
مشاركة:
لا يزال لبنان تحت تأثير الكتلة السياسية الباردة التي هبّت عليه وادت الى تجميد الاوضاع السياسية فيه ومنعها من تسخينها وزيادة حماوتها،
وهذا ما انعكس على عدد من اللقاءات والتصاريح خصوصاً منها على الساحة الاسلامية التي خطت خطوات بارزة في هذا المجال، وينتظر ان تستكمل هذه المصالحات بلقاء بين ‘حزب الله’ والنائب وليد جنبلاط بدأ العمل على تحضير ارضيته وتعبيد الطريق من خلال طرف ثالث هو رئيس مجلس النواب نبيه بري.
ولكن، مع هذه الاجواء الباردة التي جمّدت الاوضاع على الساحة السياسية، كان هناك حديث عن ‘حماوة’ لافتة في الوضع الامني. وفي حين لم يتم الحصول على ادلة ملموسة تؤكد او تنفي هذه الاقاويل، لم يكن بالامكان اغفال الكلام الصادر من اكثر من جهة حول خطورة الوضع الامني في لبنان. فبعد الاعلان السوري منذ فترة عن وجود متشددين في الشمال، الى القاء القبض على خلايا ارهابية على يد الاجهزة الامنية اللبنانية، سرت شائعات عن ان لبنان كان على حافة خطر امني كبير، وان هذا السبب الحقيقي الذي دفع بمصر الى ايفاد نائب رئيس الاستخبارات فيها عمر قناوي الى لبنان لتوجيه هذه الرسالة الى مختلف الفرقاء والتأكيد عليهم بوجوب التزام التهدئة وعدم التفريط بما تم التوصل اليه على صعيد الوضع السياسي، والذي سينسحب على الاشهر المقبلة ليشهد لبنان فترة انتقالية نيابية هادئة كفيلة بارساء مرحلة جديدة تريحه من جهة، والمنطقة بأسرها من جهة اخرى.
الا ان اوساطاً لبنانية استغربت التطرق الى هذا الموضوع بهذا الشكل، واذ لفتت الى انها لا تملك معلومات اضافية عما تردد عن وجود خطر امني، استبعدت ان يكون قناوي قد حذر الاطراف اللبنانية كلها من هذا الامر. واعتبرت هذه الاوساط ان قناوي يمكنه ان يتكلم بهذه المواضيع مع الموالاة او الاكثرية بحكم قربها من مصر، ولكن اي كلام منه مع المعارضة في هذا السياق، سيتم فهمه وكأنه اتهام لها بالتحضير لشيء ما، ومن الطبيعي الا يكون قناوي بهذا الوارد ابداً، والا لما كان جال على كل الافرقاء، ما يعني انه كان يحمل في جعبته اموراً سياسية اكثر منها امنية. وتابعت الاوساط انه لو كان الحديث المصري امنياً فقط، لكان يجب ان يصب في خانة المتشددين الذين باتوا يشكلون الخطر الحقيقي بالنسبة الى لبنان والعالم اجمع.
ولم تعلق الاوساط على اتهام رئيس الهيئة التنفيذية لـ’القوات اللبنانية’ سمير جعجع قوى 8 آذار بالتحضير لـ’هواية’ التلاعب بالوضع الأمني عشية الانتخابات، مشيرة الى انها لا تملك النعطيات التي يملكها جعجع، ولكنها اوضحت ان مثل هذه الاجواء لا تساعد على احتواء الاوضاع الامنية، بل تؤمن لها اجواء اضافية للعم بحرية وقد تكون خافزاً لها للاستمرار، فيما يدعو الواجب الى مؤازرة الجيش اللبناني والقوى الامنية ومحضها كل الثقة وتأمين الجو السياسي لها للعمل دون قيود تحد من تحركاتها واجراءاتها، خصوصاً بعد ان اثبتت قدرتها على العمل حين تخف اجواء الاحتقان السياسي الذي يحوّل انظارها عن الاخطار الحقيقية التي تهدد لبنان.
ومن المؤكد ان كلام جعجع لن يساعد على تهيئة سليمة للجولة الثانية من الحوار والذي يتوقع ان يتم فيه بحث مسألة توسيع طاولة الحوار، والحديث عن موضوع الاستراتيجية الدفاعية المثلى لمواجهة اسرائيل والاخطار المحدقة بلبنان.
وفي مطلق الاحوال، فإنه من غير المتوقع ان تخف حدة الكلام الاعلامي على الاقل خلال الفترة المقبلة، لا بل على العكس، من المرجح ان تزيد اسهمه كلما اقتربنا من موعد الانتخابات النيابية، واذا ما تم بالفعل الموافقة على تخفيض سن الاقتراع الى 18 عاماً، فلن يتم العمل به في دورة الانتخابات المقبلة، وهو سيكون محط سجال وجدل وتجاذبات منها ما سيأخذ طابع الطائفية ومنها ما سيتطرق الى الواقع الديموغرافي الذي لا يصب في مصلحته، فيما سيفاخر البعض الآخر بأنه هو من كان وراء اقرار هذا الحق، وكلها امور تدخل في نطاق الحملات الانتخابية واستقطاب الاصوات.