طـرق المـوت البقاعيـة مـن دون جسـور مشـاة

مشاركة:

من الهرمل إلى زحلة قصدت الطالبة الجامعية ل. مرتضى العلم. وبحافلة صغيرة كانت تستقلها يومياً قطعت ابنة التسعة عشر عاماً كل تلك المسافات لتصل إلى حتفها.

ففي سنتها الجامعية الأولى خرجت مرتضى من منزل ذويها في الهرمل إلى كليتها في زحلة ولم تعد إلا جثة هامدة بعدما صدمتها سيارة وهي تقطع الطريق للوصول إلى الحرم الجامعي.

أصرت أم الضحية الصبية على تشييع بكرها بالأبيض. وهل أجمل منه لعروس كقلب الصبح وجامعية ايضاً. ليست مرتضى الأولى ولم تكن الأخيرة. لقد سبقها على طرق الموت البقاعية أكثر من ثلاثين ضحية صدما وعشرات الجرحى وفق إحصاءات الطلاب وبلدية زحلة.

وتحافظ طرق البقاع »بنجاح كبير«، بشهادة ودعم المديرية العامة لصيانة الطرق والمباني في وزارة الاشغال،على موقعها المتصدر لخارطة الطرق الأكثر خطورة وزهقاً للأرواح البشرية. وبتصدرها للمخاطر »استحقت« لقب »طرق الموت« من دون منازع، ولا سيما إثر مراوحة إنشاء جسور للمشاة على طول الطريق الرئيسية الممتدة من شتورا الى نهاية اوتوستراد زحلة ما بين وزارة الأشغال ومجلس الإنماء والاعمار.

تكفي جولة على الطريق الرئيسية في قضاء زحلة، وتحديدا على اوتوستراد عروس البقاع، لتطالعك حوادث الصدم التي تنتظر المواطنين عامة وطلاب الجامعة اللبنانية في كسارة خاصة. فعلى هذه الطريق عينها لقي أكثر من طالب وطالبة حتفهم فخرجوا من الحياة بدلا من التخرج إليها. وعليه، حصد »معبر الموت السريع«،كما يسميه الطلاب، وفق إحصائية الجامعات وبلدية زحلة، أكثر من ثلاثين قتيلا وعشرات الجرحى.

بكل خوف واستحضار لصور حوادث الصدم التي تعرض لها رفاقها، تروي لمياء منذر، الطالبة في كلية الآداب، مأساتها اليومية خلال تجاوزها الطريق الرئيسية عند اوتوستراد زحلة من جهة الى أخرى. تنتظر والدة لمياء اتصالا يومياً من صبيتها يطمئنها إلى سلامة وصولها.

لم تترك لمياء ورفاقها، على اختلاف مشاربهم السياسية، مناسبة، والا رفعوا الصوت، محتجين على التسيب والاهمال الناتجين عن عدم وجود جسور للمشاة على طريق زحلة السريعة، الا ان نضالهم المشبع بدماء زملائهم الضحايا من أبناء الجامعة اللبنانية في البقاع وفقراء الضمان الاجتماعي لم يلق الصدى المطلوب لدى من يعنيهم الامر وتحديدا لدى مجلس الانماء والاعمار ووزارة الاشغال اللذين يتقاذفان المسؤولية حول انشاء جسور المشاة في البقاع.

وبالإضافة إلى ضحايا معبر الجامعة، تقول أرقام احصاء بلدية زحلة ـ المعلقة، على لسان رئيسها المهندس اسعد زغيب، ان »هناك ثلاثة عشر قتيلا بينهم اطفال، قضوا وهم يعبرون الطريق، عند مفرق المدينة الصناعية في حي السيدة في المنطقة«.

منذ أكثر من سنتين، تقدم زغيب بطلب الى وزارة الاشغال العامة يتضمن الضرورة القصوى والملحة لتنفيذ خمسة جسور للمشاة تقع على اوتوستراد زحلة. يجب تركيز الجسور، وفق طلب زغيب، عند مدخلي كليتي الحقوق والعلوم السياسية والآداب، وآخر عند مركز الضمان الاجتماعي، وثالث عند حي السيدة مدخل المدينة الصناعية، والجسر الخامس قبالة جامعة الروح القدس. وارفق الطلب باعداد الضحايا، نتيجة لغياب جسور للمشاة .

لم توافق الوزارة الا على جسر واحد، سينفذ من حساب بلدية زحلة ـ المعلقة والاجراءات على قدم وساق من اجل التلزيم وبدء التنفيذ.

اختارت بلدية زحلة موقع حي السيدة، لاقامة جسر للمشاة، لوضع حد لاستنزاف الارواح البشرية، وفق ما يقول زغيب الذي يؤشر الى ان البلدية جمعت خمسة وثلاثين الف دولار دعما من الكتلة الشعبية واحدى شركات التأمين للمساهمة في الاسراع في البناء على ان تتكفل البلدية بالمصاريف المتبقية كافة.

تمضي السنوات الجامعية ويسقط عشرات القتلى والجرحى نتيجة حوادث الصدم التي باتت شبه يومية على الطرق في البقاع الأوسط. يبدو أن ذلك كله لا يعني شيئا ولا يستوجب إنشاء جسور للمشاة.. هكذا بكل بساطة.