
مشاركة:
تراجعت حركة بيع الحلويات الشعبية في طرابلس، على نحو لافت، منذ حادثة التسمّم الشهيرة أواخر أيلول الماضي التي أودت بطفل في قرية السنديانة،
إضافةً إلى إصابة أكثر من 125 شخصاً في مناطق القبة وباب التبانة وباب الرمل في طرابلس وقرى عدة في عكار بعد تناولهم حلوى محلية شعبية.
وبموازاة هذا التراجع في الإقبال على هذه الأصناف المصنعة في طرابلس، سُجّل تراجع لحركة باعة هذه المأكولات باتجاه المناطق الريفية حسب الأهالي، حيث كانوا ينشطون في نقلها إلى هناك بواسطة «الفانات» في مثل هذه الأيام من السنة. الحلويات، وأبرزها الكاتو والهريسة ومعمول المد وجوز الهند وكعك التمر وأنواع السكاكر، خالية من أي إشارة تفيد المستهلك: فلا تاريخ للإنتاج أو لمدة الصلاحية أو تعليمات مثل وجوب وضعها في البراد… إلخ. هي بكل بساطة مغلفة داخل علب كرتونية أو خشبية بأكياس نايلون، لا بل إن بعضها عارٍ حتى من هذا الغلاف.
ومع أن معملَين في القبّة وباب التبّانة لصنع هذه الحلويات أُغلقا بالشمع الأحمر، بعدما ثبت تورطهما في التسمم إثر كشف قام به مراقبو مصلحة الصحّة في الشمال وقوى الأمن الداخلي، فإن تعتيماً كبيراً لا يزال يلف الموضوع لجهة مصير التحقيقات التي أجريت، وإطلاع الرأي العام على نتائجها، إضافة إلى الإجراءات التي اتخذت بحق أشخاص عرّضوا، عن قصد أو بسبب الإهمال، حياة أشخاص للخطر، وسبّبوا وفاة طفل.
ورغم التعتيم على الموضوع، وتكتم المعنيين على أي معلومات عنه، فإن مصادر طبّية متابعة أوضحت لـ«الأخبار» أن التسمّم نتج من جملة عوامل: الأول عدم حفظ حلوى «إكلير» بطريقة سليمة، وتبريدها أثناء نقلها بطريقة مناسبة حتى لا تفسد. والثاني استخدام بيض فاسد في صنعها، بعدما تبيّن أن أحد المعملين المصنّعين لها كان قد اشترى علب بيض بسعر بخس (1000 ليرة للعلبة!)؛ والثالث عدم وجود معايير نظافة في المعملين، ولو بحدها الأدنى، أثناء تصنيع هذه المأكولات، مترافقة مع غياب الرقابة الصحية عنها.
إلا أن المصادر الطبّية أضافت عاملاً رابعاً استقته من معلومات وتقارير صحّية اطلعت عليها، فكشفت لـ«الأخبار» أن «عملية رش مبيدات جرت داخل أحد المعملين في آخر رمضان، أي قبل حادثة التسمّم بأيام، وأن هذا التدبير لم يُتَّخَذ بالترافق مع الاحتياطات الصحّية اللازمة أو حتى ببعض الوعي، ما أوصل إلى النتيجة المعروفة».
مقابل ذلك، أوضح مصدر أمني لـ«الأخبار» أن «موزعين اثنين وعاملاً واحداً في معملي الكاتو والحلويات في القبّة وباب التبّانة أوقفوا بعد حادثة التسمّم، وأجريت معهم التحقيقات، قبل أن يُطلقوا بسندات كفالة، فيما أوقف 4 أشخاص على ذمّة التحقيق بعد حادثة التسمّم الأخرى التي أصيب بها 23 شخصاً في حفل زفاف أقيم في بلدة بقرصونا ـ الضنية الشهر الماضي بعد تناولهم لحم دجاج مشوي، وأُفرج عن الأربعة بالطريقة نفسها».