
مشاركة:
أظهرت المرحلة الثالثة من أعمال التنقيب اليدوية في المقبرة »الفينيقية« في صور، العثور على أكثر من مئة »جرة« فخارية فينيقية من مختلف الأحجام ،
بينها جرار كبيرة تحتوي على عظام للموتى وتعاويذ خاصة بهم.
تعطي المكتشفات التي ظهرت على عمق لا يتعدى الثلاثة امتار، معلومات مهمة ورائعة عن الوضع الاجتماعي للسكان الذين كانوا يعيشون في مجد صور الأكبر«، وفق رئيسة فريق التنقيب الإسباني ماريا خينيا اوبه. وتدل المعطيات الناتجة عن اكتشاف مئات الجرار الفخارية واللقى(أوان فخارية) على احد اهم الطقوس الدينية عند الشعوب، ولا سيما طريقة دفن الموتى عند الفينيقيين الذين كانوا يعمدون الى إحراق أجساد موتاهم ووضعها في تلك الجرار بطريقة هندسية رائعة تبرهن عن مهارتهم وحضارتهم.
واعتبرت خينيا أوبه »ان المكتشفات تبين التطور العقائدي للفينيقيين وامتلاكهم رؤية لحياة ما بعد الموت«، واستنتجت من خلال »أن العظام التي عثر على بعضها داخل الجرار تدل على ان الفينيقيين كانوا يتمتعون أيضاً بتغذية عالية واعتناء بصحتهم«.
وتقع المقبرة الفينيقية، الممتدة على عشرة آلاف متر مربع، عند الطرف الشمالي لموقع آثار البص إلى الشرق من مدينة صور، ويتألف الفريق الإسباني، القادم من جامعة برشلونة، من عشرين منقباً وخبيراً بإشراف المديرية العامة للآثار.
وأشارت خينيا اوبه الى »ان الجرار الفخارية المكتشفة على مساحة اقل من خمسين متراً مربعاً، تثبت ان الفينيقيين كانوا من اهل التجارة والعلاقات الاقتصادية من خلال استيراد قسم من هذه الجرار من مصر وقبرص.
ولفتت أوبه الى ان الاكتشافات تساعد الباحثين، الذين عملوا في المستعمرات الفينيقية السابقة في كل من اسبانيا وايطاليا وتونس وغيرها، في تحديد عدد اكبر من الطقوس والعادات عند الفينيقيين، لا سيما في ظل قلة الدراسات في الوطن الأم للفينيقيين، أي على الساحل الشرقي للمتوسط.
ويوضح مسؤول المواقع الأثرية في الجنوب علي بدوي ان موقع المقبرة كان مشرفاً على بحر صور وقد استخدمه سكان الجزيرة الفينيقية لدفن موتاهم من المدنيين لنحو خمسمئة سنة أثناء عيشهم في المنطقة الساحلية.
واعتبر بدوي أن أهمية الاكتشافات تكمن في أنها تعود إلى الفترة الذهبية للفينيقيين الذين استوطنوا الساحل الشرقي للبحر المتوسط. وتعتبر احدى اهم المصادر النادرة التي تزود الباحثين في العالم بمعلومات علمية عن الشعب الفينيقي وعاداته وتقاليده وطقوسه الدينية، ولا سيما عملية دفن موتاهم بعد إحراقهم.
وأشار إلى أن الجرار المكتشفة موضوعة بشكل هندسي حيث وضعت بجانب كل جرة كبيرة جرة صغيرة ، تستخدم الأولى لدفن عظام الميت والثانية لدفن روحه بحسب معتقداتهم الدينية، مؤكداً أن خبراء الأنتربولوجيا من الفريق الاسباني سيجرون مزيداً من الأبحاث حول العظام التي وجدت داخل الجرار.
ونتيجة الحجم الهائل للمكتشفات يحتاج استكمال التنقيب إلى عمل دقيق خلال الأشهر المقررة للأعمال من كل عام.
وأكد بدوي أن المكتشفات ستنقل الى التخزين، على ان تعرض في متحف صور الذي من المقرر ان تبدأ فيه الأعمال مع مطلع عام ٢٠٠٩ من ضمن مشروع الإرث الثقافي في المدينة.