
مشاركة:
نجحت المعارضة في تحقيق انتصارين متتاليين في انتخابات نقابة المحامين في بيروت،
أوّلهما بنيل مرشّحها جورج نخلة أعلى معدل من الأصوات، فحلّ في المرتبة الأولى متقدّماً على المرشّحين المستقلين اللذين استندت قوى 14 آذار/مارس إلى وجودهما ضمن لائحتها لضمان تصويت المستقلين لها، وهما اندريه شدياق وفريد الخوري المعروفان بمهنيتهما واستقلاليتهما، وخصوصاً شدياق الذي كان ضمن لائحة المعارضة في انتخابات العام 2007 وخسر بفارق ضئيل من الأصوات، ونال أصواتاً من المعارضة قبل 14 آذار/مارس لشعبيته وقربه من الناس.
وثاني هذين الانتصارين تمثّل في تفوّق المعارضة على الطائفية السياسية التي تنخر عظام لبنان، حيث سعت إلى تثبيت العيش المشترك والوحدة الوطنية، بانسحاب عضو مجلس النقابة المحامي جورج بارود المنتمي إلى التيّار الوطني الحرّ لمصلحة مرشّح المعارضة الآخر وحركة أمل المحامي حسين زبيب الذي حصل على مركز رديف أيّ الخامس في الترتيب، فدخل عضواً إلى المجلس لإكمال السنة الواحدة المتبقيّة من عمر ولاية بارود، وبذلك تكون حركة أمل قد تمثّلت للمرّة الأولى في تاريخ النقابة بعد إخفاقات عديدة لأسباب مختلفة سياسية وطائفية.
ومن المعروف أنّ هناك ميثاق شرف بين المحامين وقّعوه في العام 1991، ويقضي بالترفّع عن الحساسية الطائفية والمذهبية، والعمل على تمثيل جميع الطوائف والعائلات في لبنان في مجلس النقابة.
وقد غطّت مبادرة التيّار الوطني الحرّ وبارود على نتائج الانتخابات برمّتها وصارت حديث المحامين الذين قابلوها بالتصفيق الحار والتشجيع والهتافات باستثناء قوى 14 آذار/مارس التي سارعت إلى تعكير انتصار الوحدة الوطنية بعقد اجتماع عاجل واستثنائي في مقرّ حزب الكتائب أصدرت في نهايته بياناً زعمت فيه بأنّها هي التي انتصرت في هذه الانتخابات، بينما الحقيقة أنّها سعت إلى التعمية على مبادرة ‘العونيين’ بانسحاب بارود، باعتبار أنّ العرف المنتشر في النقابة ينصّ على أن ينسحب المرشح الذي يحلّ في المرتبة الرابعة إذا كان جميع الفائزين من المسيحيين، وذلك لمصلحة مرشح مسلم إذا حلّ في مركز الرديف، وبما أنّ مرشح الكتائب جورج اسطفان جاء رابعاً، وهو الحزبي الوحيد على لائحة 14 آذار/مارس المقفلة فكان من المستحيل أنْ ينسحب لمصلحة مرشّح حركة أمل الشيعي زبيب، ولكنّه لو فعلها لكسر الجليد السياسي القائم بين الفريقين ولردها له المحامون الشيعة في دورة انتخابات العام 2009.
وتردّد في أروقة نقابة المحامين أنّ رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميل عارض انسحاب اسطفان لمصلحة مرشّح الرئيس نبيه بري.
وهذه ليست المرّة الأولى التي تستنكف فيها قوى 14 آذار عن تحقيق الوحدة الوطنية والنصاب الوطني الجامع في مجلس نقابة المحامين، إذ سبق لها في العام 2006 أن تمنّعت عن تأمين الفوز لمرشّح رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط المحامي بسام الحلبي الذي كان ضمن لائحتها فحلّ رديفاً ولم يقو أحد من أعضاء المجلس المنتمين إلى أحزاب 14 آذار/مارس على اتخاذ خطوة شجاعة بالانسحاب لمصلحة الحلبي لكي تتمثّل الطائفة الدرزية داخل المجلس ما أزعج جنبلاط وأثار اشمئزازه.
وتكشف مصادر مطلعة في قطاع المحامين في 14 آذار، أنّ التعامل الفوقي لمسيحيي 14 آذار/مارس لم يتوقّف مع المرشّحين المدعومين من جنبلاط على لوائحهم الانتخابية، إذ تكرّر سيناريو الامتناع عن التصويت لمرشّحه المحامي الشيعي ناجي ياغي شقيق نائب رئيس الحزب التقدمي دريد ياغي، وأكثر من ذلك فإنّ حزب الكتائب أجرى اتصالات مكثّفة برئيس تيّار المستقبل النائب سعد الدين الحريري للضغط على جنبلاط لسحب ياغي بداعي أنّه يأخذ من اللائحة ولا يعطيها، فما كان من الحريري إلا أنّ اتصل بجنبلاط الموجود في مدينة لوس انجلوس الأميركية وأبلغه بقرار الكتائب، فطلب الأخير من ياغي الانسحاب، وهذا ما أحدث تململاً في صفوف محامي الحزب الاشتراكي الذين رفضوا، على قلّتهم، التصويت لمن حلّ مكان ياغي، المحامية أسما داغر حمادة، واتبعوا أسلوب النكاية بالاقتراع لمصلحة مرشّح حركة أمل المحامي زبيب، وذلك بغية زيادة التقريب السياسي القائم بين جنبلاط وبري، وبالتالي بين الاشتراكي وأمل.
وأكثر من ذلك تسأل مصادر نقابية هل كان مرشّح الكتائب مستعداً للانسحاب لمصلحة المحامية أسما حمادة لو حلّت في مركز الرديف، على غرار ما فعلت المعارضة مع زبيب، أم أنّ السيناريو الذي اتبع مع الحلبي قبل عامين كان سيتكرّر؟.
وجهدت قوى 14 آذار/مارس للثأر لخسارتها منصب النقيب في انتخابات محامي الشمال في مطلع شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2008 حيث فاز النقيب أنطوان عيروت المحسوب على تيّار المردة والمعارضة، وآلت على نفسها التعويض، ولذلك جيّشت محاميها، وتحسّبت لكلّ المفاجآت إلاّ مفاجأة بارود التي ضربتها في صميمها وأذهلتها، لأنّها وهي التي تدعي الحرص على الوحدة الوطنية لم تعمل لتحقيق هذه الوحدة. وتردّد في صفوف المحامين خلال مجريات العملية الانتخابية يوم الأحد في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2008، أنّ المسؤولين في تيّار ‘المستقبل’ نادر الحريري وسمير ضومط كانا يديران العملية الانتخابية من مبنى ‘الأوليفيتي’ الكائن مقابل قصر عدل بيروت.
وشاركت أحزاب وقوى المعارضة بفاعلية في هذه الانتخابات حيث استقرّ محامو التيّار الوطني الحرّ في إحدى قاعات المحاكم المنتشرة في قاعة ‘الخطى الضائعة’ في العدلية، وكذلك فعل محامو أمل الذين وقف إلى جانبهم محامو حزب الله والشيوعي والقومي السوري الاجتماعي واللبناني الديمقراطي، وكانت أجهزة الكومبيوترات حاضرة بقوّة في إنجاز عملية الفرز قبل صدورها رسمياً على شاشة عملاقة وضعت خصوصاً في القاعة المذكورة حيث كان المندوبون يتهافتون على تزويد الماكينات الانتخابية بمجموع كلّ صندوق من الصناديق الثلاثين لإحصائها، فعرفت المعارضة باكتساح مرشّحها جورج نخلة، والتزمت 14 آذار/مارس الصمت المطبق ولم تأت بأيّ حركة حيث بدت مصدومة، ولذلك قامت بمناورتها بعقد اجتماعها في بيت الكتائب للالتفاف على انتصار المعارضة الذي أكّدته النتائج النهائية التي أعلنها النقيب رمزي جريج وجاءت على الشكل التالي:
جورج نخلة 1945 صوتاً، اندريه شدياق 1833 صوتاً، فريد الخوري 1753 صوتاً، جورج اسطفان 1695 صوتاً، حسين زبيب 1486 صوتاً، أسما داغر حمادة 1176 صوتاً، باسكال قزي 782 صوتاً، طارق الخطيب 697 صوتاً، زياد حمادة 565 صوتاً، ليلى بو زيد 505 أصوات، جاد خليل 453 صوتاً.