
مشاركة:
أما وقد حل موسم الأمطار، وبدأ الصقيع يتغلغل إلى زوايا الدور والبيوت، بات أهالي قضاء بنت جبيل، وهي منطقة معروفة ببرودة مناخها شتاء، مضطرين للبحث عن وسائل للتدفئة بكلفة معقولة.
وإذا كان للبعض اجتهاداته في ما يخص وسائل التدفئة من »جفت الزيتون او الغاز او التدفئة الكهربائية«، الا ان المازوت والحطب يعتبران الأكثر شعبية بين الأهالي لفعاليتهما، وإن كانت كلفتهما مرتفعة.
ويشير محمد درويش الى وجود ترابط بين أسعار السلعتين مبتكراً بورصته الخاصة، لذا »فإن انخفض سعر قنطار الحطب انخفض سعر صفيحة المازوت وبالعكس«.
ووصل سعر نقلة الحطب الى حدود ٢٥٠ دولارا مع الارتفاع الكبير الذي اصاب برميل النفط إلا ان الثمن عاد وانخفض الى نحو ٢٥٠ الف ليرة.
ويشير احد العارفين ببورصة الاسعار وانواع الحطب الى ان هذه السلعة، كما بقية السلع، ترتبط بالعرض والطلب، لكن أيضا بانواع الحطب المتوفرة.
ويختلف سعر حطب السنديان وانواعه من الاشجار الصنوبرية مثلا عن سعر بقية الاشجار كالليمون وبينهما يأتي الزيتون واللوز وانواع الاشجار المثمرة، ويعتبر الرجل أن التدفئة على الحطب هي افضل من الناحية العملية لذلك فهناك قسم كبير من العائلات يفضل الحطب مهما كان سعر المازوت.
ويقول أمين دباجة »أبو يوسف« إنه لا يستبدل الحطب بأي خيار آخر مهما كان سعره. وعلى امتداد العام، يجمع أبو يوسف مستعينا بسيارته الصغيرة ويقوم بعد ذلك بتوضيب ما تيسر له وتقطيعه وتوضيبه في مخزنه الذي بات يتسع لمؤنة عامين من الحطب تحسبا لأي طارئ.
وما زاد الطلب على الحطب، وجود أنواع مغشوشة من المازوت جرى خلطها بمواد نفطية أقل كلفة كمادة »التنر«، أو حتى البنزين في فترة ما، ما ادى الى وقوع عدد من الاصابات نتيجة تحولها إلى مادة اشتعال سريعة. وقد انتشرت هذه الطريقةو بالغش بشكل أساسي في المازوت المهرب نتيجة عدم خضوعه لاي مراقبة رسمية.
اما مصادر الحطب، فهي نوعان بحسب الخبير، أولها الاحراج، لا سيما المحترقة منها بشكل طبيعي او عن عمد. ولأن التحطيب من الأحراج يحتاج للتخفي عن أعين الاجهزة الرسمية، يلجأ أهالي بنت جبيل الى مناطق اخرى لا سيما تلك الجبلية.
أما المصدر الثاني للحطب فهو الأملاك الخاصة حيث الاشجار المثمرة أساسا وهي تقع بمعظمها في المناطق الساحلية حيث يتم استبدال اشجار الليمون بانواع اخرى وخاصة الموز الاكثر ربحا.
يضيف التاجر الجنوبي أن الكمية المطروحة في السوق محدودة جداً قياسا مع ارتفاع الطلب. وتعود أسباب هذا النقص الحاصل، كما يقول، إلى جملة أسباب اهمها: »عدم توفر الاشجار لقطعها مع التضييق الحاصل من قبل القوى الامنية والبلديات، بالإضافة إلى صعوبة نقلها من مكان إلى آخر«.
ويشير «التاجر» إلى أن مصادره الآن »تنحصر في بساتين الليمون التي يرغب أصحابها بقطعها، أو بعض الأشجار التي تقطع في القرى لأسباب مختلفة كشق الطرقات والبناء وغير ذلك«.
اما من لا يملك القدرة على الشراء فإن عليه ان يعود بضعة عقود الى الوراء لا سيما الى زمن »التحطيب« ليلملم ما تقع عليه يداه من انواع الاخشاب اليابسة والخضراء.
ويشير عادل دياب الى »اننا نبحث عن اي شيء يمكن اشعاله من الاخشاب والحطب وبقايا الاثاث القديم وجفت الزيتون«.
ومع تزايد الازمات الاقتصادية يرجح ان تتوسع بعض خيارات التدفئة الاضطرارية والمضرة بالصحة من قبيل اشعال المواد البلاستيكية او اللجوء الى الفحم وحتى حرق زيت السيارات المحروق المضاف الى المازوت.