
مشاركة:
«صفر» هو رقم موازنة مجلس الجنوب وصندوق المهجّرين،
تمهيداً للإلغاء، ما أثار حفيظة «الصديقين اللدودين» برّي وجنبلاط، اللّذين يستعد وزراؤهما اليوم «لتفجير» جديد داخل حكومة الوحدة، بعد «طوشة» صلاحيات نائب رئيس الحكومة الذي رفض أن يكون «موظفاً عند السنيورة»
تنعقد بعد غد الأربعاء الجلسة الثانية من «حوار بعبدا»، بعد 50 يوماً على الجلسة الأولى، كانت حافلة بجهود مصالحات، بعضها أُنجز، وبعضها تعثّر، والبعض الآخر وُضع على سكة الحل. والعين هذا الأسبوع على «جلسات» مجلس الوزراء، التي تنتظرها بنود «مفخخة»، كموضوع الموازنة والصناديق وصلاحيات نائب رئيس الحكومة التي لم تُدرج على جدول أعمالها. وفيما ذكرت معلومات صحافية أنه سيُطرح موضوع زيارة وزير الداخلية زياد بارود إلى سوريا على مجلس الوزراء من خارج جدول الأعمال، أعلن الأخير أن هذا الموضوع ليس مدرجاً في جدول الأعمال، إلا إذا ارتأى ذلك رئيسا الجمهورية والحكومة ميشال سليمان وفؤاد السنيورة. وأكد بارود ما نشرته «الأخبار» السبت، معلناً أنه تلقّى «دعوة رسمية لزيارة دمشق تأتي في سياق الصفحة الجديدة التي فتحت بين البلدين، وربما تتم خلال الاسبوعين المقبلين»، لافتاً الى أنه سيبحث مع الجانب السوري في إحياء اللجان الأمنية المشتركة لتفعيل التعاون على هذا الصعيد. كذلك أعلن السنيورة بعد لقائه في قصر بعبدا رئيس الجمهورية، الذي عاد من إيطاليا مساء الجمعة، أن الحكومة ستعقد خلال هذا الأسبوع جلستين إضافيتين، تخصّص إحداهما لمجلس الإنماء والإعمار. من جهته ردّ اللواء عصام أبو جمرا على قول السنيورة إنه بصدد إسناد «مهام معيّنة لمنصب نائب رئيس الحكومة»، فشدد على أنه ليس «موظفاً غب الطلب عنده»، مشيراً إلى أن «ما يمكن أن يقوم به من مهام يجب أن يكون ملحوظاً في تنظيم أعمال مجلس الوزراء». ومن المقرر أن يتوجه السنيورة اليوم إلى أنقرة على رأس وفد وزاري، في زيارة رسمية «يتخللها توقيع اتفاقية أمنية تم إعدادها مسبقاً»، حسب ما أكد الوزير بارود.
والتقى الرئيس سليمان السبت رئيس مجلس النواب نبيه بري، واستبقاه إلى مائدة الغداء.
إلى ذلك تتجه قوى المعارضة الى إعلان موقف واضح وحازم من مشروع الموازنة، في جلسة مجلس الوزراء صباح اليوم، وقد بقيت أطرافها على اتصال وتنسيق ليل امس لرفض بعض البنود، ولفرض تعديل في رؤية الموازنة للبعض الآخر، وسينضم الى وزراء المعارضة بحسب مصادر رئيس مجلس النواب نبيه بري، وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي، ويتوقع أن يقود الحملة الوزير غازي زعيتر الذي سيشدد أمام الوزراء قبل بدء الجلسة وبصورة منفردة، على ضرورة إعادة البحث في بنود الموازنة. وأبدى بري استياءه من موازنات عدد من الوزارات والمجالس، وخاصة وزارتي الزراعة والثقافة، وكذلك مجلس الجنوب وصندوق المهجرين، اللذان بلغت موازنتهما صفراً، مع اتجاه لإلغائهما، مقابل عدم إلغاء الهيئة العليا للإغاثة على رغم كل فضائحها، وعدم تقليص موازنة مجلس الإنماء والإعمار الذي بلغت موازنة فروق الأسعار في تلزيماته أكثر من 200 مليون دولار يدفعها المكلّف اللبناني.
وقال بري لـ«الأخبار» مساء أمس إنه ليس ضد إلغائهما، بل يرحّب بذلك، ولكن من يراقب الهيئة العليا للإغاثة، إضافة إلى أن من غير المقبول تقليص موازنات وزارات أساسية، وإبقاء وضع الهيئة مثلما هو. وأضاف: «هذه فرصة تاريخية، وعلينا التمسك بها، وإلا فسنبقى 10 أعوام أخرى نتحدث عن الإنماء المتوازن، وهم يقولون إنهم مع تطبيق اتفاق الطائف وأنا أيضاً متمسك بتطبيقه، وعلينا أن نبدأ من وزارة التخطيط للإنماء المتوازن».
وكان بري قد بحث مع رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري الذي زاره أمس في عين التينة، ملفات عدة. وقالت مصادره إن أولها كان اللقاء الذي جمع الحريري بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والذي أعلن أنه كان إيجابياً. بعدها تطرق بري الى النتائج الايجابية لحملة إزالة الصور والشعارات السياسية في بيروت، والتي أدت الى تخفيف الاحتقان والمشكلات اليومية بين المواطنين في الشارع، مذكّراً الضيف بأنه «سبق أن قلت إن 90 في المئة من المشكلات يمكن تجاوزها إذا رفعنا الصور». ودعاه الى متابعة هذه الخطوة في كل المناطق اللبنانية، وهو ما اتفق عليه الطرفان.
وأشار بري الى وضع مجلس الانماء والاعمار، سائلاً الحريري «ماذا تريدون من هذا المجلس؟ إنه فضيحة». بدوره انتقل الحريري إلى موضوع تفعيل شركة «أليسار»، مشدداً على أهمية الإسراع في أعمالها وإعادة إحيائها. فأجاب بري: «كنا قد اتفقنا في الماضي مع والدك رحمه الله على تفاصيل أليسار، ثم حصل تحوّل حين قرّر والدك إنشاء جسر فوق منطقة الاوزاعي، ورفضنا. أنا لست مهندساً، ولكن يمكن تفعيل العمل من جديد وبحث التفاصيل لدى المختصين» وهو ما اتفق عليه أيضاً.
بعد ذلك، جرى البحث في توسيع طاولة الحوار، فكرّر الحريري موقفه الذي يرى فيه أن لا داعي للتوسيع، فيما أعلن بري تأييده للتوسيع، من منطلق أنه بصفته رئيس مجلس النواب ألّف الطاولة من الكتل النيابية، وأن من حق رئيس الجمهورية اختيار ممثلين إضافيين. فرد الحريري بالقول: «الانتخابات ستحصل بعد ستة اشهر، وبالتالي فإن الممثلين على طاولة الحوار سيتغيّرون بحسب نتائجها». وهو ما فُهم منه أن فريق الأكثرية لن يبحث بأمور جدية قبل نهاية الانتخابات المقبلة. وبما أن بري وجد أن وجهات النظر متباينة حول الموضوع، اقترح البحث في توسيع الطاولة في جلسة الاربعاء للحوار برعاية سليمان.
وكان الحريري بعد لقائه بري قد جدد موقفه الرافض لتوسيع طاولة الحوار، مطالباً بأن يأتي أحد ويقنعه بأسباب التوسيع. ورأى أن «طاولة الحوار اليوم تمثل اتفاق الدوحة، فهل نطبّق ما يعجبنا من اتفاق الدوحة ولا نطبق ما لا يعجبنا منه». وسئل عن رأيه في تأييد البطريرك الماروني نصر الله صفير للتوسيع، فأجاب: «بالنسبة إلي فإن غبطة البطريرك هو ضمير لبنان والذي يقوله نأخذه بأهمية كبرى وجدية، ولكن غبطته يدعو أيضاً المسيحيين إلى المصالحة، وهذه يجب أن تتم قبل أي شيء، فلذلك قبل أن نقفز اليوم الى طاولة الحوار فلتحصل المصالحات وبعدها لكل حادث حديث». واستقبل الحريري مساء أمس في قريطم وزير الدفاع الياس المر.
صفير بدوره عاد امس من إيطاليا، منهياً زيارة امتدت لأسبوعين. ونفى في المطار أن يكون قد طلب من رئيس الجمهورية توسيع طاولة الحوار، مؤكداً أن لا رأي شخصياً له في الامر. وعن الاعتداء على سوريا، رأى أنه «في الحروب تحدث مثل هذه الأمور».
وأكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن مطلب الحزب «أن تتوسع طاولة الحوار هو مطلب جدي، لا نناور ولا نزايد فيه».
أما الرئيس نجيب ميقاتي فأعلن أنه ليس مع توسيع الحوار، مشيراً إلى أن «من الخطأ المراهنة على الحوار، فما ننتظره منه هو تبريد المناخات المتشنجة وليس نتائج حاسمة». في المقابل أعلن رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل أن «لا مشكلة في انضمام رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى الحوار، لكن من يقول إن المعارضة ستكتفي بذلك».
وأعلن الوزير طلال أرسلان أنه ينتظر «جواباً واضحاً من رئيس الجمهورية المعني بهذا الموضوع»، معتبراً أن طاولة الحوار الحالية «منقوصة».وبعد نشاط مكثف له في الضاحية والجنوب والبقاع، زار ممثل المرجع السيستاني، السيد جواد الشهرستاني الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، «وجرى بحث آخر التطوّرات في العراق ولبنان وفلسطين».
على صعيد آخر كرّم الاجتماع التاسع للجمعية العربية الاقتصادية المنعقد في القاهرة، الرئيس سليم الحص، الذي أعلن مكتبه الإعلامي أن الرئيس المصري حسني مبارك استقبله أمس.
كذلك التقى الحص رئيس الاستخبارات المصرية اللواء عمر سليمان.
الشيوعيون لن يساوموا في الانتخابات النيابية المقبلة
لن يصوّت الشيوعيون مجاناً في الانتخابات النيابية المقبلة، ولن يرضوا باستثمار الأصدقاء لموقف حزبهم. هذا ما يمكن استخلاصه من كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني خالد حدادة في الاحتفال بالذكرى الـ84 لتأسيسه، أمس، في الأونيسكو. فقد أكد حدادة أنّ معايير ثلاثة ستحدد الالتقاء مع القوى الأخرى، سواء في الحياة العامة أو الانتخابات.
والمعايير هي: القضية الوطنية، الإصلاح وبناء الدولة والمسألة الاقتصادية والاجتماعية. وأعلن حدادة استحالة الالتقاء مع قوى السلطة و14 آذار في هذه القضايا، لكن هناك التقاء جزئي مع التيار الوطني الحر في قضية الإصلاح، رغم تراجع هذا المنطق أمام النزعة الطائفية، من مطالبات بحماية الطائفة وحقوقها، إلى جانب برنامجه الاقتصادي الليبرالي. كما يلتقي الشيوعيون مع حزب الله في معيار القضية الوطنية ومواجهة الاحتلال والعدوان، إلا أنهم يرفضون مساومته على القضية الاجتماعية والاقتصادية.
وجزم حدادة بأنّ الشيوعيين «لن يكرروا تجربة التصويت المبدئي والأخلاقي، فقد توقفوا عن التبشير منذ تحوّل الكهنة إلى سياسيين»، طالباً من الشيوعيين التحصّن ضد الشائعات والترويج المفبرك. وأعلن أن قيادة الحزب وحدها ستخوض الانتخابات بما يناسب الحزب وحجمه، وإلا فإنه سيُحجم عن المشاركة.
هذا الموقف لم يمنع حدادة من طرح مبادرة لتوسيع المساحة المشتركة بين المعارضات الثلاث (التيار الوطني الحر، حزب الله والشيوعي) والاتفاق على حدٍّ أدنى من التوافق على المعاير الثلاثة الآنفة الذكر. ورأى أنّ اتفاق كهذا سيكون أساساً لتفاهم سياسي وانتخابي. وإذا لم يحصل فسيبقى الشيوعيون منفتحين على التقاطعات الانتخابية. وتطرّق إلى الحوار، فرأى أن المشكلة تكمن في أهدافه واستهدافاته ونظرة الأطراف المشاركة فيه إلى الأزمة. فهي تخلط عن قصد بين مفهومي «منع الانقسام» و«إعادة توحيد البلد»، ويفترض المتحاورون أنّ الأزمة بسيطة، فيما هي تطال الكيان نفسه، ولن تحلّ إلا بهيئة حوار إنقاذية «تعيد صياغة أسس بناء الدولة الوطنية».