العمّال يستعجلون القانون والحكومة تماطل والنوّاب للدراسة وأرباب العمل خائفون من الفاتورة: قانون ضمان الشيخوخة لم يبلغ سن

مشاركة:

بعد عامين من النقاش عاد مشروع قانون ضمان الشيخوخة ليشكّل مادة للجدل بين مثلّث الحكومة والاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية،

ولم تتفق اللجان النيابية المشتركة على صيغة نهائية للمشروع ولم تقرّر بعد مصيره بانتظار التوصل الى تسوية توفر مظلّة رعائية صحية للمواطن وتحفظ حقوق العمال وأصحاب العمل.

ولد مشروع قانون ضمان الشيخوخة بعد 45 عاماً من التدبير الموقّت لنشأة الضمان الاجتماعي بفروعه الاربعة، ويهدف الى الانتقال من الضمان الموقّت الذي يقدّم تعويضاً لنهاية الخدمة الى تحقيق الاستقرار التقاعدي من خلال تأمين الرعاية الاجتماعية بشكل عام والاستشفائية منها على وجه الخصوص ما يوفر حلاً للعمال الذين حصلوا على تعويض الصرف مع انتهاء خدماتهم (عند سن الـ64) من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وأصبحوا دون حماية صحية.

من يستفيد من هذا المشروع؟

فعلى الرغم من ان هذا المشروع يشمل الاشخاص المستفيدين من الضمان الاجتماعي، ويُخضع الزامياً لأحكام نظام التقاعد والحماية الاجتماعية الاشخاص الذين يدخلون العمل بعد تاريخ وضع هذا المشروع موضع التنفيذ، اضافة الى كل المضمونين المولودين بتاريخ 31/12/1969، الا أن التعدد في وجهات النظر أحال هذه النقاط الى المناقشة من جديد، ليترك الخيار أمام المواطنين الذين تجاوزوا سن الـ55 حرية الانتساب الى هذا المشروع او لا.

وينص مشروع القانون على إنشاء مؤسسة عامة جديدة مستقلة عن صندوق الضمان، وتتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والاداري. ويرى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب أمين شري أن هذا المشروع يجب ‘أن يكون جزءاً من الضمان ولا يلغي الفرع الرابع منه وهو تعويض نهاية الخدمة’.

ويطرح المشروع نظام تشكيل مجلس الادارة لهذه المؤسسة الجديدة على أن يقلّص العدد من 26 عضواً الى 12 عضواً ليحلّ التساوي بين الحكومة وأرباب العمل والعمال بمعدل 4 أعضاء من كل فئة، لتكون هذه النقطة أيضاً محط نقاش مع اللجان المشتركة، وهو نقاش انتهى الاتفاق على تسمية على 14 عضواً لمجلس الادارة يكون فيه للعمال 5 أعضاء ويحدد أرباب العمل 5 أعضاء ممثلين أيضاً، وتكتفي الحكومة بأربعة أعضاء.

وفي الوقت الذي ترى كتلة الوفاء للمقاومة في هذا المشروع رعاية اجتماعية ومعاشا تقاعديا ومستقبلا كريما خصوصاً للمواطنين الذين أصبحوا في سن متقدّمة ودون عمل أو ضمان يحمي حياتهم ومستقبلهم، كما انه يشكل حماية أساسية لليد العاملة اللبنانية، يرفض الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية في لبنان مشروع ضمان الشيخوخة الذي أقرّته اللجنة النيابية المشتركة بصيغته هذه، ويرى رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن في حديث لـ’الانتقاد’ ‘ضرورة مناقشة المشروع مع أصحاب المصلحة المعنيين، وهما الاتحاد العمالي وهيئات أصحاب العمل، لما يحمله من أخطار تنعكس على حقوق العمال وتعويضاتهم وبالتالي حماية ضماناتهم الاجتماعية عند ترك العمل أو بلوغهم السن القانونية’، ويرى غصن أن ‘ترك تحديد نسبة المعاشات التقاعدية لاحقاً بمراسيم تصدر عن مجلس الوزراء يحمل الكثير من الشبهة والغموض، ويطرح تساؤلات حول الغاية من هذا الاغفال المقصود’، مؤكداً أن ‘الامر الاساس لدى الاتحاد وبالتالي لدى فئات المضمونين، هو بالضبط هذه النسبة من الراتب الاخير عند التقاعد، والتي يجب أن يحددها القانون، اضافة الى غياب ضمانة الدولة عن المشروع الذي يجعل الفرع الجديد عرضة للانهيار في أية لحظة فور انتهاء مفاعيل النظام القائم على مساهمات المضمونين ليس الا، في ظل غياب قدرات اللجنة المالية على توظيف أموال الصندوق أو احتياطات فرع نهاية الخدمة في مشاريع ذات عائدات عالية أو مقبولة، في ظل الظروف الاقتصادية العالمية المهددة لكل صناديق التعاضد القائمة على صناديق الاستثمار وشركات التأمين’.

من جهتها ترى الهيئات الاقتصادية أن المشروع ذو سلبيات كبيرة، أهمها:

1. زيادة الاعباء على أصحاب العمل العاجزين عن تسديد مبالغ تسوية تعويضات نهاية الخدمة.

2. تحديد نسبة الاشتراك بـ17.25 في المئة، 12.25 في المئة منها على عاتق صاحب العمل، و5 في المئة على عاتق الاجير، لم يقترن بتحديد مماثل لقيمة المعاش التقاعدي، ما يؤدّي إلى كلفة كبيرة على صاحب العمل من دون تأمين العيش اللائق للأجير المتقاعد.

3.  لا يقدّم أي حماية للأموال المتراكمة ولا يعطيها صفة الديون الممتازة.

4.  يضع النظام الجديد تحت الوصاية، بدلاً من أن يكون خاضعاً لحاكمية مستقلة، ولرقابة مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف.

وعلى الرغم من كل الملاحظات التي قدمتها الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام يرى النائب شري ان ‘المشروع يحتاج الى نقاش هادئ من أجل الوصول الى ما يؤمن مصلحة الجميع، وتأمين هذا العامل بعد عمر الـ64 لأنه يخضع للعيش دون مظلّة صحية ولا سيما في ظل ارتفاع التكاليف الصحية على المواطن اللبناني’. ويأمل النائب أمين شري أن ‘تتوصل الاطراف الثلاثة، الحكومة وأرباب العمل والعمال الى نتيجة تؤدي الى تأمين حياة كريمة للمواطن’.

ويضيف شري: ‘حتى لو ان المنتسب الى المشروع بعنوان المعاش التقاعدي توفي فإن له خلفاء، والمقصود بهم الابناء والزوجة، فإنهم يستمرّون في الاستفادة من المشروع وهذا ما يضمن لهم الاستمرارية في التكافل الاجتماعي’.

ويبقى السؤال الاساسي، هل الانتساب الى ضمان الشيخوخة إلزامي أم اختياري؟

الجواب عند المواطن نفسه، ومدى تخطيطه لأمن مستقبله الصحي والاجتماعي؟

نبذة عن مشروع قانون ضمان الشيخوخة

بدأ الحديث عن ضمان الشيخوخة في مشروع القانون رقم 13760، الذي أقرّه مجلس الوزراء اللبناني في ولاية رئيس الجمهورية العماد إميل لحود ورئيس الحكومة عمر كرامي في العام 2004، وكانت قد توصلت إليه اللجنة النيابية الفرعية المنبثقة من اللجان النيابية المشتركة، بعد مناقشات مستفيضة بدأت منذ عام 2006، أدّت إلى «المزاوجة» بين المشروع الذي وضعته حكومة الرئيس عمر كرامي عام 2004، والاقتراح الذي تقدّمت به كتلة التغيير والاصلاح عام 2006  ليحمي العاجزين والمسنّين من التشرّد والعوز، ويوفّر لهم شيخوخة كريمة، ويهدف الى تعديل بعض أحكام قانون الضمان الاجتماعي وإنشاء نظام التقاعد والحماية الاجتماعية (ضمان الشيخوخة).