذر المهندس حسن من ‘الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعاني منه اللبنانيون والذي يؤدي في بعض الاحيان الى قيام المزارع بقص اشجاره من الزيتون ليقي عائلته برد الشتاء بسبب الغلاء والحالة الاقتصادية المتردية’.

وعند سؤالنا له عن تقديمات التعاونية الزراعية للمزارعين قال: ‘التعاونية تقوم بتقديم بعض الارشادات عبر ندوات يشارك فيها مختصون، وبعض المواد العينية والادوية’. ودعا الدولة الى ‘دعم زراعة الزيتون التي هي من أقدم الزراعات المنتجة والمفيدة’.