
مشاركة:
تكاد الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان تُختصر بشخص واحد
تتركز عليه الأعين وتنصبّ عليه السهام والسيوف معاً ، هو العماد ميشال عون ، الجنرال المشاغب، الذي يقلق راحة الكثيرين ، داخل الحكم وخارجه ، وداخل لبنان وخارجه.
وبناء عليه ليس غريباً ان يتعرض الجنرال لكل هذه الحملة العنيفة ، وكان آخرها من النائب وليد جنبلاط الموجود في الولايات المتحدة ، والذي أسبغ عليه أوصافا عدة ، وقال فيه ان فوزنا في الانتخابات هو لحماية لبنان من العسكريين الفاشلين ، جنرالات الصدفة ، الذين لا يستحقون بالكاد رتبة رقيب ، ويقترحون على طاولة الحوار أفكاراً مجنونة….
بالتأكيد ان الجنرال الجالس سعيدا في معقله في الرابية، يبتسم كل صباح عندما يقرأ الصحف، ويجد انه الموضوع الأول فيها، لكثرة الخصوم الذين يرشقونه بسهام لا تقتله، بل يعتقد انها تقوّيه، ولسان حاله يقول: وصرت اذا اصابتني سهام.. تكسرت النصال على النصال.
في نظر الخصوم، خاصة المسيحيين منهم، ارتكب الجنرال كبائر لا تغتفر. كسر الكثير من المحرمات المسيحية التقليدية:
– خرج عن طوع المرجعية الروحية التاريخية التي تمثلها بكركي، وأضعف دور الكنيسة التي يتغطى بها الساسة المسيحيون في مواجهة خصومهم في الداخل والخارج.
– تعاون مع منظمة يصنفها الغرب ارهابية، وتفاهم معها على مبادئ من خارج اللعبة التقليدية التي يقوم عليها النظام الطائفي المحاصصي، ووقف معها في اكبر هجمة عليها، فيما ينتظر الآخرون فناءها باعتبارها مؤسسة تعمل خارج أطر السيادة والحرية والاستقلال، فأمّن لها غطاء مسيحياً واسعاً، ما جنبها العزلة والاختناق والذهاب بعيداً في مواقف يعتقد الآخر انه كان يمكنه الاستفادة من اخطائها.
– فتح قنوات على دول صنفتها الادارة الاميركية في محور الشر، فزار ايران ويستعد لزيارة سوريا، مخالفاً ما يقال انه المزاج المسيحي العام، وفتح امام مسيحيي لبنان ابواباً مغلقة على الغرب وسياساته، ولم يتورع عن مهاجمة الولايات المتحدة التي ترعى ثورة الارز في لبنان.
– وقبل هذا وذاك وذلك، ما يزال الجنرال يشاغب داخل الحكومة وخارجها، ويتربع على قلوب أكثرية مسيحية لا ينافسه أحد فيها، أو هو على الأقل الزعيم المسيحي الأول بين شخصيات تبيّن الاستطلاعات انها دونه شعبية.
لكل هذه الاسباب وغيرها، ستكون المعركة الانتخابية لقوى الرابع عشر من آذار مع ميشال عون وحده، وستكون الحملة الانتخابية مركزة عليه، وسيتعرض خلال المرحلة المقبلة للمزيد من السهام.
فالموالاة تعرف جيداً، مثلما تعرف المعارضة، أن الكتل الخمس الكبرى في البرلمان يمثلها تيار المستقبل واللقاء الديموقراطي وحزب الله وحركة أمل وتكتل التغيير والاصلاح. فأما القوى الاربع الاولى فهي غير آيلة للاهتزاز الكبير كما تنبئ الاجواء والمعطيات.
وعليه فلتتركز الحملة على الجنرال عون وتكتله وتياره، لعل وعسى تنجح الحرب في تحقيق اختراق كبير يؤمن لمسيحيي ١٤ آذار الغلبة، او تفرز الانتخابات كتلة مسيحية مطعّمة تحسب على رئيس الجمهورية، وهو الفخ الذي ينصب للرئيس لضرب موقعه كحَكمٍ فوق الجميع. وفي كلتا الحالتين تُكسر شوكة الجنرال المشاغب، ومن ورائه المعارضة وحزبها القوي الذي كان وسيبقى الهدف الرئيسي للحروب السرية والمعلنة في هذا الوطن الصغير. فهل ينجح هذا التوجه ام تقول الصناديق كلمتها لمصلحة الجنرال؟
في كل الاحوال، سئل سعيد عقل ذات يوم: لماذا لم تدخن (السيجارة) ولم تشرب الكحول في حياتك؟ فقال: كل الناس تدخن وتشرب.. وانا لا أحب المشاع! والجنرال عون على دين سعيد عقل، لا يحب المشاع. وسيظل مشاغبا على ما يراه باطلاً، حتى ولو بقي وحيدا!