المداهمات تنطلق في عين الحلوة بحثاً عن عوض ورفاقه

مشاركة:

استعاد اللبنانيون هذه السنة الأجواء الاستقلالية التي نغّصتها مرارة الأحداث والتعقيدات الأمنية والسياسية على مدى السنوات الثلاث الأخيرة،

غير أن الأمن ظلّل الذكرى الخامسة والستين لاستقلال لبنان، وعبّرت عن ذلك مواقف أهل السياسة في المناسبة، كما التطورات الميدانية، خصوصا على خط مواجهة »الإرهاب« وخلاياه المنتشرة في معظم المناطق اللبنانية تقريبا.

ويستعيد وسط العاصمة وساحة الشهداء في قلبه، رونقه اليوم، مع العرض العسكري التقليدي، برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي كسر الإطلالة التقليدية عشية العيد وأعطاها معنى مستقبليا، عندما قرر مخاطبة اللبنانيين والعالم من خلال حواره المفتوح في القصر الجمهوري مع جيل الشباب.

وقد اختتم رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون زيارته الرسمية الحافلة بلقاء مع مجموعة من »أصدقاء فرنسا« في قصر الصنوبر، معربا عن ارتياحه للأوضاع في لبنان سياسيا وأمنيا وكذلك ارتياحه لمسار تطور العلاقات اللبنانية السورية، مشيدا بتنفيذ الالتزامات السورية في لبنان، مشددا على وجوب بذل مساع حثيثة للتقريب بين دمشق والرياض، ملاحظا أن الجيش اللبناني يحتاج الى »المزيد من الأسلحة والذخائر«، مشيرا الى ما ينتظر المنطقة من تطورات في الساحتين الفلسطينية والاسرائيلية، حيث توقع أن تفوز زعيمة حزب »كاديما« تسيبي ليفني في الانتخابات المبكرة على الرغم من كل استطلاعات الرأي والتقديرات التي تعطي الأرجحة لبنيامين نتنياهو..

في هذه الأثناء، كانت التطورات في مخيم عين الحلوة تتخذ منحى تصاعديا، وتعبر في الوقت نفسه، عن تعامل جدي من قبل جميع القوى في المخيم مع قضية المطلوبين للعدالة اللبنانية، حيث بادرت قوة أمنية اسلامية على رأسها أمير »عصبة الأنصار« أبو طارق السعدي، خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، بتنفيذ سلسلة مداهمات في بعض الأماكن التي يشتبه بأن يكون أمير »فتح الإسلام« عبد الرحمن عوض قد لجأ اليها في المخيم، وتزامن ذلك مع اجتماعات تنسيقية متتالية بين القوى الاسلامية نفسها وبينها وبين حركة »فتح«، فيما كان امام »مسجد القدس« في صيدا الشيخ ماهر حمود يواصل جهوده الماراتونية الحثيثة داخل المخيم وخارجه، بعيدا عن الاضواء الإعلامية.

وبعدما رفعت القوى الفلسطينية وفعاليات المخيم وعائلاته الغطاء عن المطلوبين وعلى رأسهم عوض، جاءت الزيارة التي قام بها وفد من عشيرة عوض الى مديرية المخابرات في قيادة الجيش اللبناني، أمس، بمثابة تتويج للمواقف التي تصر على اعتبار هذه الظاهرة غريبة ولا تمت بصلة الى تقاليد المخيم، وبالتالي، يفترض أن يتم التعبير عنها في الساعات المقبلة، ببيان تعلنه العشيرة وتعلن فيه براءتها من عوض.

وفي الوقت نفسه، يسعى رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب اسامة سعد الى عقد اجتماع لبناني فلسطيني موسع من أجل رفع الغطاء عن المطلوبين، فيما تواصل اللجان مساعيها الهادفة الى عقد مؤتمر شعبي عام للغاية نفسها من المتوقع أن يدعى اليه أكثر من ألف شخص من فعاليات المخيم.

الى ذلك، اطل الأمن مجددا من نافذة الشمال، حيث وقع اشكال امني بين الجيش اللبناني ومسلحين في باب التبانة، اوقع قتيلا وستة جرحى، وطرح العديد من علامات الاستفهام، سواء من حيث حصوله عشية عيد الاستقلال، او حول وقوعه في منطقة التبانة، وهي اصلا تعيش وضعا امنيا دقيقا، او حول مداه، وتزامنه مع التطورات المتسارعة في عين الحلوة.

وقد تعددت الروايات حول الحادث، فيما دخلت بعض القوى مباشرة على خط الاستثمار السياسي والانتخابي، لالقاء المسؤولية على الجيش وللمطالبة بلجنة تحقيق حيادية. لكن مصدرا عسكريا بارزا ابلغ »السفير« »ان جوهر القضية هو ان الجيش تعرّض ليل السبت الماضي للاعتداء بالنار من قبل احد المطلوبين ويدعى (ش. ع.) خلال محاولة توقيفه قبل أن يفرّ الى جهة مجهولة. وعند الساعة السادسة الا ربعا من صباح أمس، قامت دورية عسكرية بمداهمة منزله في شارع سوريا لكن الاخير تمكن من الفرار مجددا الى جهة مجهولة، وخلال عمليات التفتيش صودف مرور سيارة من نوع رينو ١٨ بداخلها ثلاثة أشخاص، فطلب عناصر الجيش منها التوقف أمام مدخل بعل الدراويش، لكن السائق لم يمتثل للأوامر فأطلق عناصر من الدورية النار عليها فأصيب كل من: محمد احمد عكاري، عمر عبد الفتاح اللهباوي، ويوسف محمد العلي (إصابته حرجة جدا).

وقد حاول عناصر الدورية توقيف الأشخاص الثلاثة المصابين ومصادرة السيارة، فتدخل عدد من شبان الحي وحالوا دون ذلك، وسارعوا الى قطع الطريق بمستوعبات النفايات والاطارات المشتعلة التي أدت الى احتراق السيارة بالكامل، فيما عملت ثلاث سيارات على نقل الجرحى الى المستشفى الاسلامي، ثم نقل الجريح العلي الى مستشفى السيدة في زغرتا.

وقد ادى الاشكال الى توتر شديد حيث عمل الشبان المعترضون على توسيع دائرة الاحتجاج وصولا الى الاوتوستراد الرئيسي حيث قطعوا الطريق من الجهتين، وحين تدخل عناصر الجيش لفتح الطريق قام المعترضون برشقهم بالحجارة وجرى تدافع بين الطرفين انتهى بإطلاق النار ، فقتل المواطن أحمد الزعبي على الفور، وجرح كل من محمد سليم الحلوة (الملقب بـ»أبو دعاس«) وابنه زكريا الحلوة وعواطف الأفيوني ونقلوا جميعا الى المستشفى الاسلامي.

في غضون ذلك بدأت الاتصالات تجري على اكثر من صعيد لتهدئة الاوضاع وإعادة الامور الى طبيعتها، وقد تلقى الأهالي وعدا قاطعا من قبل عدد من المسؤولين السياسيين بفتح تحقيق موسع بما جرى، ما ادى الى تهدئة النفوس وسمح بإعادة فتح كل الطرقات.

ورفض مصدر عسكري التعليق على مواقف نواب »تيار المستقبل« وقال ان »من يطلق النار على الجيش لا يمكن للجيش ان يرد عليه بالورد، وعندما يتعرض الجيش للاعتداء، اقل واجبه ان يرد الاعتداء ويلاحق المعتدين. وفي أي حال، الجيش مسؤول في كل اماكن انتشاره عن امن الناس، وعن حماية أفراده. ومن يتعد على الجيش، ويحاول منعه من أداء مهمته هذه، سيرد عليه بقوة وحزم، وعلى هذا الاساس كان الرد في الشمال«.

سليمان: الانتقال من اللاسلطة إلى الدولة

وعشية ذكرى الاستقلال وجّه الرئيس ميشال سليمان »رسالة الاستقلال الاولى« في عهده الى اللبنانيين ودعا فيها »الى البدء في ورشة الاعمار للانتقال من واقع اللا سلطة الى واقع الدولة وإلى أن تكون تضحيات اللبنانيين من أجل إعادة بناء الدولة الجامعة، القادرة والعادلة، بعيداً عن التجاذبات والمحسوبيات«، ولاحظ »ان اللبنانيين احتفلوا عام ١٩٤٣ باستقلال الدولة، وسعوا في الستينيات إلى بناء دولة الاستقلال، وكادوا يقعون بعد عقد من الزمن، في شرك استقلال الدويلات«. وأكد أن الحكمة والاعتدال وجه من وجوه البطولة.

ودعا سليمان في خطاب طغت عليه اللهجة الشهابية، الشعب اللبناني »وعلى رأسه فريق الشباب الى مساءلة ومحاسبة المسؤولين«، مشيراً الى اننا نعيش في نظام ديموقراطي »يسمح بإجراء مثل هذه المساءلة والمحاسبة«. كما دعاه الى »أن يوصل إلى المجلس النيابي من يأتمنه على أمنه وإنمائه وهناء عيشه ومصيره، ومن يمكنه أن يخدم بالصورة الفضلى مقاصد الاستقلال ومراميه« (راجع ص ٣).

بري: ألف شخص بـ٣ ملايين دولار

بدوره، رأى رئيس المجلس النيابي نبيه بري ان التغيير في لبنان يبدأ »عندما يصبح ارتباط المواطن مباشرة بوطنه لا عبر الطائفة«، واعلن خلال »جلسة شبابية حوارية« في المجلس النيابي، امس، انه يؤيد قانونا انتخابيا يجمع ولا يفرّق ودعا الى القبول بالمعقول لننتقل الى التغيير.

وتوقع بري »الا تكون النتائج في الانتخابات المقبلة بفارق كبير لصالح هذا الفريق أو ذاك، وعلى الأكثر سيكون (الفارق) مقعدا أو مقعدين أو ثلاثة كحد أقصى، بين الفريقين، وبالتالي فإن اللبنانيين ملزمون مجددا بأن يعودوا للتوافق بين بعضهم البعض«.

وأكد موقفه المؤيد تخفيض سن الاقتراع الى ١٨ سنة، وانتقد توزيع المال الانتخابي، مشيرا الى محاولات لاستئجار طائرات منذ الآن لتقل ناخبين من البرازيل وأميركا والباراغواي وغيرها وغيرها.. »لكي يدلوا بأصواتهم هنا، كل الف شخص يكلفون حوالى ثلاثة ملايين دولار«.

جلسة خلوية غداً

الى ذلك، وفيما يعقد مجلس النواب جلسة تشريعية عامة الاربعاء المقبل، من المقرر ان يعقد مجلس الوزراء »جلسة خلوية« مساء غد الاحد، مخصصة لمواكبة تنفيذ قرار مجلس الوزراء الأخير المتعلق بموضوع الهاتف الخلوي.

وعلم ان الجلسة ستبحث في المستجدات حول الكتاب الذي وجهته شركة »ام. تي. سي« الى وزارة الاتصالات قبل يومين، والذي ضمنته رفضها القبول بتشغيل الشبكة التي تديرها لمدة شهرين، مطالبة بأن يكون التمديد لسنة على الاقل، وإلا فلتتسلم الدولة اللبنانية الشبكة اعتبارا من تاريخ انتهاء العقد في الثلاثين من الشهر الجاري.

وعلم ايضا ان مجلس الوزراء سيبحث في الاتصالات التي اجراها بعض المسؤولين في الحكومة مع الشركة المذكورة للقبول بالتشغيل لمدة شهرين، في انتظار ان يجري استدراج العروض الذي تقرر في مجلس الوزراء وكلف وزير الاتصالات جبران باسيل القيام بتنفيذه. وفي الاطار ذاته، اجرى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة اتصالات برئيس شركة »ام. تي. سي« سعد البراك لاقناعه بسحب كتاب رفض التشغيل المؤقت لمدة شهرين، واستبداله بكتاب آخر.

وعلم ان وزير الاتصالات سيطلع مجلس الوزراء على نتائج التحضيرات لتولي الوزارة ادارة الشبكة الاولى التي تخلت عنها شركة »الفا« التي تعاني مشكلات خاصة، ادارية وغير ادارية ابرزها تخلي المساهم الالماني عن مسؤوليته في تغطية الشركة، وثمة مشكلة اخرى تكمن في مطالبتها بزيادة بدلات التشغيل.